الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

عثوبي .. بقلم الكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري

عثوبي .. بقلم الكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري

 

عبارة باللهجة المحلية بمسقط رأسي تدل على الهزيمة الممزوجة بكومة من الخسائر المتلاحقة في جوانب متفرقة حتى لا تصبح تُفرق مصدر الضربات ، ولعل تعريف مصطلح ( العثاية ) يختلف باختلاف الزمان والمكان والحدث .. ولن أطيل فليس مدار الحديث ، ذات يوم عزمت أمري للسفر لوالدتي -حفظها الله – بمدينة أبها للسلام عليها فأصر ابني ( باسل ) مرافقتي للسلام عليها ، ترافقنا سوياً وقمنا بزيارة الأقارب هناك وعدت محملاً بالسعادة لتواصلي معهم، وعاد ابني محملاً بالهدايا والنقود من جداته وأقاربه.

وفي طريق عودتنا في الطائرة بادرت ابني الذي لم ينهي ربيعه التاسع عن مخططه لهذا المبلغ الكبير على عمره والذي يصل لقرابة ( 1500 ) ريال فلم يكن أمام نظره سوى شراء بعض الألعاب، حاولت اقناعه بشراء بعض المستلزمات التي تعود عليه بالنفع، وما بين أخذ ورد، وشد وجذب طرحت عليه فكرة مسابقة بيني وبينه ولمن انتصر فيها وجبة عشاء فاخرة يقدمها الخاسر، ويُحدد المنتصر في الجولة نوع العشاء والمطعم وأفراد العائلة مرافقين بصفتهم الجمهور.

ولإعلان الموعد في ذلك المساء ارتفعت النداءات وتعالت الأصوات بالهتافات والشعارات، وكانت مسابقة الأحرف ما سيجمعنا ..  وهي عبارة عن مسابقة اختيار أي حرف وتتم المنافسة على كتابة اسم ( انسان – حيوان – نبات – جماد – بلاد ) تبدأ بذات الحرف ..  اجتمعت العائلة من حولنا والجمهور مؤازراً ( باسل ) بكل قوة وتشجيع لتوقعهم التام بهزيمته هزيمة نكراء ..

ورأوا فيه الحلقة الأضعف فكان التعاطف معه أكبر لمعرفتهم بالمخطط المرسوم ضد مدخراته المادية، وأخذتني العزة بالأثم بأني الغالب لا محالة، وأصبحت أندد بأنواع الطعام الفاخر الذي سيقدمه ( باسل ) في المطعم الفاخر الذي سأختاره، كانت في مجملها تعليقات من باب الطرفة لبث روح الهزيمة بداخله بغية الاستسلام السريع والتوجه للمطعم دون عناء دخول المسابقة.

أُعلنت البداية بعد صلاة العشاء واحتدم اللقاء وبدأت في السقوط سريعاً مع أول حرف حيث أعلن الإنتهاء قبل أن أتمكن من البحث عن اسم النبات، فوجئت بالنتيجة وبدأت أتلعثم، وعبارات التشجيع تتزايد من حولي شحذاً لهمة منافسي والروح المعنوية ترتفع لديه .. بدأنا في الحرف الثاني فلم يكن أفضل حظاً من سابقه ,,

وكان شرط المسابقة خمسة أحرف فقط لتحديد النتيجة بعدها، وبدأت المنافسة تأخذ منحىً آخر،  ومع انتهاء الحرف الخامس إذا بصراخ مدوي ( يعيش باسل .. يعيش باسل ) وأُعلنت النتيجة بفوزه واكتساحه المسابقة بفارق شاسع في الدرجات ..  مؤامرة حيكت في الخفاء فجرى تدريبه على المسابقة وتجهيزه فكان مستعداً لتلك المسابقة ..

ووسط الأفراح والأهازيج حاولت إعادة التفاوض مع ابني على شروط المسابقة وتخفيف العقوبات المترتبة على الخاسر لعل قلبه يعطف ويرحم، ولكن عبثاً أحاول فإذا بالعائلة أصبحوا يناقشون تحديد المطعم والوجبة واختيار الأغلى منها محاولين اقحامي في أغلى فاتورة ممكنة.

أيقنت وقتها بأن هناك من يمتلك من القدرات والمواهب ما يبهرك بها بغض النظر عن عامل السن والخبرة، إضافةً لأهمية التدريب في رفع مستوى الأداء فالخبرة وحدها لا تكفي إن لم تقترن بتدريب،  فلنمنح الثقة للأبناء والآخرين ونفسح المجال للتعبير عن طاقاتهم الكامنة وأفكارهم الإبداعية .. حينها فقط سنرى إنجازاً يثلج الصدر غير متوقع وتنمية لعامل التفكير الإيجابي لتنمو تلك البذرة الصالحة التي بداخلهم وتؤتي أُكلها .

وبغض النظر عن قيمة الفاتورة .. فلن أعاود الكرة مرة أخرى ويكفيني ( عثاية ) بعد أن ( عثوبي ) وعلى قولة المثل: ( بغينا إبلهم .. فأخذوا غنمنا ).

 

مقالك37

التعليقات

تعليق واحد على "عثوبي .. بقلم الكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري"

  1. اخي سلطان اسعد الله اوقات بكل خير اضحكتني واسعدتني بهذا المقال الرائع الجميل الطريف. انا اعتقد ان السبب عدم توافق الطرفين والغرور اللي احسست به بأنك الغالب.
    باسل حفظه الله كون فريق متكامل من المشجعين والمدربين وإداريين وشكل الفريق مدفوع له.
    اما انت لا غير عثيت بعمرك وأفتلست ذا وراك وقدامك .
    تقبل تحياتي وان شاء الله نراك قريبا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *