فكانت العوائل تتنافس على إكرامه في بيوتها وخاصة في شهر رمضان.. وبعد مدة جاء دور عائلة من أهل القرية فدعوا الإمام للإفطار عندهم، فحضر الإمام بعد أداء صلاة المغرب، فاستقبلوه أحسن استقبال وأكرموه غاية الإكرام، ثم انصرف الإمام وهو يدعو لهم.
ولما بدأت المرأة تنظيف المائدة وتنظيم غرفة الاستقبال تذكرت أنها كانت قد وضعت مبلغا معتبرا من المال على المائدة فلم تجده، وبحثت في كل الغرفة فلم تجد له أثرا.
ولما عاد زوجها من التراويح أخبرته زوجته بالأمر وسألته، إن كان قد أخذ المال فنفى ذلك، وبعد تفكير تذكرا أنه لم يدخل بيتهم أحد غير الإمام كما أن لديهم بنت رضيعة لم تغادر مهدها، فتوصلا إلى أن المتهم الوحيد هو الإمام، فغضب الرجل غضبا شديدا كيف يقوم الإمام بذلك وهو الذي دعاه إلى بيته و أكرمه في شهر رمضان ومن المفترض أن يكون قدوة للناس.
ورغم غضبه كان الرجل صامتا لم يبح بما جرى، وكتم الأمر في نفسه واستحى أن يواجه الإمام بذلك.. ولكنه في نفس الوقت صار يتجنب الإمام كي لا يسلم عليه أو يحادثه.
وبعد مرور سنة كاملة وفي رمضان الموالي جاء دور نفس العائلة لدعوة الإمام إلى الإفطار مرة أخرى ولكن الرجل تذكر حادثة السرقة، فتشاور مع زوجته وكانت امرأة صالحة فشجعته على ذلك قائلة: لعل للإمام ظروفا قاهرة قد اضطرته إلى ذلك ولنعف عنه عسى أن يعفو الله عنا.
دعا الرجل الإمام لوجبة الإفطار فلما أنهى إفطاره سأله: ألم تلاحظ أن معاملتي قد تغيرت معك منذ رمضان الماضي، قال: نعم.. ولم أتابع الأمر لكثرة انشغالي.
قال: أسألك وأجبني بصراحة، لقد نسيت زوجتي مبلغا من المال فوق المائدة وقد اختفى بعد ذهابك وقد بحثنا عنه دون جدوى. فهل أنت الذي أخذته؟
فقال الإمام: نعم أنا الذي أخذته.!
فبهت صاحب البيت.!!!
ثم استطرد الإمام فقال: لقد لاحظت المبلغ وكانت النافذة مفتوحة فإذا بتيار هوائي بعثر المال فجمعته حتى لا يضيع تحت الأثاث فيصعب عليكم وجوده. ثم أطرق رأسه وبدأ يشهق بالبكاء.
ثم قال: أتدري لم أبكي؟ أنا لا أبكي على اتهامك لي وإن كان بالفعل مؤلما. ولكن أبكي لأنه قد مر 365 يوما لم يقرأ أحدكم شيئا من القرآن ولم تفتحوا المصحف ولو فتحتم المصحف ولو مرة واحدة لوجدتم نقودكم فيه.
فأسرع الرجل إلى المصحف وفتحه فوجد المبلغ كاملا فيه.
انتهى المشهد.. وخرج الإمام.. وعاد المبلغ لصاحبه بعد عام كامل من المصحف الذي لم يفتح.
التعليقات