الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

حكاية الوثائق ووثائق الحكاية – بقلم الدكتور عبدالحميد الحسامي

حكاية الوثائق ووثائق الحكاية – بقلم الدكتور عبدالحميد الحسامي

.

جعل الله لكل إنسان طاقات كامنة فيه، تتجه بفعل الصقل والتجربة لمسارب معينة في العمل والاهتمامات والأذواق، والتوجهات، تتنوع، تتباين، تقترب، تبتعد عن بعض ليكون ثراء الحياة وبقاؤها، ويكون حصول المنافع، وتبادلها. مما لفت نظري هو التقارب الذهني والتأليفي بين أ.د. غيثان بن جريس، وأ. محمد أحمد معبر فكلاهما: ينجز سريعًا، يميل للرصد والتوثيق والتصنيف، ينزع للكتابة الأفقية، ويشيح بوجهه عن الكتابة الرأسية المتأملة الناقدة، يحشد ويحتشد، يؤثر الكم، لا يترك شاردة ولا واردة. فالأول أنجز من الكتب (31) كتابا، ومن البحوث (90) بحثًا، كما ورد في سيرته المرفقة بالكتاب، والثاني أنجز (41) كتابًا وبحثًا مطبوعًا ولديه قيد الإعداد (أكثر من (100) مع تقارب بينهما في السن، فالأول من مواليد 1379هـ والثاني من مواليد 1382هـ كما أن الأول يتميز بالمرح والمشاكسة، والثاني يتسم بكثير من الصمت وقليل من الكلام. وبعد لقاءات علمية عديدة أخيرا التقى المؤلفان في ( وثائق غيثان بن جريس الخاصة ) فكتب الثاني (معبر) أو بمعنى أصح أنفق وقتًا طويلاً في إخراج رسائل الأول الخاصة في ثمانية مجلدات مطبوعة طباعة فاخرة، تستوعب عقدين من الزمن (1993- 2013م). وأهدى عمله إلى صاحب السمو الملكي خالد الفيصل وزير التربية والتعليم، وقد لفت الأستاذ معبر أنظار القراء إلى عدد من الأمور التي تعد حصيلة اطلاعه على هذه الوثائق مشيرًا إلى أن حوارا طويلاً سبق مهمة إصدار تلك الوثائق في مجلدات وإخراجها من دهاليز مكتبة بن جريس لتكون في متناول القراء:  أن هذه الوثائق تمثل المشهد التاريخي لمسيرة غيثان بن جريس العلمية وعلاقاته بالهيئات العلمية والأفراد، وأن بن جريس قد دأب منذ أكثر من ربع قرن على الاحتفاظ بالرسائل الواردة إليه وتصوير الرسائل الصادرة عنه، وقد رتبها زمنيًا، في مجلدات. أن تلك الرسائل تمثل جزءا من صور الحياة العلمية والثقافية في المملكة، كما يظهر فيها مدى اهتمام بعض الهيئات العلمية والثقافية في مؤازرة العلماء والأدباء ماديًا ومعنويًا. ويرى فيها شيئًا من التفاعل والحراك العلمي والثقافي مع توجهات د. غيثان في الكتابة التاريخية والحضارية عن بلاد تهامة والسراة وحرصهم على المشاركة في هذا المجال. تكشف هذه الرسائل برأي معبر عن جوانب من شخصية د غيثان ومن اهمها حرصه على التوثيق وعدم إهمالها حتى وصلت إلينا على تلك الصورة ومن ذلك همته العالية وجلده ومثابرته على التواصل مع الهيئات العلمية والثقافية والإعلامية والأفراد. مما ينبغي لنا ذكره أن تلك ( الوثائق الخاصة ) هي تفاصيل الحياة العملية والعلمية للدكتور غيثان بن جريس هي تفاصيل قد لا تكون ذات فائدة علمية أو تاريخية بقدر ما هي توثيق لحركة شخص في تعامله وتعاطيه مع الحياة، وهنا تبرز حكاية الحفاوة بالتفاصيل لدى الكاتب والمكتوب عنه، فتغدو تلك الوثائق أو التعاملات مادة سيرية ترصد بالوثائق حياة د غيثان بدلا من أن يكتب د غيثان سيرته بقلمه، ويحولها إلى حكاية؛ فنكون هنا  أمام حكاية الوثائق ووثائق الحكاية.

.

مقالك2

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *