الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

نظام الكفيل وبيئة العمل! – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

نظام الكفيل وبيئة العمل! – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

 

بالعودة إلى الوراء وتحديداً منذ نصف قرن تقريباً كانت بيئة العمل داخل المملكة مقصورة على المواطنين، فالنجار والحداد والجزار والعامل بدباغة الجلود وحفر الآبار والذي يبني الجدران بالحجر والطين والعامل بالحفر والدفن وغيرها من المهن والحرف اتقنها وعمل بها المواطن بكفاءة عالية دون أن يجد العامل في ذلك الزمن حرجاً أو يستنكف عن العمل، وقد كان يوصف من لا يتقن حرفة بأشد العبارات كالكسول والبليد والقاصر.

ومع مرور الوقت أتاحت وزارة العمل الفرصة باستقدام الأيدي العاملة ذات المهارة العالية من خلال نظام الكفالة والتي حلت مكان المواطن، ليتجه من له حرفة للعمل في القطاع الحكومي أو يقتصر على الزراعة والرعي تحديدا ويترك كافة المهن للوافدين، ما أتاح الفرصة للتاجر لفتح مؤسسته واستقدام الأيدي العاملة الرخيصة والتحول لريادة الأعمال بدلا من ممارسة العمل بنفسه.

ما سبق وإن كان له من الدواعي ماله، إلا أن سلبياته ظهرت جلياً في الوقت الحاضر، فعند عقد المقارنة بين الماضي والحاضر حول بيئة العمل نجد بوناَ شاسعاً، فالبطالة بين أفراد المجتمع لم تكن كما هي اليوم رغم قلة الإمكانات، وضعف المؤهلات، ومحدودية السكان، أما في الحاضر فقد أضحى شبابنا يمتلكون المهارات العالية، والتدريب الكافي، والمؤهلات العلمية العالية، ومع هذا نجد أن مؤسسات القطاع الخاص جعلت من أبنائنا العاطلين عن العمل حقلاً للتجارب في التوظيف تارة والفصل من العمل تارة أخرى دون وجود المبررات الكافية.

خلال تلك العقود الخمسة لم يستفد المواطن من خيرات بلاده ولا حتى وزارة العمل التي تمثل الحكومة وهي الجهة المسؤولة والمناط بها مراقبة بيئة العمل حيث فتحت الباب على مصراعيه للمؤسسات بالاستقدام برسم زهيد وبأعداد هائلة ساهمت بلا شك في البنية التحتية التي نشهدها في الوقت الحاضر وكان من نتائجها أن كانت الجهات المستفيدة -المالك للمؤسسة والوافد الذي تم استقدامه تحديداً دون غيرها.

لم تكن قضية التستر التجاري لتظهر لولا توالي عملية الاستقدام بأعداد مليونية جعلت أقصى ما يمكن للعاطل فعله هو أن يتحول رائدا للعمل غير ممارس له من خلال فتح السجلات التجارية واستقدام الأيدي العاملة وتركها بلا عمل حقيقي لتمارس كافة الحرف والأعمال دون رقابة كافية ليحظى هو بالفتات وتكسب هذه العمالة المليارات التي تتحول سريعاً للخارج دون أدنى فائدة على الوطن والمواطن.

ما أود قوله! أنه ليس من سبيل لتصحيح بيئة العمل في المملكة سوى في – الغاء نظام الكفالة- الذي استمر ردحاً من الزمن دون أن يؤدي الغرض المقصود منه، وأن تترك بيئة العمل متاحة للجميع – مالك المؤسسة، والوافد، والمواطن الذي يرغب بالعمل وفق عقود يتراضى عليها الأطراف ذات العلاقة بالعمل باعتبار العقد شريعة المتعاقدين والتي حتماً سوف تحد من كثرة الترافع بين الكفيل ومكفوله أمام مكاتب العمل او المحاكم الشرعية كما تتيح الفرصة لعودة المواطن ليمارس العمل الحرفي بنفسه مرة أخرى كما في الماضي دون وجل أو خوف من العيب، فهل تتجه وزارة العمل نحو هذا الإلغاء؟ نأمل ذلك.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *