الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

تغريد .. تهوي بأصنام الصحة – بقلم الكاتب أ. محمد غرمان العمري

تغريد .. تهوي بأصنام الصحة – بقلم الكاتب أ. محمد غرمان العمري

 

لا احد يصدق بأن يكون شخص “ميت” يحاسب الأحياء ويطاردهم قانونيا، هذا يحدث اليوم في مملكتنا الحبيبة فالميت لا يضيع حقه بالتقادم أو بالموت، وما من دليل على مصداقية هذا القول الا قصة “تغريد العمري” التي هزت مشاعر أهالي عسير عندما كانت تنشد رمق الحياة بعد خروجها من مستشفى النماص العام لتصل الى مستشفى عسير المركزي الذي رفض استقبالها وهي تنزف من أثر العملية الجراحية الفاشلة التي اجريت لها على رأس الولادة .. 

توفيت “تغريد” ودُفنت ومن قبرها بدأت تحاسب المتسببين الذين لا هم لهم سوى ازهاق الأرواح البريئة، تعبنا وتململنا من كثر الضحايا، الذين يرحلون من مستشفى النماص العام، وياليت شعري ان تكون لهم مقبرة خاصة حتى نرى بأم أعيننا كم عدد الضحايا الذين ودعوا الحياة وليس لهم ذنب سوى دخول مصحتنا المُهلكة بكل ثقة وأمان، وحتى نضع على قبورهم الزهور التي نشتريها من كشك الاستقبال لتكون شاهدا على زيارتنا لمقابرهم بدلا من عنابرهم ..

في بداية التحقيق كُفت ايدي جميع من كان له صلة بعملية “تغريد” ومنعوا من السفر ولم تتضح نتائح التحقيق حتى الان، ويبدو انها ستطول أكثر وأكثر وأكثر  حتى تهدأ النفوس وحتى تتقبل النتائح المتواضعة  للتحقيق وحتى تكون بعيدة عن الانفعال وردة الفعل القوية، ومن ثم يتمخض الجبل فيلد فاراً ..

من المفارقات العجيبة التي تتمتع بها وزارة الصحة والتي لا تتمتع بها غيرها من الوزارات هي السماح لمن له صلة بقضايا مثل هذه بالتقاعد قبل أن تتضح نتائج التحقيق للهروب من العدالة القادمة – إذا تحققت -.  فمن المفروض عدم السماح لاي عنصر في وزارة الصحة طلب التقاعد حتى تنتهي التحقيقات وتخرج النتائج ويُدان كل حسب خطاءه حتى وان وصل الامر الى ايقاف اشخاص في وزارة الصحة نفسها .. فالقضية متصلة من الجراح وحتى الوزير ..

اتضحت الرؤية في نتائج التحقيقات، وكما قال المثل الشعبي ( ليلة العيد تبان من عصاريها ) فهلا ياوزارة الصحة تكونين قدوة لبقية الوزارات في انصاف المظلومين الأحياء منهم والاموات، ام تكونين اسوة لها في كيف قلب الحق الى باطل والباطل الى حق، وأُذكر هنا بقول المثل الدارج ( وعلى الباغين تدور الدوائر ) . 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *