في ذات يوم وأثناء خروجي من عملي وأنا استمع لإذاعة القرآن الكريم فإذا بأذني تنصت لقصة سليمان عليه السلام، فعدت بمخيلتي لذلك المشهد الرهيب ووقوف الهدهد البسيط أمام نبي الله سليمان عليه السلام وجدت فيها من القصص والعبر الشيء الكثير أورد منها ما على صعيد السلوك الإداري .. مايلي :
الدرس االأول : 1- تفقد نبي الله (المسؤول الأول) عن جميع رعاياه وحرصه عليهم وعلى تواجدهم والسؤال عنهم وشدة ملاحظته رغم هذا الجمع المهيب (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) .
2- عدم احتقار من حوله من الرعية مهما قلت قدرته ، فما هي قدرة الهدهد أمام غيره من المخلوقات، رياح تجري بأمره، وجان لاستخراج المجوهرات والكنوز وبناء القصور وجان مصفدة في الأغلال ، فحدود الصلاحيات والإمكانيات المتاحة عالية جداً مقارنة بذلك الهدهد البسيط مع كل هذه القوة والجبروت.
الدرس الثاني : تواضع نبي الله وحلمه حينما دخل عليه الهدهد فقال : (أحطت بما لم تحط به) ولك أن تتخيل لو دخل موظف بسيط في هذا الزمان على مسؤول رفيع المستوى ثم باغته بمثل هذه العبارة، قالها الهدهد في مجلس نبي كريم وملك مهيب آتاه الله ملكاً لا ينبغي لأحد من قبله ولا من بعده، حوله من الحرس والخدم والمخلوقات والطير والأنس والجن ما الله به عليم.
الدرس الثالث : التأكد من المعلومة حين عرضها ، فقد تمكن الهدهد من أسلوب العرض ووثوقه من الخبر في العرض رغم أنه كان مهدداً بالعذاب أو الذبح ( لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ).
الدرس الرابع : حسن الاستماع والانصات لشرح الموضوع من نبي الله سليمان عليه السلام من طائر الهدهد وإفساح المجال له ومنحه الوقت بالكامل لعرض ما لديه دون مقاطعة (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ )
الدرس الخامس : التحقق من الرواية الواردة (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) .. دورس وعبر إدارية في مشهد يجسم الحالة الإدارية ويعتبر أنموذجاً ناجحاً بكل المقاييس فلم نرى استهتاراً بالراوي أو الرواية .
كم من المسؤولين بحاجة لقراءة مثل هذه القصص والتدبر في معانيها .
التعليقات