الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

العمل المهني بين الاحتقار والاحتكار – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

العمل المهني بين الاحتقار والاحتكار – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

 

يبدو أن هناك فجوة تتسع يوماً بعد يوم بين سوق العمل والمؤهلات العلمية لدى الباحثين عن الوظائف بالقطاع الحكومي والخاص على حدٍ سواء؛ ساهم في اتساع هذه الفجوة عوامل عديدة لعل أبرزها، فتح الباب على مصراعيه من قبل الجامعات لقبول معظم الطلاب الخريجين من المرحلة الثانوية، علاوةً على صرف المكافآت الجامعية للطلاب الدارسين والتي كان لها دور رئيس في شحذ الهمة لطلب العلم، مروراً ببرنامج حافز الذي ساهم في زيادة هذه الفجوة بالمكافآت الشهرية التي تصرف للخريجين لعام كامل مما أبطأ بهم عن العمل، وبلغت هذه الفجوة أقصاها عندما فتح باب الاستقدام للوافدين بلا حدود للعمل في الشركات والمؤسسات المختلفة.

ليس من سبيل لردم هذه الفجوة إلا من خلال الحد من قبول الطلاب غير المحدود بالجامعات، وتوجيه الدارسين نحو التخصص المنتهي بالتوظيف، ماعدا بعض التخصصات النادرة كالطب بجميع اختصاصاته، والدراسات العليا بكافة أقسامها لسد الاحتياج من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، وقصر المكافآت الشهرية للمتميزين لضمان الجودة في المخرجات، والدفع بالباقي نحو العمل الحر والمهني الذي يطلبه سوق العمل في الوقت الحالي.

يمكن أن يكون مؤهل الكفاءة المتوسطة هو مفترق الطرق لتوجيه الطلاب نحو الأعمال المهنية التخصصية في العمل المباشر أو بالتوجيه نحو المعاهد المهنية للحصول على تخصص مهني دقيق تتطلبه الحاجة.

سوف يستنكف عن العمل بالمهن الحرة من لديه المؤهل العالي كونه يرى العمل لا يكافئ الدرجة العلمية التي حصل عليها، وعندها لن نجد سوى الوافدين الذين ينعمون بالعمل في هذا الوطن ويستفيدون من خيراته.

نطمح أن يكون لدينا أبحاث علمية مستفيضة لاستقصاء أثر المكافآت الشهرية على اتجاه الطلاب نحو الدراسة بالجامعات، وأخرى تدرس أثر برنامج حافز على اتجاه الخريجين نحو سوق العمل، ودراسات تبحث أثر ارتفاع نسبة الوافدين على سوق العمل وتوطين الوظائف للخروج بالتوصيات واستخلاص النتائج.

التنسيق والتكامل بين وزارة الموارد البشرية من جهة والتعليم والتخطيط والاقتصاد من جهة أخرى مطلب مهم في هذه المرحلة للحد من الهدر التعليمي أولاً، وتوطين الوظائف ثانياً، والتوسع في المهن الحرة التي يشغلها الوافدون للوصول إلى عملية الاحلال وفق خطة عمل منظمة لها مدى زمني محدد ثالثاً، وزيادة فرص التنمية البشرية رابعاً.

ختاماً: لن نخطو خطوة للأمام حتى تتغير المفاهيم لدى أبنائنا نحو العمل المهني من الاحتقار إلى الاحتكار، وأن تستثمر الطاقات في الدفع بهم للميدان لتوطين المهن والمنافسة الشريفة مع الوافدين حتى يأتي اليوم الذي نجد فيه أنفسنا وقد استحوذ أبناءنا على العمل في جميع المهن بلا استثناء بعد القضاء على مفهوم العيب من العمل بالمهنة في المستقبل.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *