الحراك الثقافي والفكري المبني على التواصل الاجتماعي فوق صفحات (الفيس بوك) أغري هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سبر أغوار زوايا العالم الافتراضي , والانتقال إلى عالم ٍ أكثر تلوّناً وتموّجاً فالخصوصية الفكرية والعقلية في أوراق الفيس بوك أوعز للهيئة بامتطاء الضوء والنزول إلى ميادين افتراضية قد لا تحسن الهيئة الموقرة التعامل معها إن هي حضرت بذات الأدوات (الصارمة) في الدفاع عن محراب الفضيلة, فالهيئة شريك مثالي في الارتقاء بالأخلاق والقيم والسمو بهما إن أحسنت الظن في الآخر وتخلّت عن نصب محاكم (جلد الفكر) لمن يختلف معها. فاستحضار أدوات عقلانية للحوار والتعاطي مع الحالة الفكرية السائدة في ردهات الشبكة العنكبوتية وصهرِهِ في قالب حضاري قد يُعطي الهيئة وهجاً مختلفاً ويُلغي الصورة النمطية السائدة عند الفريق المناهض لسقطات الهيئة المتكررة. وهو تحرر من قيود (الميدان) إلى عالمٍ يعج بكثير من الافتراضات والتي قد لا تروق للهيئة, فيأخذها الحنق والغضب مما يدور في صفحات الأصدقاء فتعلن العودة للأسلوب التقليدي في بث رسائل النصح المتعاقبة وربما اقتحام أسوار (الصفحات) لتهذيب الأخلاق وردم الرذيلة المنسوجة في الظلام !
ولكن هل كل المتصفحين سيقبلون بالهيئة صديق ينضم إلى قائمة الأصدقاء لديه ؟ هنا يصعب على (الثلاث مئة) عضو المتدرب من أفراد الهيئة على التعامل مع منظومة (الفيس بوك) في ملاحقة صفحات تزيد أرتالها الامتدادية على الملايين من الأروقة المتكدّسة بالبشر, إن هي قررت الاقتحام والملاحقة !
فسقف الحرية عالٍ في زوايا (الفيس بوك) والردود في طرح القضايا الاجتماعية غير محكوم بأدوات السيطرة التي تعهدها هيئتنا الفاضلة, لأن الفضاء يتنفس الحرية والمعرّفات المستعارة صفة تغلب على مرتادي (الصفحات الزرقاء) !
ومنهم من يجد له مساحةً لقول ما يشاء وعرض ما يشاء فهو المتحكّم بأداوت صفحته وإدارتها, وربما إن طفح الكيل بهم من عضو الهيئة المنضم إلى قائمة أصدقائهم فقد يُعطى عضو الهيئة الناصح (بلوك) , ليجد اسمه خارج منظومة الأصدقاء!
كل هذه الافتراضات واردة الحدوث في عالم امتداديّ مليء بالصخب والتجاذب الفكري والسلوكي.
أما صفة (أعجبني) المركونة في أعلى الصفحة إن استعانت بها الهيئة فربما ستحظى بقدوم الكثيرين ممن يهتمون لشأنها وعملها , ولكنها مطالبة في الوقت ذاته بمناقشة قضاياها الميدانية وطرحها أمام (المعجبين) بصفحتها وأن تقبل كل الآراء ولا تعجب إن وجدتْ أكواماً من الردود قد امتلأت بالضجر والسخط من حادثة (ما) كان لقصور الهيئة وتهورها دور في حدوث فاجعتها كما حصل غير مرة !
الفيس بوك يا هيئتنا الفاضلة عالم يتمدد ويتلّون فلا تسكنكم الغرابة إن وجدتم صديق قد أبدل معرّفه باسم غير لائق وأضاف له صورة غير أخلاقية وانتشر في زوايا صفحاتكم دونما رحمة ! لا أعتقد أن الهيئة في هذه الحالة ستأخذ بالطريقة التقليدية الميدانية في ملاحقة أولئك المتلوّنين.. حتى تنل منهم , فالفيس بوك ليس للسعوديين فقط !
محمد الشهري
أديب وناقد
التعليقات