الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

البنيان المرصوص – بقلم الكاتبة أ. قبله العمري

البنيان المرصوص – بقلم الكاتبة أ. قبله العمري

عندما تصلنا مقاطع التصوير العلوي
اشاهد جمال البيوت القديمة،
وهي اليوم صامته، صامدة،
وعدت بذاكرتي للوراء
وكما قرأت لأحد الأخوة
حين قال ، في كل صباح

وانت عائدا من المسجد تشاهد الدخان المتصاعد من البيوت ائذاناً بانطلاق يوم جديد
وصياح الديكة و اصوات البهم ، وانت تسمع قرع الاقدام،
و ابتهال الاباء ، يالله في يوم لا شر فيه،
و تسليمات الجيران بعضهم على بعض يملأ القرية
هذي صورة من الماضي ،
لا ابواب مؤصدة و لا زيارات مرتبة
ولا خوف على المال والعيال فالجميع بمثابة البيت الواحد

كذلك كانت تلك البيوت شاهدة على عصر
البساطة و شجاعة الرأي والقرار،
عندما خط الجد الأول و أولاده
خط البناء الأول وقرر مكان المنزل ، كان هذا له وللأجيال من بعده
تعاقبت الاجيال على سكن هذه البيوتات

فعاشت متراصة كحال المسلم للمسلم عندما شبهه رسول الله بالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا)
كيف استطاعت قُرانا ان تعيش قرونا طويلة من الزمن وهي في المكان ذاته والتصميم عينه و الالتصاق والتراص جنباً الى جنب،،أليس هذا دليل على أنهم حرصوا على ذلك للحفاظ على
الغطاء النباتي المصدر الأول للرعي و الزراعة و الانتاج
الزراعي و الحيواني،

حرص الاوائل على تراص المساكن وعدم التوسع فيه
وعدم البناء العشوائي وعدم التوسع في المسكن نفسه
لكي ،لا تنجرف التربة بكثرة ولكي يحافظون على البيئة
ولكي يحافظون على محميات ومناطق الرعي،
هذا الخط و القانون وهذا الفهم

اجزم أنه غاب عن كل من بنى بيته حديثا منذ خمسين عام تقريباً، فوجود السوبر ماركت،و رفوف البقالة،و صنابير المياه ،لاشك انها صرفت اذهاننا جميعاً عن حاجتنا لهذه الرقعة الخضراء فهذه الرقعة الخضراء اليوم تئن من اصوات الشيولات والكسارات ، و الحفريات العشوائية،
هذه الرقعة الجميلة التي نتسابق من اقاصي الأرض
لنستظل بظل اشجارها ، ونحدق فيها لنمتع ابصارنا ، ونشنف اذاننا لاصوات الطبيعة ،
تحتاج منا الوفاء قليلا
ولن يحافظ عليها المواطن إلا بقانون من الوزاراة المعنية،

فللأسف
التوسع العمراني العشوائي وبناء بيوت كبيرة خاوية في الغالب خلق لنا صفوفا واعمدة كثيرة اسمنتيه
لا تمسك ماء ولاتنبت كلأ ، اجحفت هذه البيوت على الرقعة الخضراء ، واجحفت على التركيبة السكانية ، واجحفت على اللحمة الاجتماعية، واجحفت على بساطة الاإسان واخراجه من بشريته،
ثم إن بعضها تحرس من لايستحق الحراسة،!

بيوت الأولين ،
استوقفتني في مقاطع التصوير الجوي وفي جولاتي الطبيعية
منظر بيوت ومنازل الاولين في قرى جبال السروات وحتى تهامة و الاصدار ،
كيف كانت جنبا الى جنب
وقد تشكل بعضها وحدات سكنية تخرج في ساحة واحدة، في بساطة ( عش في الدنيا كأنك عابر سبيل )
اتراها صدفة؟ أم انها عمل متفق عليه ؟
بحيث لا تتأثر البيئة بالبناء الجائر؟
تلك الهندسة البسيطة، هي عنوان لهمة جماعية
عالية جعلت لها عدة قوانين ،

اولها الحفاظ على البيئة بشكل عام بعدم التوسع العمراني العشوائي ،
ثانيها .. الحفاظ على الغطاء النباتي و الحفاظ عليه ضرورة للحفاظ على وجود مناطق خصبة للرعي بحيث .
أن اجدادنا حرصوا على تنمية مايعرف بالثروة الحيوانية ، وذلك من خلال المحافظة
على المحميات و مناطق الرعي من هذا التوسع العمراني العشوائي الحاصل اليوم
واتساءل هل فكرت وزارة البيئة والزراعة و وزارة الاسكان و وزارة التخطيط و صندوق الاستثمار ،
في ان تحد من التوسع العمراني العشوائي في منطقتنا الجنوبية الجبلية

جبال السراة .. حيث انها مناطق رعويه بامتياز و مصدر للثروة الحيوانية بامتياز، ومصدر لثروات اخرى كثيرة،
اتمنى ان تلتفت الوزارات المعنية لهذا .

*اضاءة، بيوت الأولين تشهد على نبلهم ورقي فكرهم وعِظم همتهم ، وبعد النظر لديهم .

دمتم بخير.

التعليقات

3 تعليقات على "البنيان المرصوص – بقلم الكاتبة أ. قبله العمري"

  1. فعلا كانت القرى القديمة تراعي الغطاء النباتي ولذلك كانت تبنى في أماكن مرتفعه عن مجاري السيول كما تراعي التقارب مع الحيران فالكل عائلة واحده
    أبدعتي والله

  2. ‏لاحظت تراص وتقارب القرى القديمه بشكل قوي جدا بل مداخل البيوت بجانب بعض
    وتساءلات عن سر المودة والمحبة التي بينهم رغم ان الأمر لايخلو من الخلاف والذي هو ملح الحياة
    فوجدت قربهم جعلهم يتنفسون أنفاس بعضهم البعض بحكم قربهم
    يسمعون أنات بعض فيحنون على بعض يطبخون فيتقاسمون الأكل كما تقاسمت أنوفهم رائحة الأكل
    …….الخ
    دمتي دائما مبدعه
    ننتظر جديدك

  3. الذي جعل البيوت قديما صغيرة ولا تفي بالغرض المقصود هو ضيق ذات اليد والفقر والحاجة ناهيك عن كون الناس في الماضي مختلطين في المنام والأكل والعمل جنبا الى جنب رجالا ونساء اقارب واباعد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *