السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

د. غيثان بن جريس – في لقاء خاص مع صحيفة “آفاق” جامعة الملك خالد

د. غيثان بن جريس – في لقاء خاص مع صحيفة “آفاق” جامعة الملك خالد

.

س1/ أ د. غيثان بن جريس الاسم غلب على مؤلفاتك وشهرتك ولكن الكثير يجهل إلى أي القبائل تنتمي، وما هو السبب الذي جعلك تلتزم بهذا الاسم في جميع أعمالك العلمية ؟

– اسمي الكامل غيثان بن علي بن عبد الله بن جريس الجبيري الشهري، وكوني أعمل في البحث والدراســـة والتأليف منذ (27) سنــة، فهــناك من يدعوني أو يراسلني أو يهاتفني باسم غيثان العمري أو القرني أو الشمراني، وذلك لأن اسم غيثان ينتشر بكثرة في قبائـــل بني عمــــــــــرو وبلقرن وشمران، ونادراً تجده في أي منطقة أخرى. وسبب تسميتي غيثان لأن والدتي عمرية من قرية آل مقبول التابعــة لقبيلــة بني كريــــــم، والتي تقـــع شمال مدينـــة النماص بحوالي ( 6/7كم ). وعنـــد ولادتي في قريـــة والدتي عام (1379هـ/1959م) كان لوالــــدتي وجدتي لأمي القــــــرار في تسميتي بهذا الاسم، وبقيت في ديار والدتي العمرية حتى أصبح عمري خمس سنوات، ثم انتقلت إلى قريـــة آل رزيق الشهريـــــة التابعـــــــــة لقبيلة بني جبير، التي تقع إلى الشمال من وسط مدينة النماص بحوالي (2/3كم ). فأنا أصلاً من أب شهري جبيــري، وأم يعـــــــود نسبها في قبيلة عمرية كما أسلفت. وهذا ربما السبب في اعتقاد كثير من الناس إني من الديار العمريـــة أو الشمرانية أو القرنية. أما تــــــدوين اسمي كما هو ظاهر على مؤلفاتي وأبحاثي فهو أساساً اسمي واسم والدي ثم اسم جدي (جريس) ، وعلى هــــذا التزمت بهذا الاسم منـــذ دخلت المدرســــة عام (1384هـ/1964م)، وبقيت أتسمى بهذا الاسم الثلاثي أثناء دراساتي الجامعية، وبعد دخولي عالم البحث والدراسة والتأليف.

س2/ ما هي المصادر والمراجع التي تعتمد عليها في بحوثك ودراساتك، وهذا مما جعلك تدون وتؤلف مئات الكتب والدراسات والبحوث ؟

– يجب أن تعرف أن دراستي داخل السعودية ثم سفري إلى أمريكا ثم بريطانيا لنيل درجتي الماجستير والدكتــــــوراه أفادني كثيراً جــــداً ، فقــــد تعلمت اللغة الإنجليزية بشكل جيد، وكذلك درست بعض اللغات الأوربية الأخرى، ثم أنني جمعت الكثير جداً من المصادر والمراجـــع الأجنبيــــــة أثناء إقامتي في أمريكا وأوربا حوالي عشر سنوات، ناهيك عن المصادر والمخطوطات والوثائق العربيـة التي حصلت عليها أيضاً أثناء تجوالـي وتنقلي في بلدان أجنبية وعربية، وهذا كون عندي مكتبة جيدة في معارف وعلوم مختلفة وليس في علم التاريخ فقط . أما المصادر والمراجــــع التي اعتمدت عليها في بحوثي ودراساتي فهي تختلف حسب عنوان وموضوع الكتاب والدراسة. ولو نظرت في معظم مؤلفاتي وبحـوثي وجدتها تدور حول عدد من المحاور الرئيسة مثل: أ ـ كتب وبحوث في التاريخ والحضارة الإسلامية منذ القرن الأول إلى العاشــــر الهجريين. واهتمامي بهذا الجانب لأن دراستي وابتعاثي من فـــرع جامعة الملك سعــــــود في أبها عام (1401هـ/1981م) كان في مجال التاريخ الإسلامي المبكــــر والوسيط ، وبحكم التخصص بحثت وألفت ونشرت عشرات الكتب والبحوث في هذه العصور الإسلامية . ب ـ كما قمنا بتأليــــــف بعــــض الكتب والدراسات في علم الاستشراق والمستشرقين، وإيضاح بعض الجوانب الإيجابية والسلبية لبعض المستشرقين ودراستهم التراث الإسلامي. ج ـ كتبنا وألفنا في بعض الجوانب التاريخية الخاصة بالأقليات الإسلامية في العالم، وهناك بحـوث أخرى عن الانتشار أو الوجـــــــود الإسلامـــي في بعض أصقاع الكرة الأرضية مثل: إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند وغيرها. د ـ ولنا عشرات الكتب والبحوث والدراسات في التاريــــــــخ الحديث والمعاصر في الجزيرة العربية وبخاصة بعض بلـــدانها الجنوبية مثل : الطائف، والقنفذة، والباحة، وعسير، وجازان ، ونجران… مـــن خلال هذا السرد السريع لبعض اهتماماتنا البحثية والعلمية فالمصادر والمراجـع الخاصــــــة بكل بحث أو كتاب أو دراسة تختلف من موضــــوع لآخر، فإذا كانت العناوين المدروسة  في العصور الإسلامية المبكرة والوسيطة فالمصادر والكتب التراثية الإسلامية الأولى هي الأساس فــي تلك الدراسات بالإضافة إلى بعض الكتب والمراجع الأجنبية والعربية الحديثة التي لها علاقة بكل موضوع أو عنوان نرغب بحثه أو دراسته . كما أن المخطوطات هي الأخرى من المصادر الهامة في الدراسات الإسلامية المبكرة والوسيطة ، أما البحث والدراسات في العصر الحديث والمعاصـــر فالوثائق غير المنشورة هي الأساس والأهم في دراسة أي موضوع خلال هذه الأزمنة الحديثة والمعاصر، بالإضافـة إلى المراجـــــــع والبحــوث الحديثة فهي الأخرى مهمة للاستفادة منها في أي موضوع ؟ منذ القرن العاشر إلى القرن الخامس عشر الهجريين .

س3/ كم تستغرق في تأليف البحث أو الدراسة أو الكتاب الواحد ؟

 البحث أو الدراسة أو الكتاب تختلف حسب سهولــة الموضوع أو صعوبتـــه، وحسب حجــم الدراســـة ومصادرها ، فهناك دراسات تتــــــراوح صفحاتها من ( 20 ـ 50 ) صفحة ربما تستغرق في إنجازها من (3ـ7 ) شهور، وهناك ( كتب كبيـــرة تتراوح صفحاتــها من ( 300 ـ 700 ) صفحة تحتاج في جمع مادة الكتاب الواحد ثم تدوينه إلى زمن يدخل في السنوات، فهناك كتاب ربما قضينا في تدوينه سنة وآخـــر سنة ونصف، وهناك كتب استغرق تأليفها إلى سنتين وثــلاث مثل: كتاب نجران الجــــزء الأول، أو كتاب الوجــــود الإسلامـــي في أرخبيل الملايو ( إندونيسيا وماليزيا أنموذجاً )، ولدينا كتاب عن الوجود الإسلامي في الصين نعمل على جمع مادته منذ ثلاث سنوات، فصعوبة الموضوع، وحجــم الدراسة ، وتوفر المصادر والمراجع تتحكم في طول مدة التأليف وقصرها .

س4/ كم وصل عدد مؤلفاتك ؟ وماذا تتحدث عنه بشكل عام ؟

– ربما أشرت في إجابة سؤال سابق إلى أهم المجالات التي تدور كتبي وأبحاثي في فلكها، أما عــدد مؤلفاتي ودراساتي وتحقيقاتي فقـــد تــجاوز تقريباً مئة وعشرون كتاباً وبحثاً ودراسة ( والحمد لله ).

س5 / نرجو التحدث بإسهاب عن تاريخ الأدب والشعر في منطقة عسير، وأيهما كان موجوداً وأقدم بالمنطقة الشعر المحكي أم الفصيح ؟

– سؤالك هذا يحتاج إلى مجلدات ، ولكن إذا تأملنا في تاريخ منطقة عسير وما جاورها الأدبي منذ ما قبل الإســــلام ، وخلـال العصر الإســــلامي المبكر والوسيط وبداية العصر الحديث، فإن منطقة عسير، وهو اسم حديث، أو ما يعرف قديـماً ببلاد جرش أو تباله وما جاورها من الحـــواضر والبلدان قد ظهر فيها شعراء يقرضون الشعر العربي الفصيح وبخاصة في العصر الجاهلي مثل: حاجز الأزدي، وسليك بن السلكه ، والشنفرى، وعمرو بن معدي كرب  الزبيدي وغيرهم، ومن يرجع إلى كتب التراث الإسلامي مثل: كتاب الأغاني للأصفهاني، أو كتب ابن قتيبة أو الجاحظ أو الثعالبي وغيرها فسوف يجد الكثير من أشعار أولئك الشعراء الفطاحـل، وعنــد مجيء الإســـــلام حتى امتــــداد العصر الإسلامــي إلى القـــرن ( 12هـ/18م) نجد أيضاً ذكراً لبعض الشعراء، ومنهم من ينتسب إلى قبائل المنطقة وآخرون قدموا إلى سروات وتهامة عسير من بـــلاد الحــجاز أو اليمن والشيء المؤسف أن حقب التاريخ الجاهلي والإسلامي المبكر والوسيط لم تدرس وبخاصة في مجال الأدب والتاريخ  والحضارة. وكــل ما ورد ذكره يدور في فلك الأدب والشعر الفصيح، أما الشعر النبطي خلال العصر الجاهلي والقرون الإسلامية العشرة الأولى فلم أقـف حتى الآن على أسماء شعراء نبطيين شعبيين، ولم أجد تراث يدون في هذا الجانب. أما في العصر الحديث منذ القرن الحـــــادي عشر الهجـــري حتى وقتنا الحاضر فنهاك شذرات من الأدب والأشعار العربية والنبطية، لكن لا يوجد حتى الآن دراسة علمية أكاديمـة جمعت تراث هذه الفترة ثــم دراستها ، مع العلم أن هناك الكثير من الأشعار، والأهازيج المتناثرة في بعض المدونات، بل أن هناك حكـــم وأحاجـــي وأشعار يتناقلها الناس بالروايــــة الشفاهية. وسؤالك أيهما أقدم في المنطقة الشعر الشعبي أو الفصيح، أنا أعتقد أن الفصيح هو الأقدم، ولا تخلــــو البلاد أيضاً قديــماً من الأشعار والأقوال والأهازيج الشعبية. ولو نظرنا في ميدان الشعر الشعبي خلال القرنين الماضيين نجده أكثر انتشاراً بين الناس من الفصيــح ، بـــل كان هناك شعراء نبطيين مشهورين في أشعارهم وأقوالهم وحكمهم ورواياتهم، وكوني أعمل في مجال التاريخ منذ أربعين عاماً فالشعـر النبطي يُعــد من المصادر التاريخية الهامة التي يجب الاستفادة منها في العصر الحديث والمعاصر، نعم إن الشعر النبطي ربما يشوبها الكثيـر من المبالغـــات والخيالات لكنه لا يخلو من إيماءات وروايات وأقوال تفيد التاريخ والمؤرخين. ونرى ونسمع بعض الأكاديميين والمثقفيـــن يحاربون الشـــــــعر النبطي ويقولون أنه يؤثر على ضعف اللغة العربية، وربما في أقوالهم نسبة من الصحة، لكن ليس الشعر الشعبي الوحيد اليوم الذي يــؤثر على اللغة وإنما أصبح هناك وسائل كثيرة صارت أشد أثراً وفتكاً باللغة العربية، ودراسة الشعر والأدب والتراث اللغوي في المنطقة من الموضوعات الهامة والجديرة بالبحث والدراسة، وهذه مسؤوليات الأقسام والكليات والمراكز العلمية المتخصصة، ونأمل أن نرى من أبنائنا وطـلابنا وزملائنا الأكاديميين من يولي هذا الجانب اهتماماً كبيراً في بحوثهم ودراساتهم وندواتهم ومؤتمراتهم .

س6 / ماذا تحفظ من أجمل أبيات وقصائد شعراء منطقة عسير ( الشعبي والفصيح ) ؟

– نحفظ بعض القصائد والأبيات العربية والشعبية، ولكن السؤال الأهم من ذلك كيف نرى الشعــــر الفصيح والنبطي المدون عن منطقـــــة أو في منطقة عسير؟ ومن يقوم بجمع أشعار المنطقة وبخاصة خلال القرنين الماضيين فإنه سوف يجد كما لا بأس به من الأشعار العربيــة والنبطيــة، والشعبية تكاد تكون الأكثر، وهناك العديد من الكتب التي صدرت خلال الأربعين سنه الماضية بعض من الأشعار العربيــــة والكثيـــر من الأشعار النبطية ، ولازالت البلاد بحاجة إلى جمع شعرها بشكل علمي ثم دراسته دراسة أكاديمية علمية، وقد اطلعنا  خلال العشرين سنة الماضيـــة على بعض الكتب المطبوعة والمنشورة وبخاصة في مجال الشعر الشعبي فوجدناها تعكس بعض التواريخ والأحداث السياسيــة والحضاريــــــــة التي عرفتها منطقة عسير أو جنوبي البلاد السعودية خلال القرنين الماضيين، كما أن بعض هذه الأشعار لا تخلـــو أيضاً من سلبيات تثيــر النعــــرات والثارات والأحداث القبلية التي عرفتها البلاد منذ القرن الثالث عشر الهجري ( التاسع عشر الميلادي ). ومنذ بداية التعليم النظامي في منطقـــة عسير خلال خمسينيات القرن الهجري الماضي نجد الكثير من المعلمين وأرباب القلم الذين وفدوا إلى المنطقة من الحجاز أو من خارج الجزيـرة العربية وعملوا في سلك التعليم أو بعض المؤسسات الحكومية وكانوا يقولون الشعر العربي، بل كان منهم شعراء جيدين، ولكـن للأسف أن تلك الأشعار وذلك الأدب لم يُحفظ ، حبذا أن نرى بعض طلابنا في الدراسات العليا بأقسام التاريخ واللغة العربيـــة بجامعة الملك خالد فيعكفـــــوا على جمع ودراسة أشعار تلك الفترة وبخاصة النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري ( 20 الميلادي ) ومن يقوم بذلك فإنه سوف يســـدي لنا معاشر الباحثين والدارسين فوائد كثيرة وجديدة في بابها.

س7 / ألا تري بأن بعض التواريخ يجب عدم نبشها من جديد حتى لا تثير النعرات القبلية، وذلك من منطلق ( لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى )؟

– دراسة التاريخ القائم على الحيادية والنزاهة والمصداقية هو الهـدف الذي يجب العمل من أجلــــه ، ثم إن التاريخ مليء بالجــــوانب السلبيـــة والإيجابية ، والبحث أو النبش في بعض القضايا التاريخية قد يكشف نتائج غير مرضية وأحياناً قاسية ، لكــن الدراسة النزيهة هــــي التي يجب الوصول إليها، أما إذا دُرس التاريخ من أجل إثارة الفتن أو خلــــق مشاكــــل ضررها أكثر من نفعها فهذا أمر غير محمود، و قولك إنه لا فـــرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى فهذا مبدأ شرعي وبخاصة في باب الحقوق والمساواة والعدالة ، لكن دراسة التاريخ تختلف من أرض لأخـــرى، ومن شعب لآخر، ومن عصر إلى عص، ومن ثم فالفوارق وارده والنتائج أحياناً تكون غير مرضية.

س 8/ ما رأيكم في.. أ- إحياء سوق عكاظ بالطائف ؟

– إحياء سوق عكاظ من الأسواق العربية الجاهلية المشهورة، بل كان ســوق عكاظ قبـــل الإسلام بمثابة مجتمـــع متكامل في حياتــه السياسيـــة والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية، ومن يطالع ما كتب وما قيل عن سوق عكـــاظ ، فســـوف يجد كماً هائـــلاً من التـــراث والنشاطات الثقافية والأدبية والحضارية التي كانت تمارس فيه كل عام. وعند ظهور الإسلام بقي  سـوق عكاظ في أوج نشاطه لبعض الوقت، ومــــع مرور الزمن ومنذ القرن الهجري الأول بدأ يتقهقر حتى أصبح ناحية منسية من نواحي الحجاز الجغرافية ، وفي العصر الحديث وخــلال السبع سنوات الماضية نرى الدولة  السعودية أصبحت  توليه كبير اهتمام ، وصار يقام فيه احتفالية سنوية يُمارس فيها العديد من النشاطات الحضاريـة ، وما يقام من نشاطات حالية في هذا السوق يُعد من باب التذكير بأمجاد هذا السوق قبل الإسلام ، ونأمل أن نرى نشاطات حضارية عالميـــة تقام على أرض هذا السوق التراثي العريقة .

ب – المسابقات الفضائية في الشعر بنوعية الفصيح والنبطي .

– المسابقات الفضائية جيدة إذا كان هدفها التثقيف ونشر الوعي الثقافي، أما إذا كان لها أهداف حزبية أو فئوية أو إثارة نعـــرات أو قضايا غيـر مجدية فالأفضل تركها والابتعاد عنها ، ووسائل التقنية اليوم من فضائيات وغيرها سلاح ذو حدين فإذا استخدمت في الجانب الإيجابي فهــذا أمر جيد، وإذا سخرت في نشر كل ما هو سلبي وهابط في مستواه التربوي والثقافي والعلمي والفكري والحضاري فذلك غير مجد ولا مرغــوب مـن وجهة نظر العقلاء والغيورين على تراثهم الحضاري العربي والإسلامي.

ج – الأندية الأدبية بشكل عام أوبها بشكل خاص.

– لقد عاصرت نشأة وتطور النوادي الأدبية في المملكة منذ تسعينيات القرن الهجري الماضي، بل زرت أغلبها وحاضرت في معظمها، وعـــرفت الكثير من الذين قادوا النوادي الأدبية في المملكة منذ عام (1395ـ1427هـ/ 1975ـ 2007م). وأستطيــــع القول أن النوادي الأدبيـــة في تلك الفترة كانت منارات علمية وثقافية ممتازة، بل كان لها حراك ثقافي وفكري وأدبي عم أرجاء البلاد السعوديـــة ، وأحياناً تجاوز حدود المملكــــة العربية السعودية الجغرافية. وذلك التميز الذي عاشته النوادي في الفترة الأنفة  الذكـــر يعود إلى عـــدة أسباب منها: 1- كانت الرئاسة العامـــة الرعاية الشباب تتولي الإشراف والإدارة على تلك النوادي . 2- وجود كوكبة من رواد الفكر والثقافة في بلادنا ، وهم الذين تولوا رئاسة وإدارة هذه النوادي، فكانوا فعلا ربابنة ماهرين قادوا هذه النوادي إلى ميدان النجاح والإبداع 3 ـ تشجيـــــع نشاطات النـــوادي الأدبية من قبــــل أمراء المناطق وكان لذلك دور كبير في تألق  وإبداع هذه المؤسسات الثقافية . وأستطيع إبلاغك بأنني أعتزم إخراج كتاب علمي عن تاريـــــخ النوادي الأدبية في المملكة من عام (1395ـ1427هـ/1975ـ2007م) ، وسوف أبين في هذه الدراسة الأدوار العلميـة والثقافيـــــــة التـــي قدمتها هذه النوادي خلال تلك الفترة وما هي الآثار والجوانب الحضارية التنموية التي عمت البلاد السعودية من خلال هذه المراكز العلمية الثقافيـة الأدبيـــة . وإذا نظرنا إلى أحوال النوادي الأدبية بعد عام (1427هـ/2007م) ، وبخاصــة بعد أن صارت إدارتها تابعــة لوزارة الثقافة والإعلام، وبعد أن صار نظام الترشيح فيها عن طريق الانتخاب ، نجد وضعها الثقافي والفكري تدهـــور بشكل كبير جــــداً، مع أن أوضاعها الماديـــة في السنوات الثمان الأخيرة أحسن عشرات المرات عما كانت عليه قبل عام (1427هـ/2007م) ، ولقد زرت أغلب النوادي الأدبيـــة خلال العامين الماضيين فوجدت بعضها مقفولة ، وإن كانت مفتوحة فتراها بائسة فــلا نشاط فيها، ولا زوار لها، ناهيك عن مجالس إدارة النوادي اليــــوم فتراهم غيـــر متعاونين بل متناحرين فيما بينهم ، وإن نظرت إلى أعضاء الجمعيات العمومية فتراهم أسوأ حالاً من أعضاء مجـــــالس إدارتها ، وهذه الأزمات التي تمر بها النوادي اليوم تحتاج إلى إعادة نظر ، ووزارة الثقافة والإعلام هي المسؤول الأول في كل ما حصل ، وما آلت إليه أوضاع النـوادي ، ونأمل من الوزارة أن تعيد النظر في أمر هذه المؤسسات الثقافية الهامة . أما سؤالك عن نــادي أبها الأدبي ، فقد أصابـــه ما أصاب النـــوادي الأدبية الأخرى في المملكة ، مع أنه في العقدين الأولين من تاريخية حاز على المركز الأول أعوام عديدة ، وهناك أسباب عديدة جعلته آنذاك في مصاف المراكز الثقافية المتألقة المبدعة ، ومنها : 1ـ تشجيع الأمير خالد الفيصل ، أميـر منطقة عسيــــر سابقاً ، لهذا النادي منــذ نشأتــه حتى ذهابه إلى إمارة منطقة مكة المكرمة . 2ـ وجود كوكبة من الأدباء العقلاء الذين قادوا دفة النادي باقتدار، وعلى رأسهــم الأستاذ الأديب محمــــد بن عبد الله بن حميّد . وكنت على مقربة من أعضاء مجلس إدارة النادي منذ نهاية القرن الهجري الماضي إلى بداية العقد الثالث من هذا القـرن ، ووالله لقد كانوا نجوماً متألقة في أخلاقهم وأدبهم ورزانتهم ، بل إن العصر الذي قادوا فيه الثقافة بالمنطقة يحتاج إلى رصد تاريخـــي علمـي ، ونأمل من طلابنا في برامج الدراسات العليا بجامعة الملك خالد أن يلتفتوا إلى تلك الحقبة في بحوثهم ودراستهم ، ونأمل أن نرى أحدهم يتخــذها عنواناً لأطروحته في درجتي الماجستير أو الدكتوراه.

د- جمعيات الثقافة والفنون بشكل عام وأبها بشكل خاص

– جمعيات الثقافة من المؤسسات الهامة التي تسعـى إلى حفظ الموروث والأدب والفنون الشعبيــة، لكن لم تنل الرعاية الكافية من قبل الرئاســـة العامة للشباب في السابق ولا من قبل وزارة الثقافة اليوم ، ويجب تشجيع هذه الجمعيات بشكل جيد حتى تقوم بدورها الثقافي والاجتماعـــي كما يجب. 

هـ – شعراء منطقة عسير الشعبيين :

– كما ذكرت في سؤال سابقاً، إن الشعر الشعبي انتشر بشكل كبير خلال القرنين أو الثلاثـــة الماضية المتأخـــرة، وهناك عشرات الشعـراء الذين وصلنا بعض أشعارهم ، ومنها ما يقال شفاهةً  في المجالس الاجتماعية ، وهناك من جمع أشعار بعض الشعـــراء ونشرها في كتب متداولة بين الناس اليوم . والشعر الشعبي، كما اشرنا، من المصادر الثقافية التاريخيـــة التي تعكس بعض الصـــور الحضارية التي مرت بها مناطق جنــوب المملكة، ونأمل من جمعية الثقافة والفنون، وكذلك أقسام علم الاجتماع واللغة العربية والتاريخ أن تدرس الشعر الشعبي في هذه البلاد الجنوبيـة وتوضح جوانبه الإيجابية والسلبية ، وما هي الفوائد التي يمكن استخلاصها من هذا الفن الثقافي.

 

س9/ هناك اختلافات بين بعض المؤرخين حول عدد من الأحداث التاريخية، إلى ماذا تعزي هذه الاختلافات ؟

– إن كنت تتكلم عن التاريخ بشكل عام، فالاختلاف في علم التاريخ وعند المؤرخين منذ القدم إلى وقتنا الحاضر وارد وشيء طبيعي ، وعنـــــدما يكون هناك اختلافات فلابد أن يكون هناك أسباب ، ولا نريد أن نخوض في هذا الموضـوع لأنه مجـــــــــال واسع وظهر فيه العديــــــد من الكتب والدراسات ، أما إذا كنت تتحدث عن الاختلافات التي نقرأ عنها ونسمعها فيما يخص تاريخ وحضارة منطقة عسير منذ العصـــــــر الجاهلي حتى يومنا هذا ، فالبعض من تلك الاختلافات غير مبررة لأنها قائمة على أسس واهية مثل الحديث عن القوى السياسية في المنطقـة كقول البعض أن المنطقة كانت تحت حكم إمارة أموية من القرن الثاني الهجري إلى القرن الرابع عشر الهجري، أو الإسهاب أحياناً في أصول قبائل المنطقــة هل هي عدنانية أم قحطانية يمانية أو غيرها من المواضيع المشابهة ، ونقول لكل من يكتب في مثل هذه الأبواب الشائكة يجب أن توثــق أقوالك من مصادر أولية موثوقة ، أما خلط الأمور بدون توثيق رصين فهذا أمر غير مقبول من وجهة النظر العلمية الأكاديمية.

 

س10/ مؤلفاتك بشكل عام يغلب عليها طابع السيرة والدراسات، ما تعليقك ؟ 

– أعمالنا العلمية في مجال التراجم والسير قليلة جداً ، فليس لنا إلا تقريباً ثلاثة كتب في هذا الميدان، أما البحــوث والدراسات العلمية الموثقـــة فهي الصفة الغالبة على معظم كتبنا ودراساتنا ، ولك أن تطلع عليها بشكل جيد ، ثم الحكم بما تراه.

 

س11/ هناك الكثير ممن يملكون وثائق تاريخية نادرة، وكلنهم يخفونها عن الناس، ما تعقيبك  ؟

– نعم كلام صحيح أنا أجمع الوثائق منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وقد رأيت مئات بل آلاف الوثائق عند كثير من الناس في الجزيـرة العربيــة لكنهم لا يرضون إخراجها أو نشرها ، ربما للخوف مما فيها، أو أن الثقافة التي يحملونها لازالت قاصرة لفهم أهمية الوثائق في خدمة الأدب والتاريخ والفكر والثقافة، وأنا أعمل على كتاب كبير منذ سنوات يدور في تلك المعاناة التي واجهتها خلال جمـــع الوثائق والتراث التاريـــخي والحضاري خلال العقود الثلاثة الماضية .

 

س12/ نمى إلى علمنا أنك تملك الكثير من الوثائق التاريخية غير المنشورة، وبعض المخطوطات، ما مدى صحة هذا القول ؟

– نعم لدينا أكثر من (40) إلى خمسين ألف وثيقة غير منشورة، وقد قمنا بجمعها خلال الثلاثة عقود الماضيــــــة وأغلبها يدور في تلك الفتــــرة  الممتدة من القرن العاشر أو الحادي عشر الهجري إلى عصرنا الحاضر، وقد بــــدأت منذ سنتين على تصنيفها ، فقمت بترتيب وثائق كـــل قرن على حدة ، ووضعتها في هيئة مجلدات ، كل مجلد يحتوي على (230ـ240) وثيقة . فمثلاً القرن الرابع عشر الهجري وصلت مجلداته الآن إلى (94) مجلداً، والقرن الثالث عشر الهجري حوالي (19) مجلداً كما أنني أقوم الآن بتأسيس مكتبة أطلقت عليها ( مكتبة الدكتـــــورغيثان جريس العلمية )، وتحتوي فقط على المواد التالية : أ. الوثائق العامة غير المنشورة، وهي متنوعة في أبوابها فمنها السياسي الحربي والدبلـــوماسي، والاجتماعي، والثقافي الفكـري الأدبـي، والاقتصادي . ب ـ المذكرات والمدونات التي حصلت عليها أثناء جمعنا بعضاً من تراث الجزيرة العربية، أو مذكرات ومدونات وصلتنا من أرباب فكر وثقافــة وعلم وأدب في البلاد السعودية أو من خارجها، ومعظم هذه المصادر جديدة في بابها وغير منشورة. ج ـ بعض المخطوطات المتنوعة في أبوابها، وقد جمعنا بعضها أثناء أسفارنا خارج البلاد، والبعض الآخـر حصلنا عليها من بعــــــض الأفراد أو الأسر داخل المملكة العربية السعودية . د ـ المراسلات والوثائق الخاصة بيني وبين من عاصرتهم خلال 35 سنة الماضية، وهذه تقـع في حوالي ستين مجلداً ، كل مجلـــد تتراوح رسائله بين (200ـ 250) وثيقة أو رسالة.  هـ ـ بحـــوث ودراسات غير منشورة درسها وجمعــها طلابي وطالباتي خلال الثلاثين سنة الماضية وقد أشرفت عليهم أثناء إنجازها، ويوجد لدينا نسخــــة من كل بحث من هذا النوع من البحــــــوث، وعددها يقارب الأربعمائة بحث ودراسة  وجميع هذه البحوث تدور في فـــلك تاريـــــــخ وحضارة وفكــر وأدب جنوبي البلاد السعودية ( القنفذة، والباحة، وعسير، و جازان، ونجران ) ، كما أن هــذه البحــــــوث تتراوح صفحات الواحـــد منها من (100ـ 500) صفحة، وجميعها مدعومــة بالوثائق والصور الفوتوغرافية، ولا يخلو بحث من هذه البحوث من مادة جديدة فيه ، ولهـــــذا فهي تمثل ركن هام في مكتبتنا الآنفة الذكر. و ـ عدة مجلدات تحتوي على الصور الفوتوغرافية المتنوعة لبعض المعالم الحضارية في البلاد السعوديـــة، وكذلك بعض العـــــوالم والبلـــدان التي زرناها خلال الثلاثين سنة الماضية ، كما يوجد لدينا العديد من الأشرطة والكاسيت والسيدي التي تحتوي على مقابلات شفهية وحتى الآن لم يتم تفريغها ولا تخلو من مادة عليمة تاريخية جديدة تؤرخ لبعض الحقب الزمنية في الجزيرة العربية وبخاصة خلال المئة وخمسين سنة الماضيــة.

