الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

حتى نفهم المناخ السياسي الأميركي – بقلم الدكتور فايز بن علي الشهري

حتى نفهم المناخ السياسي الأميركي – بقلم الدكتور فايز بن علي الشهري

 

في خطاب تنصيبه كرئيس منتخب (يناير 2021)، أوضح “جو بايدن” عزمه على إغلاق “الانقسامات العميقة والمريرة” في المجتمع الأميركي، وطالب أيضا بإنهاء “هذه الحرب غير المتحضّرة التي تحرّض الأحمر (الحزب الجمهوري) ضدّ الأزرق (الحزب الديمقراطي)، والريفي على الحضري، والمحافظ ضد الليبرالي”، ولكنّ الحقيقة أن الانقسامات بين الحزبين أعمق من أن يشطبها أو يخفّف منها خطاب رئيس أتى من عمق هذه الانقسامات وفاز بسببها، وهذا ما تكشفه الدراسات التي أجراها “مركز بيو للأبحاث” التي أوضحت تزايد الخلاف الصارخ بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأن الاقتصاد والعدالة بين الأعراق، وفي قضايا تغيّر المناخ، وإنفاذ القانون والسياسة الدوليّة وقائمة طويلة من القضايا الأخرى.

وخلال الأعوام التي تلت هذا الخطاب لم تجد الإدارة الأميركيّة (الديموقراطيّة) بضاعة سياسيّة لإدارة المشهد الأميركي سوى الملفّات التي تزيد من حدّة هذه الانقسامات. وكانت البداية مع تمكين الشواذ (المثليين) في الإدارة العليا والوسطى، ثم قضيّة الإجهاض، والتساهل في ملف المهاجرين، ثم كان موضوع المناهج التعليميّة وإثارة الرأي العام حول تعريف الأسرة والجنس، وليس آخرها تليين قوانين تعاطي الحشيش، هذه القضايا وإن كانت تمثّل عناوين الرواج الشعبي للديمقراطيين، إلا أنها في ذات الوقت على الخط المعاكس للخطاب الأميركي المحافظ، ولعناوين شعارات إصلاح أميركا عند معظم الجمهوريين وبرامجهم.

وفي تحليل لمجلة “الإيكونيميست (3 سبتمبر 2022) يقول “كريس وارشو” المؤلف المشارك لكتاب “الديمقراطيّة الديناميكيّة Dynamic Democracy”: “بينما تسير (الخمسين) ولاية في اتجاهات مختلفة فيما يتعلّق بالسياسات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، فإن النتائج سوف يشعر بها جميع الأميركيّين بعمق، بغضّ النظر عن موقعهم في الطيف السياسي، مع تداعيات ستمتدّ الى جميع أنحاء العالم”.

وحيث إن الانتخابات النصفيّة (8 نوفمبر 2022) ستعطي مؤشرا للمزاج السياسي الأميركي واستحقاق الانتخابات الرئاسيّة في نوفمبر 2024 إلا أن التعويل على هذا لا يكفي مع التزايد المتوقع في نسبة المستقلّين عن الحزبين وعدم وضوح اتجاهات الرياح السياسيّة فيما يُعرف بالولايات المتأرجحة “Swing states” في ظلّ وضع سياسي لا شبيه له منذ الحرب الأهليّة، يضاف إلى ذلك غياب المرشحين “النجوم” في كلا الحزبين وعدم ثبات البرامج الانتخابيّة حتى الآن، تقليديّا كانت ولايات أريزونا وجورجيا ونيفادا وميتشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، ومعها (إلى حد ما) نيو هامبشاير وكارولينا الشماليّة حاسمة في ترجيح كفّة مرشحي الانتخابات حتى آخر لحظة، ولكن كاتب مجلة “the Atlantic” رونالد براونشتاين (عدد 14 أكتوبر 2022) لا يتفاءل كثيرا حيث يرى أنه وبغضّ النظر عن الحزب الذي سيفوز بالسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في الانتخابات النصفيّة، فمن المؤكّد تقريبًا أن النتائج ستعزّز التناقض الذي يغذي التوتّر السياسي المتزايد باطّراد في البلاد.

  • قال ومضى .. من نكد الدنيا أن تختار بين أهون الشرّين
  •  

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *