الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

النماص .. نموذج لتطبيق سياسة السياحة الريفية – بقلم أ. سهام الشهري

النماص .. نموذج لتطبيق سياسة السياحة الريفية – بقلم أ. سهام الشهري

استعرضت ورقة بحث كورية 2015م نشرت في مجلة إدارة السياحة، دراسة اقتصادية عن مخرجات البرامج الإنمائية الوطنية التي اعتمدتها الحكومة الكورية الجنوبية لتنمية سياسات السياحة الريفية في المناطق الريفية في البلاد، وعن نتائج دعم زيادة الدخل غير الزراعي للمزارعين والبرامج التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على ترقية وزيادة فرص الدخل غير المعتمد على الزراعة، وهذه الورقة نشرت عبر موقع ساينس دايركت لمن يريد الاطلاع. رصدت الورقة نتائج جيدة عن برامج التنمية العامة التي وظفت في المناطق الريفية في كوريا والتي ركزت بشكل خاص على قياس أثر مخرجات المشاريع الداعمة لرفع مستوى الدخل لدى المزارعين غير الدخل الزراعي. لو نظرنا لداخل المملكة فإننا سنجد العديد من الأرياف متوزعة في شتى مناطق المملكة تبعا لتنوع ثرائها الجغرافي ولغنى تلك المناطق الريفية بالموارد الزراعية والثقافية والتاريخية ولجمال الطبيعة الخلاب فيها، ولكن لو أخذنا النماص كأكبر مدينة ريفية في المملكة وكنموذج لاعتبار أنها عاصمة الضباب في المملكة فطقسها البارد على مدى العام يجمع بين طقسي عاصمة الضباب العالمية لندن وعاصمة الأزياء المشمسة باريس، ولاعتبار بعدها لحد الآن عن ضجر المصانع والتلوث البيئي ولسهولة الأرض برغم وجودها على أعلى مرتفع جبلي عن سطح البحر الأحمر ولتوفر مساحات زراعية ثرية بأصناف النباتات والأشجار وتحوي مدرجات زراعية ضخمة في ثنايا جبالها لا تزال منتجة لمحاصيل القمح والحبوب بأساليب زراعية متقدمة. وقد اكتسبت سمعة سياحية جيدة على المستوى العربي خلال العقود الماضية كما أن بناها التحتية ووصول مد التعليم الجامعي إليها محفزات كثيرة تخولها لأن تخرج منها وتطبق فيها صياغات لسياسة السياحة الريفية من شأنها خدمة باقي أرياف المملكة. إن وضع معايير علمية لدراسات بحثية من أجل إنشاء سياسات خاصة بالسياحة الريفية سيسهل إعادة اكتشاف موارد ريفية اقتصادية قيمة تم تجاهلها في عمليات التحديث للاقتصاد العالمي. فالسياحة الريفية ستعطي فرصة لاكتشاف رؤى أكثر عمقا للمزارعين وصناع القرار لتبني منظورات أوسع من مجرد التركيز فقط على المنتجات الزراعية. فموارد السياحة الريفية ومردوداتها لا تقتصر في الإنتاج الزراعي فقط، إنما تشمل الأنشطة الريفية الشاملة ونمط الحياة ووسائل الراحة الريفية التي تجذب الناس من كل المناطق الحضرية والصناعية المرهقة للرفاهية الروحية، وكذلك لا يمكن إغفال جوانب السياحة الريفية الجاذبة الأخرى كالمباني التاريخية والفنون الشعبية والطبيعة والمناظر والآثار والمتاحف. وفضلا عن ذلك فلا تزال هناك صلاحية لاستعادة نمط الحياة الريفية الماضية في أساليب الزراعة والحصاد كأساليب جاذبة للسياحة تمارس في الحقول وباقي مظاهر الحياة الريفية التي قد تزيد من دخل المزارع والتي تجذب السائح الدولي اليوم في أرياف الصين وضواحي العاصمة الكورية سول وغيرها من أرياف العالم. صناعة سياسة ريفية للمناطق الريفية التي تمتاز بها بلادنا، ستضمن إيرادات اقتصادية غير زراعية تشمل تنوع الوظائف: كتوفير فرص وظائف زراعية واقتصادية واجتماعية وتعليمية وبيئية وصحية وبحثية وابتكارية وسياحية. والاهتمام بصناعة سياسة متخصصة لسياحة الأرياف مكون أساسي لدول العالم الأول لأنها تمثل الانتقال من الاقتصاد الإنتاجي إلى الاقتصاد المعتمد على استغلال تلك الأرياف (Wood,2005:172) ما أود أن أشير إليه هو أنه منذ تولي سمو وزير السياحة الأمير سلطان بن سلمان حفظه الله ملف السياحة الداخلية وهناك جهود مباركة وملحوظ في شأن تطوير أعمال السياحة الداخلية، كما أن المملكة العربية السعودية لديها جغرافية مهولة في تنوعها لدرجة أنه لا يمكن الجزم بأن عاصمة الجمال مدينة النماص هي الوحيدة التي يمكن أن يشار إليها بأنها فقط أفضل المناطق الريفية في المملكة، إلا أن كبر مساحتها وبعدها عن الفوضى الصناعية ولوثها يجعلها أكبر الأرياف الحالية التي لا تزال تتمتع بطبيعة خلابة صحية، أتمنى أن تصدر قرارات رسمية تمنع تمدد المصانع لتلك المناطق، كما تمتد على مساحات ممتازة واسعة على سفوح الجبال وتهبط بها نحو الساحل والذي يمكن أن يجعل من النماص طريقا سياحيا لا ينتهي بالرحلة إلا على البحر الأحمر مرورا بالغابات والقرى المتسترة خلف الضباب ثم نزولا من بين القلاع والحصون والمدرجات الزراعية والأشجار الجبلية حتى الساحل البحري.

مقالك2

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *