الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

قمة جدّة و فرصة واشنطن – بقلم الدكتور فايز بن عبدالله الشهري

قمة جدّة و فرصة واشنطن – بقلم الدكتور فايز بن عبدالله الشهري

 

تعد قمّة جدّة التي جمعت قادة دول الخليج العربي الستّ ومصر والعراق والأردن مع الرئيس الأميركي “جو بايدن” فرصة أخيرة لواشنطن لتأكيد مصداقيّتها في تصحيح خطأ الاستراتيجيات وخطيئة التكتيكات التي اعتمدتها خلال العقدين الماضيين في المنطقة على مستوى الأحلاف، ينبغي أن تدرك واشنطن أن العالم والمنطقة يمران بمتغيّرات اقتصاديّة وجيوسياسيّة كبرى، وأن سياسة الاصطفاف مع قطب ضد آخر لم تعد ذات جدوى، ومن أسباب ذلك تداخل المصالح والعلاقات بين الدول والشعوب بشكل لا سابقة له. ومن هنا لم تعد مبررات الأحلاف القديمة ذات أثر مهما حاول هذا القطب أو ذاك.

ولعلّ واشنطن في المحيط الخليجي تدرك جيّداً أن الدول الخليجيّة الست لديها من القواسم المشتركة ( اجتماعيّاً، وجغرافيّاً، واقتصاديّاً، وسياسيّاً ) ما يكفل إعادة التوازن الخليجي في كل مرّة تعبث الأصابع البعيدة والقريبة في التناقضات والطموحات الصغيرة التي لا تلبث أن تختفي قبل اكتمال ظهورها. والمملكة العربيّة السعوديّة بوزنها السياسي والاقتصادي وقبل ذلك الديني تمد يدها لكل من يحقّق للمنطقة الاستقرار والأمن، ولكلّ من يدعم رؤيتها الطموحة لوطن مزدهر، وهي تمضي قدماً في تعزيز التنمية والازدهار. وهو الحال مع مصر بثقلها الكبير وخياراتها المفتوحة، وكذا الحال مع الأردن والعراق وإدراكهما أن العمق العربي وقلبه المملكة العربيّة السعوديّة ودول الخليج هو الضمان الوجداني والاقتصادي والأمني في ظل جموح وطموح دول إقليميّة وقوى تخدم مصالح لا تريد بهما خيراً.

هذه الدول لا تريد من واشنطن سوى كفّ الأذى، وعدم الدخول من الأبواب الخلفيّة لدول المنطقة للعبث بالمكونات الاجتماعيّة، أو تصدير مخاطر التنافس مع القوى الأخرى ( الصين وروسيا ) إلى المنطقة وتحميل دول المنطقة مشكلات السياسة والأمن والاقتصاد في الولايات المتحدة. وهذا ينسحب على حريّة سوق الطاقة، والتعاون الاقتصادي والمشاركة في التنمية في عالم منفتح ومفتوح.

وحيث أن عنوان قمّة جدة هو “الأمن والتنمية” إلّا أن الراصد المستقل يرى أن سياسات واشنطن في سنواتها الأخيرة لم تخدم الأمن ولم تدعم التنمية في المنطقة. وها هي القضيّة الفلسطينيّة ما برحت تراوح مكانها في السياسات الأميركيّة، وبرنامج طهران النووي ومشروعها التخريبي يعيث في دول المنطقة. على واشنطن أن تدرك أن على الحلفاء الصادقين التزامات، ولكن يتذكرون أن واشنطن لم تكن حاضرة والممرّات المائيّة في الخليج العربي والبحر الأحمر تتعرّض للتهديد، وغاب وتراخى الحليف المتأرجح حين هاجمت ذيول طهران المنشآت النفطيّة والمدنيّة السعوديّة، ناهيك عن إيقاف مبيعات الأسلحة وقطع الغيار التي تم التعاقد عليها في وقت حسّاس.

قال ومضى .. في السياسة يبقى المجد للأفعال مهما كانت بلاغة الأقوال

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *