الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

حاضرا وإن غاب – للكاتب أ. عبدالله ال فلاح الشهري

حاضرا وإن غاب – للكاتب أ. عبدالله ال فلاح الشهري

 

 

 

 

الإيمان بالقضاء والقدر من الثوابت التي نسير عليها في كل أمور حياتنا ونؤمن بها دون شك أو ريب ، والموت حق وكل نفس ذائقة ذلك ، والأجل مكتوب ، ولكن رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز قدر مفجع مؤلم ، والدموع التي ذرفتها أعين الجميع دون استثناء أمر يجب التوقف عنده بشيء من التأمل . . 

  

مناقب الفقيد أكثر من أن تعد أو تحصى في سطور ، لذلك لن أحاول سردها هنا لأنها معروفة بالأدلة والبراهين ، ولكني سأركز الحديث عن حجم الفاجعة الكبيرة في نفوس العامة بوصف شيء من المشاهدات التي تعايشنا معها منذ دوي خبر وفاته كالصاعقة في الآذان وانفجار إحساس الأسى ومشاعر الحزن في النفوس.

 

أن يبكي طفل لم يتجاوز السابعة بحرقة لوفاة رجل لم يراه إلا عبر شاشة التلفاز ! عطفا عن آهات الكبار وتعاطف العالم أجمع ، فهنا هيمنة الحب التي لم تتوقف في إطار الجزيرة العربية بل تعدت الحدود وامتدت لكل الشعوب في شتى بقاع الأرض.

 

ما أصاب السعوديين من ذهول لم يكن ليصيبهم بمفردهم ، بل تفاعلت معه مجمل الوسائل الإعلامية العالمية من خلال التعايش مع هذا المصاب الجلل الذي فقد من خلاله رجل لقب بملك الإنسانية والملك العادل فهو لم يصادر حقوق أحد قط ، بل كان أقرب الناس للناس فتجسدت له قيمة كبيرة في القلوب من خلال شخصيته العظيمة حتى اتفق على حبه الأعداء قبل الأصدقاء فسمع صيته في كل الأرجاء وبانت نيته الصادقة كصورة مشرقة تضيء الطريق لكل ظلام.

 

لم يكن ذلك الرجل مجرد ملك فحسب بل كان أبا لكل صغير وأخا لكل كبير ويدا بيضاء تعطي كل فقير وتمسح دمعة المسكين ، ولم يكن جوده لشعبه فقط بل لكل الشعوب ، فاتسم بالعقل الراجح والرؤية واسعة الأفق ، والسير على نهج الحكمة منذ نشأته وحتى لقي ربه ، وكانت الحقبة الزمنية التي تولى فيها الحكم مليئة بالمبادرات على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي ، وتعامل باتزان وفطنة مع كل الأزمات من حوله ، وكان زعيما يحرص على حب الآخر والتعايش معه من أجل تعميم السلام في كل شبر من الأرض فاستحق بذلك أن يبقى حاضرا وإن غيبه الموت مخلدا بسيرته العطرة وتاريخه المشرف.

 

وأخيرا لن ننسى عندما قال الملك الراحل (لا تنسوني من دعائكم) ؟ نحن بالفعل نتذكر ذلك جيدا وسنبقى ندعو له ما حيينا ، فقد رحل جسده وبقيت صنائعه تملأ صفحات التاريخ ، ليعيش رمزا خالدا يمثل مدرسة خاصة تتعلم منها الأجيال القادمة.

 

 

 

 

مقالك36

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *