السبت ١٩ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢١ شوال ١٤٤٦ هـ

القادم أجمل

القادم أجمل
يا مَن تقطعت بهم مسالك الأمل, يا مَن ضاقت عليهم فِجاج الكون, يا مَن اضمحلت في عيونهم صور السعاده, يا مَن تلاشت أمام أعينهم قَسَمات الفرح, إنني أدعوكم إلى تفاؤلٍ بالحياة, إنني أدعوكم إلى قادمٍ أجمل بإذن الله, إنني أدعوكم إلى والوقوفِ للصلاة على الماضي واستدباره, وإلى النظر إلى القادم واستقباله, الحياة جميله,, ولكن لِنَنَّظر إليها بعدسةٍ ملونه حتى لا نراها ظلاماً كئيباً وتعاسه.
إن اللحظة الحاضرة هي مُلّكُ يمين, وسعادتها واردةٌ ليست بأمرٍ مستحيل, والحزن كابوسٌ ربما يسترق الدمع من مقلتيك, ثم إنني أتمنى أن تنظر إلى الحياة وكأنك تعيش إلى الأبد, وأريد أن تستمع بلحظتك وكأنك لن تعيش إلا هي فقط, حتى تدرك أن مفتاح السعادة بيديك, وأن البَشَر شيءٌ من أشياء الحياة, وهُم حولك من كمالياتها, وأن الكائنات كلها تشاركك الأفراح والأتراح, الطير يغرد, الورد يهتز, السحاب يمُرّ, الجبال راسيات, الأشجار باسِقات, والوِدُّ حتى بين الحيوانات, والحُب روح القلوب ونبض الحياة, فلا داعي للقلق على الفائت أو الحزن على الماضي أو فتح ملفات الموتى أو سجلات الأمس, لأن الثانية تَذّهَب والدقائق تسير والذكرياتُ من صُنع عقولنا وكل شيءٍ يتبدّلُ من حالٍ إلى حال.
يا إنسان, عش اليوم بأبهى صور الوجود, تحدث إلى حبيب, واصل حميماً أو قريب, اجلس إلى جوار من تهوى كلامه, وتعشق عباراته, واترك وانبذ كل من يشوه الحياة بحماقاته, اعمد إلى إشغال الروح بالمفيد, وتجاهل كل أمرٍ في حياتك عنيد, عش الحياة بسهوله؛ لأنها جميله, عش الحياة بهدوء ولا تجزع من تصرفات الأغبياء, ولا تحزن من تسلط الضُعفاء, لأن الأقوياء حقاً هم من يجعلون حياتنا بساتيناً من الورود والهناء.
لقد قلت بأن القادم أجمل لأن الله يقول (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا) الأيه,, لماذا تحزن وأنت لا تعلم ما يخفيه الله لك في يوم غد ؟! لماذا تدمع عينك اليوم وأنت أقرب إلى الغد من الأمس؟! لماذا يذهب عقلك إلى الورى وأنت تمضي إلى الأمام؟! اعلم يا مَن آمنت بالله رباً بأن الله يحفظك ويجيرك ويقدر لك الخير حيث كان, ويرزقك من حيث لا تحتسب, ويسخر لك الأمور من حيث لا تعلم,,, يا إنسان,, إن حزِنّت بالأمس فليس يعني بأن حزن اليوم أو غدٍ عندك, وإن بكيت البارحة من الحزن, فمن يدري ربما تدمع عينيك فرحاً هذا اليوم أو غد ! وأنت مُطالبٌ بالتفاؤل والأمل ما دُمت تمثل دورك على مسرح الحياة.
إن الأيام دولٌ بين الناس يا إنسان, وإن الأحداث والمزعجات لا تبقى على الدوام, وأن الجميل في حياتي وحياتك هو الأكثر والأولى بالاستذكارِ لا النسيان, فـ اللهم ارزق كل حزينٍ فرحاً يطمس على الأحزان, وأرزق كل محرومٍ عطيةً يشكرك عليها يا ربنا على الدوام, وارزقنا حياةً تملئها روح الأمل والتفاؤل والاطمئنان, ولا تجعل معنا ولا فينا ولا بيننا يائساً أو كئيباً لا يثق بوعدك يا رحمن.
الكاتب : ناصر بن عثمان آل عثمان

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *