الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

الطب والأطباء بين ( العلم و نقص التواصل ) – بقلم الكاتب أ. محمد ناصر الاسمري

الطب والأطباء بين ( العلم و نقص التواصل ) – بقلم الكاتب أ. محمد ناصر الاسمري

 

استوقفتني تغريدة للطبيب صالح سالم الغامدي استشاري قلب – خبير الضغط والتوتر ونصها: « لا ينقص كثيـــر من الأطباء الكفاءة العمليــــة، ولكن الغالبية الساحقة ينقصهم مهارات التواصل التي ستسهل عليهم وعلى المرضى والعاملين معهم الحياة كثيراً، قد يؤدي الطبيب عمله بشكـل صحيح علمياً وعملياً، ولكن قد يتعرض مع ذلك لشكوى بسبب سوء التواصل، دورة وورش عمل مهارات التواصل يجب تكــــرارها وتطبيقها».

تمثل علاقة الطبيب بالمريض عنصراً بالغ الأهمية في ممارسة الرعاية الصحية، وتقديم خدمات عالية الجودة في تشخيص المرض وعلاجــــه، كما تعد علاقة الطبيب بالمريض أحد الأخلاقيات الأساسية في مهنة الطب، ولكن في بعض الأحيان تعتري هذه العلاقة بعض الصعوبــــات. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، هناك مشكلة في صعوبة التواصل بين الطبيب والمريض أحياناً، وتنجم المشكلة عن تعــــــدد الجنسيات والخلفيات الثقافية والاجتماعية للمقيمين بهذا البلد، مما يتطلب من الطبيب المحاولة الدؤوبة للتغلب على هذه الحواجز، ومحاولة كسب ثقة المريض مـــع الاحترام الكامل لهويته وخلفياته. تتشكل العلاقة بين الطبيب والمريض عندما يلبي الطبيب الاحتياجات الطبية للمريض، وتحدث هذه العمليــــــــة عادة في جو تسوده الموافقة، تُبنى هذه العلاقة على الثقة والاحترام والتواصل والتفاهم المشترك بين الطبيب والمريض، الثقة في هذه العلاقـــة متبادلة.

فالطبيب يثق بأن المريض سيكشف عن أي معلومات قد تكون ذات صلة بالحالة، ويثق المريض بدوره في الطبيب بأنه سيحترم خصوصيته ولن يكشف عن هذه المعلومات لأطراف خارجية. ومن الديناميكيات الخاصة لهذه العلاقة أن الطبيب ملزم بقسم لاتباع إرشادات أخلاقية معينة ( قسم أبقراط ) في حين أن المريض ليس كذلك، من المهم أن تتذكر أن العلاقة بين الطبيب والمريض هي جزء أساسي من الرعاية الصحية وممارسة الطب. وصحة العلاقة بين الطبيب والمريض ضرورية للحفاظ على جودة عالية للرعاية الصحية ولضمان الأداء الأفضل لعمل الطبيب.

في الآونة الأخيرة أصبحت الرعاية الصحية أكثر تركيزًا على المريض، مما أدى إلى ظهور ديناميكية جديدة لهذه العلاقة القديمـــــة، أعرف من خلال دراستي الأكاديمية ما يعتري تواصل المتخصصين (Provincials communication) في شتى الحقــــول والعلـــــوم الإنسانيـــة والطبيعية. بعض هذا السمت أو النسق قد يأتي من خلال المعرفة والعلم والخبرة التي يتعامل بها المتخصصون فيما بينهم إلى حد ما، مما قد لا يكون متاحا مع الآخرين، وهذا في المجال الطبي والعلوم الصحية سواء أكان الحال مع الأطباء بمختلف درجاتهم المهنية أخصائي أو استشاري ، بل حتى الممارسين الصحيين نساء ورجالاً.

ليس هذا في حال اختلاف اللغة، بل في حال اللغة الواحدة، ولتكن هنا العربية، ولهذا فلعل من المناسب أن يتلقى الأطباء والممارسون الصحيون دورات تأهيلية في اساليب التواصل مع العملاء، وهم هنا المرضى ليكون للفعـــــل الإنساني أثر في تحسين الحالــــة النفسية، وربما المـــــرض العضوي. ولا أعرف كيف يتعامل الأطباء في إبلاغ المريض بنوع المرض وخطورته وفرص الشفاء، وأتعجب من طلب المريض أو من يرافقـــه أن يوقع على نماذج معدة، ويشهد على هذا شاهدان في العادة من الممارسين الصحيين بإخلاء مسئوليـــة الطبيب أو الطبيبة المعالـــــج عن أي مضاعفات قد تحدث.

لا أزال أتذكر عميدة كلية الطب في جامعة الطائف الدكتورة دلال نمنكاي، التي تلت القسم الطبي للطبيبات والأطباء المتخرجين، الذي هذا نصه: « نص قسم الطبيب، نص قسم الطبيبة، نص خريجين كلية الطب الجامعات السعودية: أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لديني وبلادي ومليكي، وأن أراقب الله في ممارسة مهنتي، مسخرا علمي لصون حياة الناس دونما تفريق بينهم، محافظا على أعراضهم، ساترا لعوراتهم، وكــــــــاتما لأسرارهم وأن أجتهد في طلب العلم، موقراً من علمني ومعلما من يصغرني والله على ما أقول شهيد».

كما ما زال في البال القسم الذي تلاه الطبيب الوزير حسين الجزائري – كتب الله له الشفاء وجزاه الله خير الجزاء على ما عمل وقدم وعالج: هنا نص القسم الذي أقسمه الأطباء/ الطبيبات خلف الدكتور الجزائري: «أقسم بالله العظيم أن أؤدي عملي بالأمانة والصدق والشرف، وأن أحافـــظ على سر المهنة، وأن أحترم تقاليدها، وأن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، وتحت كل الظروف والأحوال، باذلاً ما في وسعي لاستنفاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرهم، وأن أكون على الــــدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي للقريب والبعيد للصالح والطالح، للصديـق والعدو، وأن أثــــــابر على طلب العلم، وأسخره لنفــــــع الناس لا لضررهم، وأن أوقر من علمني، وأن أكون أخاً لكل زميل في المهنة، وأن أبذل روحي ودمي في سبيل وطني.. والله على ما أقول شهيد».

ربما الأطباء المتخرجين من جامعات الغرب يقسمون قسم أبقراط ( أبو الطب ) وأعلم أن لدى كليات الطب في العالم العربي قسم يقسمون عليه، ولا أعلم إن كانت وزارة الصحة أو هيئة المهن الطبية / الصحية من مهامهما أن يؤدي القسم كل من يعمل في المجال الطبي في بلادنا… أدام الله الصحة والسلامة لكل مريض ومريضة، وطبيبة وطبيب، وممارس وممارسة صحية.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *