بما أن المملكة العربية السعودية – حماها الله- لم تخضع لذل مستعمر فقد بقيت طاهرة من أي دنس استعماري، ومنذ وحدها المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله وحتى الآن عاش شعبها حالة من التحرر من التبعية والإستسلام، مما جعل باطنه كظاهره في جل تعاملاته مع الآخر، وكان جلالته – رحمه الله- مدركاً لما يحاك ضد بلاده وشعبه، لذلك كان توجهه صريحاً واضحا بخصوص علاقاته مع دول العالم والتي جعل أساسها مبني على الندية والاحترام المتبادل بما يخدم البلاد والشعوب، وكان من ورائه – رحمه الله – في ذلك شعب يتسم بالشيم الرفيعة والاعتزاز بالنفس وعدم الاستسلام لهيمنة أي أحد، وهذا شيء متوارث من الجدود للأبناء.
وهذا الاعتزاز والعنفوان للشعب جعل قلوبهم نقية صافية غير حاقدة تسعى إلى تقديم يد العون والمساعدة لكل محتاج من قريب أو صديق، وهذا كان له أعظم الأثر في تحلي هذا الشعب العظيم بنوع من الشفافية المميزة عن باقي الشعوب. هذا الشعب السعودي العظيم بهذه الشفافية التي لم يتم اكتشافها من قبل الآخرين الا في وقت متأخر جدا، مع قدوم قامات فخمة وقيادات عظيمة تعرف أصالة هذا الشعب وتقدر له هذه الأصالة، فكان الأمر متوقفا على منح الفرصة لهذا الشعب للظهور، وكم كان ظهورا عظيما كعظمة ظهور الآباء والأجداد.
جل من حضر إلى المملكة العربية السعودية زائرا أو سائحا إن لم يكن جميعهم وخالط الشعب السعودي وعرف طيب معدنهم ونقاء سريرتهم وصفاء أرواحهم كان أعظم ما شاهدوه ولمسوه علاوة على مد جسور التواصل الثقافي مع العالم واكتشاف الكنوز الأثرية الهائلة والمواقع التاريخية النادرة في المملكة، وعلاوة على كونها مهبط الوحي وضمها الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وعلاوة على موقع المملكة الاستراتيجي في وسط العالم مما ساهم في سهولة الوصول اليها واكتشاف كنوزها. كان من أعظم ما شاهدوه ولمسوه هو الشعب السعودي وما يتحلى به من الشفافية والتواضع وما يحمله من أصاله الماضي ومواكبة الحاضر، تنوع الثقافات بين مختلف مناطقها، لكن يجمعهم الالتزام بتعاليم الإسلام التي تحكم تصرفاتهم الشخصية والسياسية والاقتصادية والنظامية.
وكان مما لفت انتباه الزائر للمملكة كرم شعبها الذي لا يضاهيه أي من الشعوب التي زراوها أو عاشوا بها فالفرد السعودي يتفرد بالكرم الفطري الغير متكلف النابع عن أصالة متجذره في النفس والشعور. ومهما كانت أحوال المضيف فإنه سيعمل جهده على البقاء داخل هذا الإطار الاجتماعي، ويصدق في حق هذا الشعب الأبي قول إيليا أبو ماضي عندما قال: كالورد ينفح بالشذا حتى أنوف السارقيه، فالكرم السعودي كما الزهرة الفواحة لا تختار من تقدم له شذا عطرها .
كذلك يتميز الشعب السعودي بالالتزام بتعاليم الإسلام مما جعل تعاملهم مع الآخر تعاملا فطريا خاليا من التكلف ، مستلهمين في ذلك قوله تعالى:” وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” مما كان له عظيم الأثر في قبول الاختلاف والترحيب بالمخالف وهذا بدوره أدى إلى خلق صورة من التواضع الفطري البعيد عن العنصرية والفردانية البغيضة، فالجميع مرحب بهم في كل الأحوال. ومن الصفات الأخرى المميزة للسعوديين أنهم شعب مجبول على إغاثة الملهوف فلا يفوت الفرد السعودي فرصة لمساعدة الملهوف وإغاثته وإبلاغه مأمنه في شتى الظروف وكافة الأحوال، وهذا من نتاج فطرتهم الطبيعية التي جبلوا عليها مستمدين هذا النهج من قوله تعالى:
{ وَإِنۡ أَحَدࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ یَسۡمَعَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ … }
وهناك صفات كثيرة يتمتع بها هذا الشعب الكريم من قمة هرمه إلى قاعدته الواسعة، والجميع يحملون من الصفات ما لا يمكنك التنبؤ به وكله موجه للخير والبناء والتنمية. أنتم أيها الشعب العظيم .. لقد أقبلت الدنيا عليكم فأكرموا استقبالها بالمحافظة على عاداتكم النبيلة وتقاليدكم الأصيلة فهي نيشانكم الذي تفاخرون الأمم به وتميزكم الذي لا يبارى، فهذه العادات والتقاليد ما هي إلا تعبير عن وجدان وثقافة المجتمع وموروثها عبر مئات السنين، وهي همزة الوصل والرابط المتين بين مختلف الأجيال والمحافظة عليها يجعلها عايشة مستمرة متنقلة بين كافة الأجيال جيلاً عن جيل، ولن يزيد تمسكم بها والمحافظة عليها وإبرازها زيادة في التقدم والازدهار والاحترام والتقدير، فما تخلى شعب عن تميزه إلا وكانت سببا لتعاسته. فليحم الله هذه البلاد بقيادتها العظيمة وشعبها الفخم.
إن حاجة المرء إلى أن يشعر بأنه موضع تقدير وأهمية واحترام هي التعطش الأعمق في الطبيعة الإنسانية ، وبالتالي فإن سر السحر الشخصي أو الجاذبية الشخصية أمر بسيط : أجعل الآخرين يشعرون بأهميتهم. – برايان تريسي
التعليقات