يفرض المجتمع المحلي على الفرد طقوسه وعاداته وتقاليده دون أي اعتبار للفروق الفردية بين البشر، وتلعب التربية في المجتمع دوراً بارزاً في التقيد بتلك التقاليد أياً كانت اتباعاً للعُرف، فقد باتت تسري-أي التقاليد- في المجتمعات سريان النار في الهشيم وتزداد مع مرور الزمن حتى أصبحت شيئاً من المألوف.
بعض العادات تتوافق مع الفطرة الإنسانية، وتتسق مع المنهج النبوي الكريم، وهي أقرب للاقتداء منها إلى العادة، كالكرم في غير إسراف ولا مخيلة، والتكافل الاجتماعي بكافة أشكاله وصوره، بل أقرَّ الإسلام بعض العادات الحسنة ولو كانت من أعمال الجاهلية، كالقسامة التي أقرَّها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وقضى بها بين أُناس من الأنصار في قتيل ادَّعوه على اليهود، وعفوه عن ابنة حاتم طي واصفاً أباها بحبه لمكارم الأخلاق.
مفهوم التقليد (شبيه ونقيض الأصلي في آنٍ معاً) لم يأتي من فراغ، فكما تُوصف به السلعة المباعة رخيصة الثمن سيئة الجودة، يُوصف به كذلك التشبه بالسلوك ومحاكاة الآخرين، يحدث هذا عندما تنعدم الهوية تماماً لدى أفراد المجتمع لتصبح أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم مرهونة لغيرهم، فهم يقتفون الأثر عبر ما يسمى بمسايرة المجتمع.
من صور التقليد في المجتمع المحلي طقوس الأعراس وما يكتنفها من عقبات، فالصورة التي انطبعت في الذهن عن الزواج في المجلس الواحد وتذكرها سيرة بن هشام في قول الرسول الكريم “اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن” هذه الصورة لا وجود لها اليوم، بل لو فعلها بعض الناس مقتدياً بالهدي النبوي الكريم لا ستحقره الناس لمخالفته ما جرت به العادة، ولأصبح حديث القاصي والداني في المجتمع.
من صور التقليد الأخرى التشبه بمن يسكن خارج الحدود في الشكل والزي والمنطق بزعم التقدم والحضارة، ونقول لهم ليتهم قلَّدوا في كل جديد مستحدث في الصناعة والإنتاج والطب والتقنية وكافة العلوم العصرية بدلاً من التقليد في السلوك والعادة التي من خلالها اتبعوا الهوى وأضاعوا الهوية.
في الختام، آن الأوان لأفراد المجتمع الانعتاق من تلك العادات والضرب بها عرض الحائط، فالعادات والتقاليد من المتغيرات التي يسوغ فيها الخلاف، فكل عادة لا تؤمن بها فلا حرج عليك العمل بضدها، ولا تكترث بما يقوله الآخرون فرضا الناس غاية لا تُدرك، أما التمسك بالثوابت في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات فهي الغاية التي لا تٌترك وفيها الاقتداء.
التعليقات