علاقة الإنسان في هذه الحياة ذات بعدين أحدهما علاقته الروحية بخالقه تبارك وتعالى بكافة أشكالها والتزاماتها وهي في الأساس مبنية على المسامحة – فالله بلطفه وكرمه غفور رحيم – والثاني علاقته بالناس وهذه مبنية على المشاحة أي ان كل أنسان ضنين بما لديه حريص على استيفاء حقه من الآخر ولو أدى ذلك إلى انهيار بنيان العلاقة بين الطرفين على أمور لا تستحق إزهاق روح الاخوة وفصم عرى المودة .
وفي رمضان ,هذا الشهر الموسوم بالكرم , نجد الفرصة مواتية لترميم ما انهدم ورأب ما تصدع من علاقات سواء كان بين المخلوق وخالقه أو بين الناس أنفسهم .
فكثيرا ما نشاهد تارك الصلاة وقد مد حبلاً من الوصل بينه وبين المسجد وهاجر القرآن وقد اتخذه خليلاً وأنيساً ونجد مانع الزكاة يستفتي ويسارع في الوصول الى أنجع الطرق لايصال زكاته للمعوزين إلى غير ذلك من ابواب القرب التي يحبها الله عز وجل .
وفي مجال العلاقات الانسانية نلحظ تغيرا كبيرا في سلوك الناس فصلة الرحم تنشط في هذا الشهر المبارك والتواصل بين الجيران والاقارب يعتبر سمة من سمات رمضان فنجد تبادل أسباب المودة وبواعث المحبة نشطة على غير العادة ولو بطرق بسيطة كرسالة هاتفية أو طبق رمضاني أو مصافحة حارة أو زيارة مفاجئة دافعها الود والتواصل .
إنها فرصة مواتية لمن كان بنيانه الروحي أو الاجتماعي متصدعا أن يعيد ترتيب أوراقه في رمضان ويعمل جاهدا على لملمة شعث روحه المتناثرة بين أودية الحياة الموغلة في التصحر متيحا الفرصة للحب والتواصل والتعايش والتسامح لتكون هي عدته وعتاده من الآن . فلا مجال للكره ولا فرصة للتباغض والتدابر ولا وجود للتنافر ورفض الآخر بل التعايش في جو من المحبة والسلام والوئام وعليه فليبادر كل من كانت بينه وبين أخيه شحناء أو تقاطع أو مظالم إلى الأوبة السريعة والصفح الجميل واسشعار ماهو خير وأبقى مسترشدا في كل هذا بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يولي رمضان عناية فائقة ويظهر فيه من أبواب الإحسان مالا يظهره فيه غيره .
إن من مظاهر رمضان الجميلة مشاريع تفطير الصائمين والتي تعتبر بحق شامة يفتخر بها كل من شارك فيها إذ أنها تظهر اهتمام المسلمين ببعضهم وحنو الغني على الفقير وشفقته عليه وتزيح عن النفس سرابيل الكبر والتعالي وتلبسه ثياب الرحمة والانكسار ولين الجانب وهذا أحد معاني الصيام العظيمة وحبذا لو شملت غير المسلمين كنوع من تأليف قلوبهم وحضهم على التعرف على هذا الدين العظيم .فهدف الصيام ليس الحرمان من الطعام والشراب وانما امتثال أمر الله بالصيام ثم استشعار ما يعانيه المسلم الفقير الذي لا يجد ما يأكل ومن ثم مشاركته هذه المعاناة ومد يد العون له .
الكاتب أ. عمر آل عبدالله الشهري .. مشرف اللغة الإنجليزية بتعليم النماص
التعليقات