ذكر ابن فارس في معجمه عن مفردة حقير فقال: (حَقَرَ) الْحَاءُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، اسْتِصْغَارُ الشَّيْءِ. يُقَالُ شَيْءٌ حَقِيرٌ، أَيْ صَغِيرٌ. وَأَنَا أَحْتَقِرُهُ: أَيْ أَسْتَصْغِرُهُ. ومن هذا نقول أن أحقر البشر في هذا الزمان هو من يستغل شيء مقدس لقاء شيئ تافه. أن ما يفعله الكثير من بائعي الشرف والفضيلة في برامج التواصل الاجتماعي وما يقدمونه من الحقارة والخسة ليجعلنا نشعر بشئ من القرف والغثيان أمام هذا الانحطاط الأخلاقي واللغوي والمفاهيمي، وغيرها، فأصبح الدنيئ هو من يوجه الناس..
أما أصحاب الفكر المستنير والمحتوى الهادف فتواجدهم ضعيف أو غائبا، أصبح بائعي الفضيلة بأبخس الأثمان، ومروجي التفاهة هم متصدري المشهد حتى لو كان ذلك على حساب الأسرة وبالذات الوالدين الطاعنين في السن، واغتيال براءة الأطفال بأحط وأوضع الطرق، لا لنشر فضيلة أو درء رذيلة إنما لزيادة أعداد المتابعين وبالتالي الحصول على عقود إعلانية لأتفه الأشياء وأردى البضائع، وكل ذلك والعالم يصفق.
عجبا لأمر أولئك المطبلين، لا أدري هل يحملون وعيا راشدا وإدراكا واعيا لما يقومون به من خلال مشاركة تفاهات أولئك المرضى الذي لا يتورعون عن زيادة أتباعهم ولو كان ذلك على حساب العرض والشرف، واغتيال للفضيلة والعادات الرفيعة التي نشأ عليها هذا الشعب الكريم. لقد كنا نخجل أن نرفع أعيننا أمام والدينا احتراما وتقديرا، خلاف ما نراه في هذا الزمان من امتهان لكرامتهما بافتعال المواقف الخسيسة للضحك والوناسه.
لم يكفهم الاستعراض بالأجساد العارية والحركات المريبة، بل وصل الحال بهم إلى نشر أسرار البيوت، وهتك أستارها، وعرضها على العالم كأسخف ما يشاهد في هذا الزمان. لم يعد للبيوت حرمتها، ولم يعد للفضيلة اعتبارها، لدى أولئك المرضى من ممتهني التفاهة والسفاهة. الشعب السعودي الأصيل لا يرضى بمثل هذا الإسفاف والتدني في مستوى الطرح والعرض، وأبنائه وإن كانوا ليسوا بملائكة إلا أنهم لا يرضون بمثل هذه الأشياء. أن هذا السيل من التفاهة يعتبر ابتلاء كبيرا لكل صاحب فضيلة أو حامل رسالة،
بعد أن أصبح دورهم هامشيا، واتخذ البعض التفاهة عنوانا رديئا لكل ما يبثه. الكمال لله عز وجل ونحن بشر قد نخطئ، لكن الأصالة التي نشأنا عليها تأبى علينا الاستمرار، فحق على كل من يخطئ التوقف والتوبة إلى الله، والاعتراف بالخطأ احتراما للعادات والتقاليد والأعراف التي تربى عليها، وإلغاء كل الاشتراكات في تلك القنوات المشبوهة والهابطة، وتجاهلها كفيل بتحطيمها والقضاء على أصحابها وإعادتهم إلى جحورهم اللائقة بأمثالهم.
وليتنبه الجميع وليعلموا أن كل ما تبثه تلك القنوات المشبوهة له هدف واحد هو خلق حالة من الاضطراب لدى البعض للتشكيك في توجهات الدولة وضرب اللحمة الوطنية، بعد أن فشلت كل مخططاتهم الاستئصالية الوصولية من خلال التفجيرات والإرهاب، وتزوير الحقائق. لكننا ولله الحمد في هذا البلد سليمين فكريا وعقديا وقلوبنا نظيفة خالية من الغل والحقد والحسد، فكان الله معنا ولطالما انتشلنا ووقف معنا في كل أحوالنا.
إذا أردت النجاح في الحياة .. اجعل المثابرة صديقك الحميم، والتجربة مستشارك الحكيم، والحذر أخاك الأكبر، والرجاء عبقريتك الحارسة.” جوزيف أديسون”.
التعليقات