الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

لا تحدثني كثيراً عن الدين – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

لا تحدثني كثيراً عن الدين – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

 

لا تحدثني كثيراً عن الدين.. فليعذرني الإمام البخاري – رحمه الله – فقد استعرت هذا العنوان من صحيحه مع بعض التصرف ليتواءم مع السياق، فقد روى أن ” … رسول الله صلى الله عليه وسلم كان “يتخول” أصحابه بالموعظة في الأيام كراهية السآمة عليهم”. ومن هذا المنطلق نتبين معرفته عليه الصلاة والسلام بأحوال النفس البشرية، وأنها لا تثبت على حال أبداً، وهذا شأن النفس البشرية، تجمع بين الشيء ونقيضه في آن واحد، وحالها كحالة بقية الأشياء.

فإذا كان اليوم يتقلب بين نهار وليل، والشمس تتقلب بين شروق وغروب، والريح تتقلب بين هبوب وسكون، والطقس يكون باردا تارة وأخرى حار، فإن هذا التقلب يوضح لنا أن هذا التقلب هو الشيء الثابت بين كل الأشياء، ويأتي الإنسان فيمثل هذه التناقضات مجتمعة والتقلبات المتناقضة، فمن السكون إلى الحركة، ومن الضحك إلى البكاء، وتارة تجده فرحاً وأخرى نراه حزيناً، وتجده اليوم محباً وغداً كارهاً، وتجده أحياناً تغلب عليه القناعة وفي أخرى نشاهد عليه شيئاً من الطماعة…. الخ ذلك من المختلفات والمتناقضات.

لهذا كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يباعد بين مواعظة وتوجيهاته، فلا يقوم بشيء من ذلك متى ما رأي أن الأمور تسير في الوضع الاعتيادي والحياة مستمرة مع متناقضاتها، والجميع بين هذه التقلبات يعيش إحدى صفاتها.

ما نراه ونشاهده اليوم يختلف كلياً عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعبارات كثيرة تملاْ كل قائم، فمن: لا تنس ذكر الله – لا إله إلا الالله -، إلى صلي على رسول الله ( اللهم صل عليه )، إلى كثرة برامج الفتاوى وتناقلها بين القنوات، وامتلاء الفضاء بالقنوات الدينية، وامتلاء وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة المواعظ والقصص الوعظية، وكأننا أصبحنا مجردين من كل فضيلة وأن الفساد يضرب بأطنابه في كل زاوية.

إننا بحمد الله في ظروف عامرة بذكر الله، والحياة تسير بتناغم واتساق لا ينغصها شيء، فإذا ظهر هناك شيء من المخالفات البسيطة بين الفينة والأخرى فهذا من طبيعة الحياة، ومن مدافعة الناس بعضهم بعضاً ” وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ”.

أيها الأحبة: لا تضيقوا واسعاً يا رعاكم الله، واتركوا للناس فسحة من الوقت لينعموا بحياة هانئة سعيدة، مليئة بألوان الفرح والمتعة، فتنتعش أرواحهم وتستقر أنفسهم، في الأوقات المخصصة للهو واللعب، و” اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ” وهكذا هي الدنيا بين هزل وجد ولكل وقته وزمانه.

وزبدة القول: أن هناك آلاف المصادر يستطيع أي شخص قراءتها عن الــــــدين.
لكن ما يهمني أخي الكريم.. أن أرى الدين ظاهراً في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك.

حفظكم الله ورعاكم.
M1shaher@gmail.com

التعليقات

تعليق واحد على "لا تحدثني كثيراً عن الدين – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر"

  1. مقال جميل ، لك التحية ، نحن نتواصى بالحق والفضيله ولكن في حدود التخول كما أسلفت ) فمن الخطأ ان نكثر التذكير و الامر بالمعروف حتى يكره الناس دينهم او يكرهوا بعض الاشخاص لانهم تعودوا منهم انتحال صفة الأستاذيه ، لذلك نرى اليوم في بعض التطبيقات مثلا مقاطع قرانية مبتوره ويكتب عليها اذا كنت تحب دينك اعمل ( لايك وشير ) وهذا متاجره و اسفاف وارخاص للقرآن و والدين ، وكما قيل ( ماهكذا تورد الإبل يا سعد ) شكرا لك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *