قبل الحديث عن واقع المرأة العصرية لا بد من فهم واقع المرأة في زمن الطيبين، فبالعودة إلى ما قبل ثلاثة عقود وأكثر كانت المرأة تؤدي المهام المنزلية على الوجه الأكمل لدى أسرتها أو في بيت الزوجية، ولديها مهام جسام في التربية والطبخ والنظافة والترتيب والحقوق الزوجية، ناهيك عن عملها خارج منزلها إن اقتضت الحاجة في تربية الماشية أو الزراعة.
تلك المهام في زمن الطيبين لم تُخرج المرأة عن طبيعتها التي خُلقت من أجلها، وكلما كانت أكثر نشاطاً للقيام بتلك الأعمال كانت فرصتها في الزواج أكمل وأشمل، يتسابق عليها الراغبين بالزواج ويبذلون فيها الغالي والنفيس من أجل الظفر بالزواج منها بما لديها من صفات الكمال المرغوبة، ولم يكن الجمال في المرأة هو المعيار الحقيقي للزواج، إنما الحيوية والنشاط هو المعيار الأساس للقيام بأعباء الأسرة علاوةً على الدين والأخلاق.
في زمن الطيبين تكاليف الزواج ميسورة، ونسبة الطلاق معدومة، التفاهم هو سيد الموقف، العمر مجرد رقم لا يُنظر إليه طالما كانت مؤهلة للقيام بالمسؤولية، البيوت حجرية طينية متواضعة، لكن الحب والتضحية يملأن الأركان والزوايا بها، يتفانى كل طرف في عمله بشغف دون عجز أو كسل، ولديه من الأعمال ما يشغل بها ليله ونهاره فليس لضياع الوقت متسع.
في الوقت الحاضر ظهرت المرأة العصرية (النسويات)، فلم يعد البيت هو الركن الركين لعملها، فقد وجدت خارج منزلها عملاً آخر، غير مهم طبيعة العمل، ولا حتى الراتب الذي تتقاضاه، ولا فترة العمل التي قد تمتد حتى ساعات الليل الأخيرة، المهم لديها هو الحرية والانفلات من رق الأسرة والزوج كما تزعم، بعد أن تركت مسؤولية الأسرة للعاملة المنزلية لتدبير شؤونه، وتربية أبنائه، ناهيك عن قضاء الليل في المقاهي واللاونجات في منظر مأساوي يدعو للشفقة عليها تارةً والعتب على أهلها وذويها تارةً أخرى الذين لا يسألون متى خرجت؟ ومتى ستعود؟ وأين ذهبت؟ ومع من ستذهب ؟.
اللافت للنظر أن المرأة العصرية أقل حظاً من غيرها في الزواج، ربما لاختلاطها في العمل، أو لنفورها من تحمل المسؤولية للقيام بشؤون الأسرة، أو الانجاب، أو تربية الأبناء، فتلك أعباء لا تستطيع حملها، ولا القدرة على الوفاء بالتزاماتها، ناهيك عن عدم الرغبة في الزواج منها لدواعي تتعلق بالحشمة والحياء، فهم ينظرون للمرأة العاملة في الأماكن المختلطة بأنها لا تستحق أن تكون أماً لأبنائهم لاحقاً.
ما أود قوله، أن السعي لكسب المال ليس عيباً في حد ذاته، لكنه يقدر بقدره، فالمال مهم لكنه ليس الأهم، وإذا خرجت المرأة للبحث عن العمل خارجه فمن يبقى لعمل البيت وأهله، فلدى المرأة مهام عديدة في بيتها تستهلك ساعات يومها دون الفراغ منها متى قامت بمسؤولياتها كاملة، ما يقتضي توفير العمل المناسب لطبيعتها عندما تدعو الحاجة بما لا يؤدي إلى التقصير في تربية أبنائها والقيام بشؤون أسرتها كاملة.
التعليقات