 

س13/ إلى مدي يمكن اعتبار الوثائق التاريخية مستنداً يعتمد عليه في توثيق الأحداث التاريخية ؟ 

– الوثائق التاريخية مهمة جداً في دراسة التاريخ بشكل عام، والعصر الحديث والمعاصر يعتمد بدرجة كبيــــــرة على الوثائق، وكل ما كان العمل التاريخي مدعوماً بالوثائق الجديدة والهامة كل ما كان بحثاً جيداً ورصيناً .

س14/ مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ، تويتر ، يوتيوب ) هل ترى أن لها دوراً في إبراز الأحداث التاريخية ؟

– هذه الوسائل التقنية مهمة جداً في كل مجال ، ولكن إذا أحسن استخدامها ، فهذه نعم وفضائل من الله عز وجل على العباد ، ويــجب تسخيــرها لما هو مفيد لصالح الفرد والمجتمع والعالم العربي والإسلامي، وفائدتها مهمة في علم التاريخ وغيره، لكن المهم أن تسخر فيما يعـود بالنفـــــع والفائدة .

س15/ أعلم أنك أصدرت كتاباً حول قسمي التاريخ في جامعتي الملك سعود والإمام محمد بن سعود الإسلامية، ما هو السبب الذي جعـلك تصـدر مثل هذا الكتاب؟  

–  نعم لقد أصدرت كتاباً بعنوان دراســــة عن قسمي التاريخ بفرعي جامعــــــــة الملك سعــــــــود والإمام محمــــــد بن سعود الإسلامية في أبها (1396ـ1423هـ/1976ـ2002م) ( النشأة والتطور، الإلغاء )( جدة / وكالة الرواد للطباعة، 1424هـ/2003م ). ويقع في (210) صفحــــة ، والأسباب التي جعلتني أصدر مثل هذا الكتاب تتمثل في النقاط التالية : أ ـ أنا أحد طلاب قســــــم التاريخ بفرع جامعة الملك سعود بأبها منـــــذ نشأته عام (1396/1976)، ثم عدت إلى هذا القسم معيداً، ثم محاضرا، ثم أستاذ مساعد، فمشارك، ثم أستاذاً عام ( 1417هـ /1997م). ب ـ زملائنا ثم طلابنا من هذا القسم يقدرون بالآلاف، كما إننا كنا على وصال جيد مع زملائنا وطلابنا في قســــم التاريخ بجامعــــة الأمام محمـــد بن سعود الإسلامية في أبها خلال الفترة الأنفة الذكر. ج ـ هذان القسمان خَرّجا مئات الكوادر البشرية الجيدة التي انتشرت جادة مجــــــدة في أنحاء الوطن الكبير، فمنهم المعلمون والأدباء والمــؤرخين، بل منهم من ترقى في سلم الوظائف العليا بالدولــة حتى وصل إلي درجة وزيــــــر ووكيل وزارة. د ـ ما سلكته إدارة ألجامعه ألسابقه، وكذلك وزارة التعليم العالي من مصادرة لآرائنا، بل لم تسمــــــع لنا ولم تشاورنا عند قررت الإلغاء لهذا القسـم مع إن هذين القسمين كان يكتظ بأعضاء هيئة التدريس سنــــة الإلغاء عام (1419-1420هـ/1999-2000م)، وكوني كنت رئيسا لقسم التاريـخ عند جمع القسمين في قسم واحد عام (1420هـ/2000م) فكان يتواجـــد بالقســــم أكثر من (40) عضو هيئة تـــدريس جميعهــم يحملون درجـــه الدكتوراه. هـ – هناك أسباب أخرى أيضا دفعتني إلي تأليف هذا الكتاب، وقد أشرت إليها أيضا في مقدمه وخاتمــة الكتاب نفسه، ومن أراد المزيـــــد فعليه الرجوع إلي هذا الكتاب الآنف الذكر.

س16/ قسم التاريخ بالجامعة لمرحله البكالوريوس من الأقسام التي ألغت قبول الطلاب فيها مع فتح الجامعة برامج الدراسات العليا لدرجتــــــي الماجستير والدكتوراة .. كيف تري ذلك ؟

– هذا التناقض بعينه، فإلغاء الأقسام بحجه سوق العمل، وقولهم من يتخرج من قســـــم التاريخ لا يجـــــد عملا في الســــــوق، مع أننا لو نظرنا إلى الجامعات العريقة في أمريكا وأوربا وجدناها تشتمل علي أقسام بكالوريوس في التاريــــــخ وغيره وبعضها يعود تاريخه إلى مئات السنـوات . أما فتح برامج الماجستير والدكتورة فهذا أمر محمود للجامعة، لكن للأسف نجد بعض  الفصول أو السنوات الدراسية كانت خاليـــة من الطلاب في هذه البرامج خلال السنوات القريبة الماضية، وربما فتح برنامــــــج الموازي خـــــلال هذا العام ثم تسهيل شروط القبول جعلت أعداد الطلاب والطالبات تتزايد بهذه البرامج.

 س17/ كيف تصنف العلاقة بين عضو هيئه التدريس والطالب؟

–  يجب أن تكون العلاقة جيده بين الأستاذ وطلابه، بل إن الأستاذ يجب أن يضع نفسه في منزلة الوالد للطلاب، فيتلمس مشاكلهـــم ويساعـــدهم علي القراءة والتحصيل، بل يكون قريبا منهم، فالتعليم ليس مجرد تلقين، أو إلقاء الدروس وكفى، وإنما دور الأستاذ الناجـــــــح أكبر وأرقى من ذلك.

