تتقهقر الكلمات في الحناجر ، وتسابقها العيون بالدموع ، بل حُق للأطراف أن تتعطل ، والدماء في العروق أن تتجمد ؛ إلا أن المؤمن يستدرك قول العزيز الحكيم : ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا اليه راجعون ” ، فمع هذه الآية نقف ونصبر ونحتسب في فقيدنا .. في مصابنا .. في أخينا وابن عمنا وخالنا ونسيبنا و صهرنا وصديقنا ، وكلما عددت من القرابات والصفات الحميدة فهي تليق بفقيدنا : ” معدي بن محمد آل معدي الشهري ” من قرية آل قحطان بني شهر ..
عرفته منذُ زمن فغبطته على الابتسامة التي لا تفارق محياه ، ودماثة خلقه ، وقلة كلامه ، بل غبطته لحب الناس له ، وأقاربه على رأس أعمامه وإخوانه وأخواته ، غبطته على ألفته لأهل بيته ومن حوله ، كنت أسعد به إذا قابلته ، وأشتاق له إذا فارقته ، فعرفت أنه الصاحب الصادق ، وناسبته فكان نِعم النسيب ، ورافقته فكان طيب الرفيق ، وجالسته فكان خير الجليس .
لم أطلب منه إلا بادر بالتلبية قبل إنهاء الطلب ، رجلٌ يحترم الكبير ، ويتواضع للصغير ، عطوفا في تعامله ، وقورا في حديثه ، سخيا في عطاه . رأيته باراً بوالدته حتى ماتت – رحمها الله . وبأعمامه كأبيه ، فقد كان ملازما لعمه ( علي وعبدالله ) في كل تحركاتهما ؛ فلا يمشي أمامهما ، ولا يجلس قبلهما ، ولايهنأ بطعام حتى يقربهما ويقدمهما ..
عرفته بهذه الأمور وتأكدت لي صفاته الحميدة من خلال لقاءاتي به في الملتقى الأسبوعي الذي كان يجمعنا به وبنخبة من قبيلتي بني شهر وبني عمرو – طيلة العشر السنوات المنصرمة – .بكل أسى و حزن و ألم ؛ أنعى الأخ والصديق والنسيب ( معدي ) – غفر الله له – وأتقدم بخالص العزاء لأبنائه وبناته وزوجته وإخوانه وأعمامه وأرحامه وجماعته وكل من عرفه ..
بل أعزّي بني شهر وبني عمرو ، بل مكتبه ومسجده وجيرانه وزملاءه ، داعياً المولى عز وجل أن يجبر مصابهم ، ويقوي عزائمهم ، ويربط على قلوبهم ، وأن يعين ” أم مشعل ” على حمل المسؤولية وإكمال مشوار المرحوم ، فليس هناك من يعرف عنه أكثر مما تعرف عن آماله وتطلعاته ابتداءً من تربية الأبناء والحرص على مسيرتهم الدينية والعلمية والأدبية وحفظاً لمايمكن حفظه والتصرف بالحكمة في امور الحياة ، مستشعرةً أنها الأم والأب في آن واحد .
أعانك الله ( أم مشعل ) وشدَ أزرك بـ ” مشعل” وإخوانه وأخواته وبوالدك وإخوانك وأعمامك – مع أحر التعازي والمواساة – اللهم ارحم عبدك ابن عبدك ” معدي ” ، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة … إنا لله وإنا إليه راجعون .
كتبه :
محمد بن حسن العمري
الرياض
التعليقات
تعليق واحد على "فَقْدٌ وأي فَقْد !! خطبٌ وأيّ خطْب ؟! – بقلم / محمد بن حسن بن شفلوت العمري"
عظم الله اجركم ورحم الله ميتكم