الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

كأس القرية – بقلم الكاتب أ. محمد غرمان العمري

كأس القرية – بقلم الكاتب أ. محمد غرمان العمري

في أروقة العمل ومع الزملاء يستذكر كل منا بعض المواقف التي تكون في ذاكرته عالقة ويحب ان يرويها لتنال ابتسامة الآخرين وتروّح عن القلوب المتعبة.. قليلا من الوقت، وفي تلك الأثناء وفي مثل هذه المواقف الباسمة، يروي لنا أحد الزملاء قصة لها من الطرافة مالها، فيقول في أيام الجامعة كان لنا فريقا لكرة القدم وكنا دائما نحرز الفوز على أغلب الفرق التي تقابلنا، وفي شهر رمضان من أحد الأعوام عمل أحد المنظمين دوري رمضاني لكرة القدم ، يضم هذا الدوري الرمضاني سبع فرق كل فريق يمثل قرية..

قال: وبعد أن لعبنا دوري متميز ورائع وجمهور كثيف، حققنا الفوز الساحق في نهاية المطاف، وحملنا الكأس الذهبي الذي تحلم به قريتنا، وبعد أن رفعنا الكأس وفي خضم الفرح قررنا أن نهدي هذا الفوز الجميل لأحد رجال الاعمال في قريتنا، إلا أن المنظم رفض الذهاب بالكأس إلى أي شخصية أو امتلاكه وإنما إعادته بعد عدة أيام من تحقيق الفوز، وأخبرهم بأن الكأس غالٍ في قيمته وقد لا يعود مرة أخرى، حيث أن قيمته فوق الألف ريال..

الا أننا أصرينا على الذهاب بالكأس إلى تلك الشخصية التجارية المرموقة والتي تمتلك مصنعا للمياة، على أمل بأن ننال منه مبلغاً من المال تشجيعا لنا على هذا الفوز الرائع، بما لا يقل عن خمسة آلاف ريال، فوافق المنظم على الذهاب بالكأس إلى التاجر المرموق، قال: فاتصل كابتن الفريق بالتاجر الغني وحدد معه موعد في أحدى ليالي رمضان بعد صلاة التراويح، وفعلا توجه الفريق القومي للقرية مرتدين الزي الرياضي ومتوشحين بالميداليات الذهبية وحاملين على رؤوسهم الكأس العامر..

واستقبلهم الرجل الثري ورحب بهم وتناولوا أطراف الحديث ووجوههم يشع منها الفرح والبشر، لمقابلة الرجل الغني وأمل ما سيقدمه لهم من مبلغ مالي مجزي يرفع من معنوياتهم ويشجعهم على بذل المزيد من تحقيق الفوز والانتصارات في المرات القادمة، قال: وبعد ان أوشك اللقاء التاريخي على  الإنتهاء طلبنا صورة جماعية مع مستضيفنا.. بعدها استأذنا بالخروج فسمح لنا وودعنا الا إنه لم ينطق بكلمة واحدة بأن لكم مبلغ “كذا” تشجيعا على فوزكم على فرق القرى المجاورة..

قال فخرجنا ونحن مطأطئي الرؤوس حزينين من هذه المأساة، وايقنا تماما بأنه لا هدية من هذا الرجل الغني البخيل، فأخذنا كأسنا وخرجنا، إلا أن الطامة الكبرى كانت أسرع  ومصابنا أكبر وأعظم، عندما قال لنا التاجر أتركوا الكاس هنا.. وقال: إلى أين انتم ذاهبون بالكأس، دعوه يزين مجلسي كذكرى غالية لقريتنا، قال فخجلنا وتركنا الكأس، وخرجنا ونحن في أشد حالات الذهول والحزن، “فلا مبلغ مالي مشجع لنا ولا كأس يعود معنا”..

وكانت الكارثة الأكبر علينا ماذا سنقول للمنظم؟ هذا السؤال الذي لا بد له من حل، قال: فاجتمعنا وقررنا شراء كأس جديد لتسليمه للمنظم بدل الكأس الذي أخذناه، وكانت أحوالنا المالية في أيام الجامعة ضعيفة، قال: فتقاسمنا المبلغ واستلفناه وشرينا كأساً جديداً وسلمناه للمنظم،” (انتهى) ..

فكانت هذه القصة في ذاكرتي لاتنسى.. حيث وجدت من خلالها الضحكة والحكمة.. وفيها الا تجعل نفسك في موقف صعب “فتقدم شيئا بسيطاً لتطمع في شياً كبيراً من قيمة أوقدر.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *