كل البلاد التي يتم احتلالها من قبل المستعمرين يترك المستعمر خلفه ميراثه، كما يترك بعضاً من ثقافته وعلومه ولغته، يبدو ذلك جلياً في شمال أفريقيا فقد ترك المستعمر الفرنسي حضارة ماثلة في اللغة وبعض السلوك البشري المتميز رغم بشاعة ذلك الاحتلال الذي راح ضحيته الملايين من البشر لطرد المستعمرين.
لم يترك الأتراك خلف ظهورهم – تَرِكَة -عند احتلالهم لشبه جزيرة العرب سوى الحصون والقلاع التي لا تزال شواهد في جبال السروات دلالة على الحروب التي أوقدوها بهدف السيطرة على الموارد، وتقديم فروض الولاء والطاعة على السكان بدفع الإتاوات نظير حمايتهم كما يزعمون؛ كما لم يجد الأتراك الترحيب من سكان شبه الجزيرة العربية لاختلاف اللسان العربي عن اللسان التركي من ناحية، ولعدم قناعة سكان الجزيرة العربية بالأهداف التي من أجلها كان هذا الاحتلال.
حضارة الأتراك غائبة عن كل بلد وقع تحت سيطرتهم إزاء الاحتلال، فلم يتركوا بعدهم سوى الخراب، ومن الشواهد على ما نذكر حصار الدرعية وقتل الناس وهدم وحرق المنازل وقطع أشجار النخيل وتدمير البشر والحجر والشجر في عمل ممنهج عبثي وكارثي بكل المقاييس.
على الرغم من طول مدة السيطرة من الأتراك على شبه الجزيرة العربية آنذاك إلا أنهم قد واجهوا مقاومة شرسة من قبائل الجنوب، كان النصر فيها للقبائل لتنتهي فصول تلك المناوشات بدحر وطرد جيش الأتراك من عسير في نهاية المطاف إلى الأبد.
الدافع لهذا المقال هي جملة الاعتداءات من قبل الأتراك على السائحين العرب هذا العام وما قبله، ناهيك عن استغلال السائحين العرب بشكل عام والخليجيين بشكل خاص بكل الطرق والوسائل لسرقة أموالهم بالقوة تحت نظر وسمع الجهات المختصة التي لا تحرك ساكناً.
ومن خلال رصد حوادث الاعتداء والمقابلات والتصريحات التي يتفوه بها المواطن التركي العادي نجد في تلك التصريحات نبرة العنصرية والكره لكل عربي، ناهيك عن التجمهر والتداعي بشكل جماعي للفتك والقضاء على كل عربي مقيم أو سائح على أرضهم عند حدوث أدنى مشكلة عارضة.
خاتمة القول: رسالة لعقلاء الأتراك نقول فيها ليس من العدل والانصاف أن يتم التعامل بعنصرية وفوقية للسائحين الوافدين إليكم بطريقة نظامية وبتأشيرات سياحية، فالسياحة إحدى العوامل للازدهار والتنمية الاقتصادية، ولم يأتوا إليكم إلا ليعطوكم لا – ليأخذوا منكم، فليس من يأخذ كمن يعطي، وشتَّان بين من يأتي قاصداً الاحتلال ومن يأتي قاصداً للسياحة؛ ورسالة أخرى للسائحين العرب نقول فيها اتركوا للتُرك أرضهم، وأرض الله واسعة، وبلاد العالم أجمع تتشرف بزيارتكم، فاجعلوا اختياركم لاحقاً عند من يحتفي بكم ولا يغلق أبوابه دونكم.
التعليقات