– هذا مشهد من قصة عظيمة لبيتين متجاورين ما يزيد عن نصف قرن، غمرتهما السعادة والجيرة الطيبة، المستنيرة بنور الله، في يوم العيد بعد بهجة العيد، وانطلاق الناس للمصلى وشروق بياض الثياب مع بياض القلوب وفجر النهار، يؤوب الناس إلى بيوتهم في هذا التوقيت
– كانت امي واخواتي قد اعدوا كل شيء لاستقبال العيد ولكن عيدنا مختلف فهو لا يكون عيدا إلا بوجود جارنا الطيب واسرته الطيبة، في وسط الشنعة.. منصد جميل ملون، وعليه مطرح أو طبق التمر الصفاري، ومطرح خبز الفطير و”بياله” بجاله أو بمحاذاته صينية السمن وصينية العسل و تلاجة الشاي، ومجموعة الفناجيل المتلألئة لمعاناً من النظافة ولأنها صناعة اصليه لمعت كبارق ثغرك المتبسم، على قولة عنترة، ( المواعين ركان ينكح فيها الماء ) .. يفد علينا جارنا وزوجته وبناته ( مُسلمين مُهنئين ) ..
– سلام عليكم من العايدين، والعيد مبارك، الله يعيدنا وانتوا من السالمين، كيف حالكم ولا يقولون “كيف الحال” ،!!! هذه معيبة في حقهم، !! ثم يأخذ كل منا مجلسه، يسلم الرجال على الرجال والنساء على النساء، في علاقة اُسرية يحدها حدود الله حد محترم مقدر، ثم تبتدر السفرة بتناول التمر والقهوة، أو المصفاة تسمى المصفاة والقهوة لايقال لها قديما القهوة، انما الدلة أو المصفاة، وكلمة القهوة عليها ملاحظات وآباءنا اعلم منا بها، إذ كانت مفردة القهوة تطلق على الخمرة، ومن أدوات القهوة ما يسمى بالخمرة، تلك التي تُطبخ فيها القهوة.. يبدو أن الخمرة، كانت رائجة من قبل..
– تقول أمي كان الجماعة يعودون من مصلى العيد ( عراضة ) أي يعرضون، ليس لدي ما يسعفني من بعض الأبيات التي يرددونها وقتئذ، أما في زمننا هذا فأصبح كل عطلة اسبوع “عيد” ترفيه واحتفالات وسفريات وإجازات ونحن فيما يُشبه الجنة نعيش، ولله الحمد ومع ذلك يتذمر الكثيرون بدعوى الطفش والملل والسآمة تلك السآمة أصبحت كلب يعض راحتنا، وألم يقض مضاجعنا فالنفس البشرية لا تهنأ إلا بأمرين.. إنجاز عمل وتشارك حياة مع مشابه لها..
– لذلك فإن السآمة التي نعيشها اليوم كان سببها الركود الإجتماعي فلم يعد هناك تفاعل في مناسبات الفرح ولا مناسبات الحصاد ولا مناسبات الزراعة ولا البناء ولا انسجام في عالم الموظفين، هذه الفجوات أخلت بكثير من توازن الحياة الاجتماعية والنفسية، فأحدثت هذا الركود الذي كان سبباً في ولوج البعض للمصحات النفسية، في الآية يقول الله جل جلاله ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )
– إن سُنة التدافع سنة كونية غالبة تنحى اليوم منحى خطير، وإن تقديم هدايا الأعياد بل تقديم الأعياد نفسها في علب وفي تذاكر وفي صناديق يجعلها قوالب جاهزة باهظة الثمن أحياناً يصاحبها أجواء باهظة أيضا ليس لها روح ولا لون ولا طعم ( ماتهة ) لأنها مستوردة لم تصنعها ايدينا ولم يُذكر اسم الله عليها، وأغلبها لايرضي الله تكلفنا الكثير من الأعياد ( عيد ميلادي، عيد نجاحي.. عيد تخرجي، ثم يأتي عيد الله الأكبر قالوا ملينا ماله طعم ( زين لهم الشيطان سوء أعمالهم )
اقول تحية للشباب الذين يغزلون حياتهم بعبق الطبيعة محتزمون بحزام الجد يلتحفون عوائد النشاما في صور متعددة نراها فيمن يمارس الزراعة ورعي الإبل ورعي الأغنام والبيع والشراء من منتوجات هذه المقومات، وكانت بعض التطبيقات سببا في رزقهم وفي تصفيقنا لهم، تمسكوا باللباس الأصيل واحيوا الأرض وانتفعوا من خيراتها، وتدافعوا في تدافعية لا تركد ولا يعطبها الوحل، ولن يزورا المصحات النفسيه، بإذن الله فبوركت السواعد والأرواح، والهمم.. الحياة الطيبة تأتي تبعاً لإرادة عظيمة سموها حديثا “الشغف”.
– إضاءة .. إذا الشعب يوم أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر
دمتم بود
التعليقات