الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٠ شوال ١٤٤٦ هـ

ثقافة الحوار .. للكاتب : عبدالعزيز بن صالح الزيداني

ثقافة الحوار .. للكاتب : عبدالعزيز بن صالح الزيداني

البداية في ثقافة الحوار أن نؤمن ونعترف بوجود الآخر، لسنا وحدنا في هذه الدنيا وإنما هناك آخرون غيرنا، ونحن لنا رأي، والآخرون قد يكون لهم رأي آخر، ومن حق كل إنسان أن يعبر عن رأيه. هكذا تقول كل المواثيق الدولية وكل الدساتير في البلاد التي فيها دساتير حقيقية وليس مجرد نصوص هامدة لا قيمة لها كما كان الحال عندنا وكما هو الحال عند كثير غيرنا من البلاد التي يحيط بها التخلف ويحكمها الاستبداد وتغيب فيها الديمقراطية وسيادة القانون.هذه هي البداية في مفهوم ثقافة الحوار.
أي دولة في هذا العالم تتكون من أطياف و أفكار مختلفة من اليسار إلى اليمين و الوسط, هذا بجانب الاختلاف الوارد في المعتقدات و الفرق الدينية التي قد تسهم أحيانا في تحول الدولة إلى طوائف مختلفة و تيارات متعددة و منقسمة تسعى للسيطرة على الدولة و الحصول على السلطة فيها.
الحوار هو الطريقة الوحيدة الممكنة لجعل المجتمع بكافة ألوانه و أطيافه يلتقي في نقطة واحدة هي نقطة مصلحة الوطن و الأولويات التي ينبغي التطرق لها و حلها, الحوار مع الجميع دون تهميش لأي أحد مهما كان باستثناء الذين سلكوا طريق العنف و السلاح فلا حوار معهم ما لم يتراجعوا عن طريقهم.
تقبل الآخر مهم جدا كنقطة بداية و ركيزة أساسية لأي حوار, و يجب أن يفرض على جميع المتحاورين, تقبل العلماني و الليبرالي و السلفي و أتباع جميع الأديان و حتى الطوائف, لأنه لا يوجد مجتمع في هذا العالم مكون من تيار واحد فقط, تيارات مختلفة و الجميع يشارك في الحكم و يكون مؤثرا فيه بما تقتضيه مصلحة مجتمعه و وطنه و ليس طائفته أو مذهبه.
علينا أن نحاول اكتساب ثقافة الحوار من خلال ممارسة الحوار نفسه, و جعل الحوار فيه هادئا متزنا في الطرح يعطي الفرصة لجميع الأطراف بالتحدث و عرض وجهة نظرها دون محاباة لطرف على حساب طرف آخر, و محاولة تأسيس شبابنا الطموح على هذه الثقافة عن طريق ملتقيات حوار شبابية تزرع في مناطق مملكتنا المختلفة و تستقطب الطلاب من جميع مناطق المملكة و من الجنسين طبعا لأنه لا حوار دون نصف المجتمع الناعم.
نتائج و توصيات أي حوار يجب أن تكون ملزمة للأطراف المتحاورة فيه و ليست حبرا على ورق, يجب أن تفعل ليدرك المتحاورون أنهم في نهاية حوارهم و ملتقياتهم يحصدون النتيجة التي يسعون من أجل تحقيقها.

والآن نقول لعل الربيع العربي أن يكون حقيقة، وأن نسترد من جديد مقولتنا القديمة «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، وهكذا نستعيد ثقافة الحوار وندخل في زمرة المتحضرين.
و أختم بمقولة مميزة للكاتبة الأمريكية دورثي نيفيل:
(أدب الحوار ليس قول الكلام المناسب في الوقت المناسب، ولكنه يضا السكوت عن الكلام غير المناسب في الوقت المناسب).

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *