أخذت الأزمة الأوكرانيّة – الروسيّة، التي دخلت شهرها السادس، جُلّ الاهتمام العالمي مع إهمال أزمات وقضايا كانت في الصدارة العالميّة. ويعود السبب الرئيس إلى أن طرفيّ الأزمة هما الغرب وروسيا، حيث يمتلك الغرب (الولايات المتحدة ودول أوروبا) الإعلام العالمي ويوجّهون المنظّمات الأمميّة وبالتالي فقضاياهم ستحتلّ الأجندة الإعلاميّة والسياسيّة. والسبب الثاني هو تحرّك الدب الروسي (النووي) بخشونة على حدود أوروبا المسترخية على قوّة ماضيها وهيمنة حواضرها على الاقتصاد والسياسة العالميّة على مدى عقود.
في المحيط العربي والإقليم المجاور له قضايا منسيّة، فها هي السودان ما برحت تعيش توتّرات سياسيّة وسط مخاطر الجفاف والصراع والانقسام السياسي الذي يواجه شعباً يصل تعداده إلى 45 مليون نسمة، مع معدّل تضخّم وصل إلى 388 % حاليًا. وهناك سورية والأزمة المستمرّة لأكثر من عشر سنوات وكأن ولادة 5 ملايين طفل في سورية منذ العام 2011 وهم لا يعرفون شيئًا سوى الحرب والنزاع والدمار لا تهم أحداً. أما الناجون في الداخل السوري (حتّى الآن) فيواجهون نقص التعليم والصحة والأمن مع زيادة متوسط سعر المواد الغذائيّة الأساسيّة إلى 236 %. زد على ذلك قوائم آثار الحرب المستمرّة التي حصدت في عشر سنوات أرواح نحو 400 ألف شخص، وتسبّبت بتهجير ما يقرب من 13 مليون شخص إلى مناطق اللجوء والنزوح داخل البلاد وخارجها.
أمّا بلاد الرافدين فكلّما حاولت النهوض من كبوتها السياسيّة والأمنيّة أعاقتها ميلشيات الفوضى والدمار (تجاوز عددها الثلاثين) والتي تأتمر بأوامر طهران وغيرهم لتواصل الخراب والفرقة بين مكوّنات الشعب العراقي. ويواجه العراق اليوم أزمات نقص في تأمين الغذاء (160 كم² من الأراضي الزراعيّة تحوّلت صحارى جرداء) وفي الصحة والكهرباء مشكلات، وفي التعليم حيث يوجد 12 مليون شخص أمي (قرابة ربع عدد السكّان) في العراق الذي كان يوماً ما منارة العلم والعلماء.
أمّا أفغانستان فنسبة الفقر بين السكّان نحو 97 %، ويواجه 23 مليون أفغاني (أكثر من نصف السكّان) حافّة الجوع. ومع انتشار الأمراض وسوء التغذية والوفيات فإن أكثر من 90 % من العيادات الصحيّة مهددة بالإغلاق.
أما اليمن (الجرح المفتوح) فقد باعته نُخبه السياسيّة والقبليّة لطهران مع أرضه ودماء شعبه، وباتت البطولات التي يسجّلها الحوثة (وكلاء الملالي) تذهبُ لمن يقتل اليمنيّين أكثر من غيره، ما تسبّب في أسوأ كارثة إنسانيّة عاشتها الأراضي اليمنيّة منذ انهيار سد مأرب عام 575م. وفي لبنان قصّة أخرى عنوانها “الدمار الاختياري” كتبها حزب الله-طهران بمشاركة وكلاء الفساد والفوضى من كل فصيل وطائفة، ما رفع التضخّم في لبنان إلى حدود 1000 % ودفع أكثر من 70 % من السكّان إلى ما دون مستويات الفقر.
مسارات .. قال ومضى : في السياسة كل ما قلّ ذلّ
التعليقات