السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

مال وصحة! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

مال وصحة!  – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم

 

الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، هي القضية التي مهما بذل الإنسان لتحقيقها والوصول إليها لم يكن مُكثراً، فتعزيز الصحة مطلب تقتضيه الضرورة، لضمان حياة هانئة تستطيع من خلالها الاعتماد على ذاتك في تحقيق أهدافك بالحياة.

يُخطئ بعض الناس عندما يعتقد أن جمع الأموال الطائلة، والسعي لأجلها، وبذل الجهد في تحصيلها هو السبيل لتحقيق السعادة، بل هو الشقاء بعينه، أراد الله أن يعذبهم بها في الحياة الدنيا، لا سيما إذا لم يكن لهم نصيب في آخرتهم من أموالهم.

لا يوجد فرق يمكن قياسه بين الغني الذي يمتلك الأموال الطائلة والفقير الذي بالكاد يجد قوت يومه، فكلاهما يجد طعامه وملبسه ومسكنه، وهي مقومات الحياة الضرورية التي وردت في الحديث النبوي” لَيْسَ لاِبْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الخِصَالِ، بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الخُبْزِ وَالمَاء”.

بعض الأثرياء يجمع ويكدح، يغضب ويفرح، يوالي ويعادي، يحب ويكره، بحسب ما ناله من الدنيا؛ له نقول من امتلك العقارات الواسعة، والقصور الفخمة، والأموال الطائلة انتهى وهلك كما انتهى غيره، ولم يبقى له ذكر سوى ما قدمت يداه من فعل الخير.

المسارعة في جمع الحطام خوفاً من الفقر، أو تكديس المال وجمعه للورثة من بعدك، أو منافسة رجال المال والأعمال بتصدر قائمة الأثرياء، كل تلك الأفعال من وساوس الشيطان الذي وعد بالفقر.

لست أعني أن المال في حد ذاته مذموم، لكن الحزن والبؤس والشقاء الذي يظهر على وجوه وملامح اللاهثين وراء المال وجمعه عندما تفوتهم صفقة تجارية، أو نقص في أرباحهم، أو خسارة متوقعة في تجاراتهم وأعمالهم، كل ذلك يشي بأن المال وحده وليس غيره قد استولى على مجامع قلوبهم لا-أيديهم حتى عميت أبصارهم، يصدق فيهم قول الله (الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ – يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ).

المال وحده وسيلة، تستخدم لتحقيق الغاية، وما كانت الأموال تؤخذ لتُجمع وتُكدَّس، بل لتُصرف في أماكنها بما يزيد من رصيدك عند الله لآخرتك بالصدقة والبذل والعطاء، أو بما تستغني به عن الناس في الدنيا، وما سوى ذلك فصاحبه مهموم مغموم يستولي عليه الغم بما يفوته من حطامها، والهم بحفظ المال وزيادته وتثميره، والسلامة من لزم القناعة، واكتفى بما لديه، وجعل هم الآخرة لا الدنيا أمام ناظريه.

خلاصة القول: نبينا قدوتنا، عاش فقيراً ومات لا يملك شيئاً من حطام الدنيا، ولديه درع مرهون في 30 صاع من شعير، ولو أراد جبالها ذهباً لأعطاه ربه، لكنه عاش ومات مسكيناً قائلاً “اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين”، وإذا سألت ربك شيئاً من الدنيا فاسأل الله العافية امتثالاً لحديث النبي “سلوا اللَّهَ العفوَ والعافيةَ فإنَّ أحدًا لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيرًا منَ العافية”.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *