الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

الترهل الفكري – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

الترهل الفكري – بقلم الكاتب أ. محمد عبدالله بن شاهر

 

قيل أن الضفدع إذا وضع في ماء حار فإنه يقفز سريعاً إلى الخارج لكن إذا وضع في ماء دافئ فإنه لا يقفز، وحتى مع ارتفاع درجة حرارة الماء بشكل تدريجي بحكم أنه يتأقلم مع الزيادة في حرارة الماء، ويظل على هذا الحال حتى يتم طبخه ولا يستطيع القفز، لأنه استنفد طاقته في التكيف مع حرارة الماء. الحقيقة أن بعضاً من العلماء أجروا تجربة لمعرفة حقيقة هذه القصة، واتضح لهم أن الضفدع عندما تشتد عليه الحرارة يقفز من الماء. نستنتج من هذه القصة سواء في صورتها المشوهة أو في صورتها الحقيقية التالي:

نستنتج من الصورة الأولى أن هناك شخصية من صفاتها أنها إذا عاشت في جو مختلف عمّا ألفته واعتادته فإنها ربما قد تشعر بشيء من الانزعاج والمضايقة في بداية الأمر، لكنها سرعان ما تعمل على التكيف مع هذا الوضع الجديد، فهي تحب السكينة والهدوء، فنجد هذه الشخصية تتأقلم مع كل وضع تصادفه ولا تعمل أو تحاول تغييره حتى وإن خالف قناعاتها والواقع، ومع مرور الأيام والأوقات يصبح هذ المعتقد الذي كان في يوم من الأيام شيء غريب عليها وغير مريح وغير مقبول، شيء طبيعي بل ربما أصبح من أكثر المدافعين والمنافحين عنه، وليس ذلك لسلامة هذا المنهج أو صدقه، إنما لوجود مصالح شخصية ربما تُفقد لو لم يتقبل بهذا الوضع.

في الصورة الثانية تمثل شخصية أخرى مختلفة وهي التي لا تقبل بما يخالف طبيعتها والواقع، فقد تحتمل شيئاً من التغيير لكنها لا تقبل ما هو زائد عن الحد المعقول، فترفضه ولا تقبل به، وهذه الشخصية هي الشخصية التي لا تهتم لنفسها فقط بل تهتم للوضع بشكل عام، وبما أنها لا تستطيع العيش في بيئة تخالف معتقداتها وما يتناقض مع الواقع والمصلحة العامة فإنها تثور عليه وترفضه ولا تقبله، لكن يقف في وجهها أصحاب الشخصية الأولى، الذين يفزعون من هذه الشخصية ويعلمون أن نجاحها يعني القضاء عليهم وعلى مصالحهم وما ألفوه واعتادوا عليه، لذا تجدهم يحاربون هذه الشخصية ويعملون على وضع مختلف العراقيل في طريقها.

إن التغيرات والتحولات التي تشهدها بلا دنا الغالية ما هي إلا صوره تمثل الشخصيتين السابقتين ، فهناك من عاشوا في معتقدات معينة وتأقلموا معها ومع ظروفها ولم يحسبوا أن الوضع لا يبقى على حال دائماً، وعندما دقت ساعة الحقيقة وحان وقت التغيير لم يستطع هؤلاء قبول الوضع الجديد والتعايش معه، وعندها لم يجدوا أمامهم إلا العمل على تشويه هذا التحول الوطني، لا لأنه خاطئ، بل لأن وضعهم لم يعد يسمح لهم بمواكبته لترهل عقولهم بأفكار ومعتقدات معينة، وغرقهم في وحل الفساد والمحسوبية. أما الفريق الآخر الذين قفزوا في الوقت المناسب واستعدوا لهذا التغيير فقد أتت الفرصة لهم على طبق من ذهب وحققت لهم الكثير من أمنياتهم وتطلعاتهم… الفرصة ليست لكل شخص، فلا تكون إلا للمستعد والجاهز، فاحرص أن تكون جاهزا ومستعداً عندما تدق بابك الفرص.

دمتم سالمين
M1shaher@gmail.com

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *