السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

العم حسن صاحب المائة عام:كنا لا نجد ما نسد به جوعنا قبل توحيد المملكة

العم حسن صاحب المائة عام:كنا لا نجد ما نسد به جوعنا قبل توحيد المملكة

كابد المسنون الصعاب على مر السنين، ولكن كثيرين منهم ما زالوا يحتفظون بذاكرة قوية، وإن كانت الصحة لا تسمح بكثرة الحديث، كما هو حال العم حسن سليمان الشهري، الذي يعاني ثقل السمع، وهو ممن عاصر المؤسس الملك عبدالعزيز، وانضم للجيش السعودي عندما كان الملك سعود قائداً له.

ويحكي العم حسن ذو المائة عام لـ”الشرق” مكابدتهم لظروف الحياة في السابق، قائلاً “كنا لا نجد ما نسد به جوعنا قبل توحيد المملكة لذا لم نكن نطلب أثناء البحث عن عمل إلا تحصيل لقمة العيش”، ثم ذكر معاصرته للحروب وعدم الاستقرار الذي استمر فترة من الزمن قبل أن يبدأ الأمان يدب في ربوع المملكة.
ويروي حجم المعاناة المقرونة بإيجاد لقمة العيش آنذاك “كنا نستيقظ قبل شروق الشمس باحثين عن عمل كحصاد الزرع أو رعي الغنم وغيرهما من المقومات البسيطة المتوفرة للعمل حينها”، ويتذكر سفر أبناء قريته وهو ضمنهم في الماضي من قريتهم إلى المدن الكبرى كالرياض، والدمام، ومكة المكرمة، لبناء البيوت والمنازل الطينية أو الحجرية مقابل أجرة من أكياس الأرز وبضعة قروش.

وقال “بعد توحيد المملكة وانتشار الأمن في وطننا الغالي التحقت بالجيش السعودي وكان قائده آنذاك الملك سعود -رحمه الله- وكانت الرواتب أو الأجرة قليلة جداً، ولكن رغبة منا في تحقيق الذات والدخول تحت ولاء آل سعود كان دافعاً قوياً لأن نكون أحد جنود هذا الوطن”. وعن الحج قال “كنا نتأهب لأداء فريضة الحج قبل موعدها بحوالى شهرين ونذهب مجموعة لا تقل عن أربعين شخصاً ما بين رجال ونساء. نحمل النساء على الإبل ونضع المتاع فوق الحمير، وكنا ندرك جيداً مشقة السفر، ولكن لحمة الاجتماع وصفاء القلوب، كانت تهون علينا العناء”.
وفضل العم حسن الحج في الوقت الماضي من عدة نواحٍ، أولها أن الوفود التي تقبل على الحج كانت إذا التقت في الميقات أو ما قبله أو بعده وعلم بعضهم من البعض الآخر أن القصد هو مكة رأيتهم يجتمعون في وفد واحد، وذلك لكسر الخوف الذي يسود البعض خصوصاً من انتشار قاطعي الطرق، الذي كان يشكل هاجساً لمن يريد السفر وقتها.

ويذكر العم حسن الشهري أنواع الأكل والملبس في الماضي والحاضر، فأكد أن لكل زمان حضارته، ولكن الماضي من وجهة نظره أفضل بكثير، حيث كانت الوجبة الرئيسية تعتمد على البر الخالص المزروع داخل القرية، أو خبز “الدخن”، وكان الواحد منا يأخذ زوادته التي يقصد بها “حافظة الأكل” في مسماها الحالي، وفيها ما يكفي الشخص لسد جوعه، فيكمل عمله اليومي. مشيراً إلى أن الأكل سابقاً كان له طعم لذيذ ورائحة زكية لأنه يخلو دائماً من أي مادة كيماوية، كما أنه لم يكن هناك تبذير وبذخ كما يحصل عند كثيرين الآن، وكانت لذة الطعام تزداد عند المشاركة، ومن المأكولات التي كنا نعتمد عليها بشكل أساسي سابقاً حليب الغنم وسمنها وعسل النحل الطبيعي.
وعن اللبس في الماضي قال “كان الناس لا يرتدون إلا الملابس التي تعبر عن تراثهم، لعدة أسباب، أبرزها أن الشخص كان إذا تاه عن مكانه أو أصابه مكروه فيعرف الآخرون مكانه من خلال لبسه أو شم الخيل، وكذلك يرى في لباس موطنه زيادة انتمائه وولائه لقبيلته ووطنه”.

وسخر العم حسن من الملابس الغربية التي يرتديها الشباب، وقال “كنا إذا رأينا شخصاً يرتدي الملابس الإفرنجية، خصوصاً في مدينتي الرياض والدمام، نعلم أنه من خارج المملكة، ولكن في زمننا لا يفرق بين من هو الشاب السعودي وغيره بسبب تقليدهم لملابس غيرهم”، وأكد العم حسن أنه يمنع أبناءه وأحفاده من ارتداء ملابس سوى الزي السعودي. وعن التعليم قال “كنا ندرس قديماً في “كتاتيب”، فنذهب إلى الشيخ لنتعلم قراءة القرآن وحفظه بالإضافة إلى تعلم الكتابة. وفي نهاية الحديث يتمنى العم حسن المستحيل وهو عودة الماضي بما يحمله من نشاط وبساطة ولحمة اجتماعية.

 

ضيف صحية النماص اليوم  أ.يوسف العمري

الكاتب في جريدة الشرق

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *