الفصل السابع هو الميثاق الوحيد الذي يتيح استخدام القوة عبر قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقد تمت صياغة بنوده من قبل 51 دولة في ولاية سان فرنسيسكو الأمريكية، ويقع تحت الفصل السابع 13 مادة لمعالجة كل جوانب الموقف، وقد دخل حيز التنفيذ في أكتوبر عام 1945م، وطبق على شبه الجزيرة الكورية.
السودان يعيش حالة من عدم الاستقرار بعد رحيل إسماعيل الأزهري، وكان الأزهري أكثر تأهيلا وخبرة، جاء عبر الانتخابات الحرة، وقد بارك الوحدة مع مصر ثم انسحب وأعلن استقلال السودان، وكانت فترة حكمه أكثر أمنا واستقرارا والذي امتد للفترة من 1954 الى 1956م، لكن لم يدم ذلك طويلا نتيجة لشغف العسكر وحبهم للسلطة، فانقلب النميري على الأزهري فأسقطه وأودعه السجن حتى قضى نحبه، وقد توالت الانقلابات وحب السلطة، و اختلف القطبان الانقلابيان على الكرسي..
وعلى ضوء ذلك تمرد حميدتي بقوة الدعم السريع وهي ميليشيات وفرت لهم سلفا الأسلحة والدعم اللوجستي، وقد حظيت قوة الدعم السريع بالدعم من بعض الأطراف من خارج السودان لإدامة الصراع وتدمير البنى التحتية وتدمير الاقتصاد السوداني بأيدي السودانيين، وأصبحا كل من البرهان وحميدتي يتصيد نقاط الضعف عند الآخر، ويسيران في طريق اللاعودة..
وقد بادرت المملكة العربية السعودية لاحتواء الموقف ودعت الطرفين للاجتماع في جدة، ومحاولة رأب الصدع وحل كل الخلافات، وماتزال المملكة تسعى لإنهاء هذه الأزمة التي تعصف بالسودان، ولكن تضارب المصالح ماتزال تحول دون الحل السلمي وعودة السودان الى وضعه الطبيعي، وكانت المملكة دائما حريصة بل سباقة لاحتواء الخلافات العربية كما حدث في لبنان واتفاق الطائف والذي ما يزال مرجعا لحل الخلافات بين اللبنانية وحزب الله..
وكذلك كان موقف المملكة مع الخلاف الذي نشأ بين السلطة الفلسطينية وجماعة حماس فاستضافت المملكة وفدي حماس والسلطة الفلسطينية في مكة المكرمة، وقد اتفقا الطرفان لكن لم يدم طويلا؛ لأن هناك أطراف لا يرضيهم اتفاق الفلسطينيين ليعيشوا في أمن وسلام في ظل دولة فلسطين الواحدة والوقوف صفا واحد ضد المحتل الإسرائيلي، والآن تدفع حماس ثمن نقض ذلك الاتفاق الذي تم عند بيت الله..
وهذا هو الحال في السودان لم يتفقا وتركا المجال مفتوحا للتدخلات الأجنبية لزيادة حدة الخلاف وقتل المدنيين وتهجيرهم قسرا الى مناطق خارج الصراع، وزيادة معاناة السودانيين وتدمير البنية التحتية والبنية الاقتصادية وأصبح الموقف خارج السيطرة، وقد يدفع بمجلس الأمن الى تطبيق الفصل السابع على السودان وهذا يعني تدخل الأمم المتحدة وفرض هيمنتها على القرار السودان..
وربما إنزال قوات دولية للسيطرة على الموقف، وفك الاشتباك واستخدام القوة ضد أي من الطرفين يعترض على القرارات الدولية، وهناك 13 بندا تحت الفصل السابع لمعالجة الموا قف المختلفة ، وربما إحالة مجرمي هذه الحرب بحق السودانيين الى محكمة لاهي الدولية وتصبح السودان مرتعا خصبا للقوات الدولية.
والصراع على السلطة ما يزال يعصف بالسودانيين الممتد من سقوط حكم إسماعيل الازهري على يد جعفر النميري، وقد جاءت فرصة ذهبية للعودة للحكومة المدنية مع حكومة الدكتور حمدوك رئيس الوزراء السابق؛ لإحلال السلام في السودان وبناء اقتصاد السودان، وبناء الكيانات المدنية للحكم المدني في هذا البلد الذي يعصف به حكم العسكر..
وعند ما بدأت السلطة تخرج من يد العسكر أوقفوا رئيس الوزراء وعادوا لممارسة السلطة العسكرية، وأعلن حميدتي استقلال قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني ليبقى خنجرا في خاصرة القوات المسلحة، وعلى ضوء ذلك نشب الصراع بين أبناء الوطن، قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (اذا التقيا المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله هذا القاتل فما شأن المقتول ؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه ).
ما يحدث في السودان أشد إيلاما مما يحدث في غزة؛ لأن ما يحدث في غزة على يد المحتين أعداء الدين والمله واللغة والانتماء فلا يستغرب منهم لأنهم قتلة الأنبياء أطهر خلق الله، لكن في السودان إخوان في العقيدة وفي اللغة والأرض المشتركة، ثم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعداء الشعب السوداني بكل أطيافه الذين يتربصون بهم الدوائر، والسودان تحيط به سبع دول لكل منها أهداف ومصالح من إطالة أمد الصراع في السودان ، يقول الشاعر بلسان الحال في السودان:
ليس العجيب الذي بانت عداوتـــه لنا ومنه اتانا الضيم والضــــــــرر
بل العجيب الذي من صلب أمتنا يكون عونا لمن خانوا ومن غدروا
قبل الختام: اللهم احفظ بلد الحرمين الشريفين قيادة وحكومة وشعبا من كل سوء ومكروه.
التعليقات