.
تبدأ العائلات قبل حلول الإجازة الدراسية المقررة نهاية شهر ربيع الأول في حشد قواها للانتصار على خصمها اللدود (رب الأسرة) للحصول على موافقته لإعداد برنامج الرحلة لهذه الإجازة وإنهاء الترتيبات اللوجستية المترتبة عليها .. وأي تقاعس أو نقاش في هذا الأمر يصنف على أنه حجر عثرة في طريق سعادة الأسرة ، وهو السبب الرئيسي في خلق المشاكل وإثارة القلاقل والفتن في عش الزوجية ،، وكلما زاد اقتراب الاجازة دقت إشارة الخطر إيذاناً بأعباء مالية إضافية تزيد قلقاً وأرقاً لدى رب العائلة في كثير من الأسر ..
فبين (رب أسرة) منهك بالالتزامات المالية لا يهوى السفر من جرائها .. وبين زوجة مصرة على النزهة وكسر روتين الحياة الممل الذي أصابها لقضاء معظم الأيام بين جدران المنزل الصامتة .. مستخدمة بذلك شتى أنواع الخطط الحربية ضد زوجها لإذعانه وإرضاخه للسلام ..
وبين هذا وذاك ومد وجزر يخرج بين ظهرانينا من يشعل النار لهباً ويزيدها هشيماً ، أطفالاً يؤججون المعركة لصالح والدتهم ويميلون ميلاً عظيماً معها تزلفاً لها وتقرباً عندها لعلهم يحظون بنصيب الأسد أثناء توزيع جدول الإجازة في نهاية المطاف .. إيماناً منهم ويقيناً بأن نهاية المعركة محسومة لصالحها ابتداءً فعليهم الوقوف مع الجانب الأقوى .. متناسين علاقتهم بذلك الرجل القابع أمامهم الذي تنهشه الحياة من كل حدب وصوب ..
ومع كل هذه الضغوط السياسية خارت قوى المسكين ويسقط مستسلماً بين عائلته ، ويتم إعلان الانتصار على رب الأسرة المكلوم بعد إنتهاء المعركة وصمود ضعيف لم يتجاوز بضعة أيام أو ساعات بالأصح ..
وينادي المنادي في المنزل من أصغر الأطفال سناً : ( هبوا إلى شناطكم يا قوم ،، ولموا شتاتكم ،، وأجمعوا أغراضكم ،، وهيأوا أنفسكم ،، فقد كتب الله لنا عليه النصر والعز والتمكين .. ) وبينما الجميع في فرح وصخب .. وزغاريد وتخطيط نشوة بهذا الانتصار يعيد الأب حساباته بكل هدوء لإكمال فرحة أبنائه خلال أول إجازة من هذا العام بعد هزيمة نكراء ألمت به .
ولست هنا في هذا المقال لأضع نفسي مع أو ضد أياً من الطرفين ، فكل طرف له وعليه حقوق وواجبات يجب الانصياع لها وتذليل الصعاب التي تحيل دون تحقيقها .. ولكني رأيت وسمعت من القصص والمواقف منها ما هو عجيب ومنها ما هو طريف ما جعلني أترجم وأبوح عن تلك المعارك الأسرية اللطيفة إن صح التعبير عن لسان حال أصحابها ..
وتحت مظلة الحياة الأسرية .. ومعمعة الزمان وصخبه لا أعلم حال القارئ الكريم هل هو من المنتصرين في هذا المعترك العائلي .. أم من فريق المهزومين الذين هم خلف القضبان يقبعون .. ولجدول الإجازة منظمون .. ولعلي أسجل نفسي كأول خاسر في هذه الجولة الأولى من السنة الهجرية الجديدة .. وكل إجازة ونحن عليهم من المنتصرين ..
.
التعليقات