آسِف .. هي كلمة التصحيح وهي الشجاعة التي ربما توخّى حذرها الكثير من البشر؛ لأن بعضهم يراها تنال من كرامته وأن فيها ما يُعيبُها مِن الانكسار والحقيقة أنها اعترافٌ بالخطأ وإذعانٌ بالتقصير وخضوعٌ بين يدي الصواب ورجوعٌ إلى الحق…
إنها شجاعةٌ خالصة وخطوةٌ إيجابية نحو الإصلاح مع الكائنات, وهي دعوةٌ إلى الود بعد أن انسكب حِبر الخطيئة على أوراق الحياة.
لقد عَقَدّتُ مؤخراً عَقْدَ شَراكةٍ مع ..
” آسِف ” لتبقى معي على الدوام, ولتكون بلسماً لجراح العلاقات, ولتبقى دواءً لأمراض العداوات, ولأدمغ بها علو الكبرياء في ذاتي كلما تعالى للباطل في داخلي صيحات, إنه مِن الواجب علينا أن نؤمن بالاعتذار على أنه من الواجبات لا مِن المستحبات, وأنه مما يدفعنا إلى الأمام في عالم العلاقات, وأن الاعتذار ليس ذُلّاً بل يرفع الإنسان في نفوس الآخرين وكأنه كالنخل الباسقات.
“استغفر الله” أروع جمله في عالم الرجوع إلى الحق,
و”آسِف” هي بلسم الجروح العابرة, وكل كلمةٍ تحتمل في مضمونها رجوعٌ عن خطأ أو إقبالٌ إلى حق هي مدونةٌ في صحائف الفضيلة ومُدرجةٌ ضمن نبيل الصفات, إذاً علينا أن نعترف بالأخطاء ونبادر بالاعتذار ونعلن عن الأسف من كل عثرةٍ غريبة أو كل كلمةٍ نابيه أو معاتبةٍ ثقيلة.
آسف .. أقولها لصديقي الذي انقَطَع عنه اتصالي لفترةٍ طويلة وخالطه الشك بأنني نسيته..
آسف إلى كل رَحِمٍ قَصَّرت في وِصالها وأنا أختلق الأعذار الواهية..
آسف يا مشائخاً عاتبتهم عبر قلمي ولساني وتجاوزت الحدود في عِتَابي لهم, وها أنا أعود لأستغفر الله عمّا بَدَر مِني..
آسف لمديري الذي طالما تحمّل تقصيري في عملي وهو ما زال يغفر لي ويُحسن الظن بي..
آسف لأصدقائي عندما يرون أنني أتغير عليهم وأنا أحاول أن أتبدل إلى حالٍ أفضل..
آسف عن كل شيءٍ يستحق الأسف في حياتي..
آسف عن كل لحظةِ تفريطٍ في واجباتي تجاه ربي, استغفر الله مِن كل زلل, استغفر الله عن كل اجتهادٍ ساقني إلى خطأ
استغفر الله لي ولكل المؤمنين والمؤمنات من كل ذنبٍ وخطيئة…
استغفر الله رب كل شيءٍ وخالقه.
إن الاعتذار صفحةً جديدة ..
والأسف مرحلةٌ فاصلة ما بين الكبرياء نحو التعالي وما بين الخضوع نحو التواضع, والذي لا يؤمن بجدوى الاعتذار عليه أن يعيش في مجابهةٍ دائمه وفي حربٍ مستمره منها ما هو مع النفس لإقناعها بالثبات على الخطأ أو الميل إلى الصبر على مرارة الابتعاد عن الحق, ومنها ما هو مع الآخرين في معاندة الحجج الدامغة وتكذيب البراهين الواضحة.. أختم فأقول ” أن السكينة مع “الاعتذار”
وأن الأمان مع ..
“الأسف” وأن الأحمق الرعديد هو المحرومُ مِن التنازل عن الباطل والرجوع إلى الحق “.
التعليقات