س18/ ( غطرسة بعض أعضاء هيئه التدريس )، فهناك أساتذة يشتكون منهم الطلاب، لماذا من وجهـــــة نظرك وصلت العلاقــــــة بين الطالب والأساتذة إلى هذا المنعطف ؟

– يجب إن تعلم أن الناس ليسو كلهم سواسية في تعاملهم وأخلاقهم وسلوكياتهم، والطلاب والأساتذة من البشر، فهناك أساتــذة قديرون مميزون في أخلاقهم وأعمالهم، وكذلك هناك أساتذة وطلاب غير جيدين في بعض تعاملاتهم وأدائهم لواجباتهم، واعتقد أن الأمر ليس بهذه الدرجـــة التي تصورها بأن العلاقة بين الأساتذة والطلاب سيئة جدا فهذا غير صحيح، نعــــــم هناك بعض الأساتذة المتكبرين المتغطرسين، وهذا النــــــوع من الأساتذة ليسوا قدوة ولا حجة، ومن يتصف بصفات الصلف والتعالي على الغير سواءً من الطلاب أو غيرهم فهذا في اعتقادي أنه غيـــر سـوى، ومن يندرج منهم  ضمن الأساتذة الشرسين أو المتعالين، فنرجو الله أن يهديهم ويردهم إليه رداً جميلا، وديننا علمنا ورسم لنا الدرب المستقيــم ، ويجب أن نكون مسلمين صالحين في جميع أعمالنا… إن مهنة التدريس من أرقى المهن، ولكن عند من يـــدرك ذلك، أنظــــر علماء المسلمين الأوائل كيف كانوا حجج في علومهم وسلوكهم وأخلاقهم، نعـــــم نحن أقزام أمام أولئك الأعلام الجهابذة، الله المستعان اليوم تـــــــوفر لنا الخير، وأصبحنا نتقلب في النعمة، أفلا نشكر الله! أفلا نسلك الطريق التي تحببنا إلى الله ثم إلى خلقه، إنها والله مصيبة أن يكون العالم أو طالب العلــــم من أصحاب الأخلاق السيئة وهو الإنسان الذي يجب أن يكون نبراساً لنفسه ثم لأهله ومجتمعه ودينه وكل من له علاقة بهم.

س19/ ما هي رؤيتك المستقبلية للتعليم الجامعي بالجامعة بشكل عام، وقسم التاريخ بشكل خالص؟

– لقد عاصرت التعليم في منطقة عسير منذ ثمانينيات القرن (14هـ/20م)، كما أني حاضرت وألفت العديد من الدراسات والكتب الخاصة بتاريخ الثقافة والتعليم في منطقة عسير، ومن ثم الخص لك مسيرة التعليم وكيف كان؟ وكيف أصبح، وما هي الرؤى المستقبلية التي أراها لهذا المجال الحيوي. أ ـ تعلم أن علماء المسلمين الأوائل خلال العصور الإسلام المبكرة والوسيطة كانـــوا مبدعيــن في شتي المعارف والتخصصات، ولكـــن ذلك كان في الحواضر الإسلامية الكبرى مثل: مدن اليمن، والحجاز والشام، والعراق، ومصر وشمال إفريقيا وغيرها، أما المناطــــق النائية مثل منطقـة عسير، فقد كانت الحياة العلمية والثقافية بسيطة جدا، وربما كانت أحيانا كثيرة معدومـة، وهكــــذا استمــــر الحال في العصر الحديث إلى منتصف القـــــرن (14هـ/20م)، ثم ظهر التعليم النظامي ، ومنـــذ ذلك الوقت تطورت الثقافـــة والعلم والتعليم. ب ـ في التسعينيات من القــــرن الهجري الماضي افتتحت كليات التعليم العالي في أبها، ثم المؤسسات  التعليمية العالية في جنوبي البلاد السعوديــــــــــة حتى أصبح هناك أربــع جامعات رئيسة ( خالد، وجازان، ونجران ، والباحة )، وقد نرى في التاريخ القريب جامعات أخري جديدة في هذا الجنوب السعودي الحبيب. ج ـ من خلال التأمل في تطور التعليم العام والعالي في جنوبي البلاد السعودية خلال الثمانين سنة الماضية، يدرك النمـــو والقفزات الهائلــة لهــــــذا القطاع الرئيس والهام. د ـ ورؤيتي المستقبلية للتعليم الجامعي في جنوبي البلاد سوف يكون مشرقاً ( بإذن الله تعالى )، لكن على وزارة التعليــم العالي والمسؤوليــن في الجامعات أن يعملوا بجد واجتهاد في توفير النوعية الكمية والكيفية لمؤسسات التعليـــم ليس في عسير ولكن في جميع أنحاء البلاد السعوديـــــة، ويجب علينا معاشر الأكاديميين والطلاب أن نعمل بإخلاص وجد للوصول إلى الإبداع والتفوق والريادة، وأمة بلا علـم فهي جاهلــة، ولا رقي ولا تقدم إلا بالعكوف على العلوم النافعة والمفيدة لبناء مجتمعات قوية بالدين الحنيف وسلاح العلم والتعليم.

.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *