جعل الله الليل لباساً وسكناً، والنهار معاشاً ونشوراً، وجعل من البيوت سكناً تسكن فيها الأرواح، وترتاح الأجساد، وجعل بركة النهار أوله، فيه تقسم الأرزاق، وجعل بركة الليل آخره، حيث تنزل فيه الرحمات، وتستجاب فيه الدعوات.
اقتضت سنة الحياة في قديم الدهر وحديثه أن وقت العمل يبدأ بطلوع الشمس حتى غروب الشمس بما تقتضيه الطبيعة البشرية، ماعدا خفافيش الظلام وطائر البوم التي تعشق الظلام، حيث تنام نهاراً وتنشط ليلاً، لكي تقتات على فرائسها في الظلام.
من الناحية العلمية تنشط الساعة البيولوجية لدى الجنس البشري ومعظم المخلوقات الحية مع طلوع الشمس ويتوقف عملها مع حلول الظلام، وعندما ينام الإنسان ليلاً ويخلد للراحة يستيقظ أول النهار نشيط البدن، قوي الذهن، لديه القوة والحيوية التي تدفعه للعمل طوال اليوم بلا كلل أو ملل، ولا يشعر بالراحة عندما ينام نهاراً حيث تظهر عليه علامات الكسل والشعور بالضعف والوهن والإعياء.
يبدو في الوقت الحاضر أن سلوك بعض البشر أشبه بتلك الطيور وقت خروجها للاصطياد مع فارق التشبيه، فمعظم سكان البلدان العربية لا يعرفون شرف الوقت والزمان، يظهر ذلك جلياً في كثافة الحركة المرورية والعمل والكفاح في الليل والنهار.
أدركت دولة الكويت مؤخراً ضرورة غلق المطاعم والكافيهات والاستراحات وأماكن التجمعات الساعة الواحدة ليلاً بعد أن رصدت ارتفاع نسبة الجريمة في بعض الأحياء، وتعاطي المخدرات، وانتشار الرذيلة، وكثرة السرقات، والذي استدعى تقنين فترة العمل في القطاع الخاص وفق حدود زمنية معينة.
ما أود قوله: إن اقتفاء الأثر بدولة الكويت وتحديد فترة لغلق المحلات التجارية والمطاعم والكافيهات في عموم مناطق المملكة سوف يؤدي إلى خفض نسبة الجريمة، والتيسير على رجال الأمن والمنظومة الأمنية في عملها، كما سيؤدي لعودة الناس لمنازلهم للخلود للراحة والنوم والاستيقاظ صباحاً مبكرين لأعمالهم.
خاتمة القول: العبرة ببركة الوقت لا بكثرته في العمل والكسب، فالأرزاق قُسمت، والأقلام جفت، والصحائف رُفعت، فلنجعل تجارة النهار مع العباد وتجارة الليل مع رب العباد.
التعليقات