الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

أطفالنا أشقياء .. فماذا عن طفولتنا !! – للكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري

أطفالنا أشقياء .. فماذا عن طفولتنا !! – للكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري

 

 

في نزهة برية خارج مدينة الرياض جمعتني بأحد الأصدقاء المقربين .. تميزت في مجملها بنقاش هادي ورزين دار بيني وبينه حول حركة أطفالنا وانزعاجه منهم .. حينما تضجر من مشاغبة ابنه وعلا صوته واختلفت أخلاقه من تلك الشقاوة التي يصدرها ذلك الطفل الذي يزهو بربيعه السابع من العمر في حين كان يرى أن سلوكه طبيعي غير مشين .. ومستغرب من انفعالات والده ..

 

فبينما كان يلهو مع ابني (باسل) بحركات بهلوانية ممزوجة بشيء من التكتيك الإجرامي سعياً منهم لإيقاع بعضهما البعض في دائرة البكاء  ..  ورغبة من الطرفين في الاستمتاع برؤية الدموع البريئة وهي تنهمر كالماء الزلال .. فقد كنت مكتفياً بالانتباه لهما بأن لا يصيبهما أي مكروه مع أحقية الطرفين في قضاء وقتهم بسلوكهما الطبيعي ونتاج تفكيرهم وليس بسلوك الآباء ورغبتهم  ..  مع أهمية تعديل الأخطاء التي يصدرونها وتوضيح الصحيح لهم فقط  .. بعكس صاحبي العزيز الذي كان يسعى بكل اهتمام على أن يظلوا صامتين ملتزمين الهدوء دون إصدار أي حركة ..

 

وبينما هما (الطفلان) في معترك الشقاوة والبحث عن ما يزيد انفعال صاحبي وهو في كر وفر معهم لإنفاذ رغبته  ..  بادرت بسؤال صاحبي عن طفولته ومدى هدوئه والتزامه بالآداب العامة أثناء الرحلات .. وماذا عن مدى انضباطه وحرصه على تنفيذ أوامر والديه .. لأني توقعت بأن ذلك الحرص كله ينم عن طفولة قمة في الأدب والهدوء .. فكان الجواب صعباً عليه وحاول أن يغير مجرى الحديث ..  وبذلك وصلت رسالته بأن طفولته لم تكن أكثر حظاً مما هو عليه ابنه في وقتنا الحاضر ..

 

هذه القصة القصيرة .. نستشف منها مشكلة يقع فيها كثير من الآباء مع أطفالهم ، والأمهات مع بناتهم .. فهم يريدون أن يكون هذا الطفل قمة في الأدب والاتزان والذكاء والتفوق العلمي .. وهذا ليس عيباً والجميع يتمنى .. ولكن عليك مراعاة إمكانات الطفل وميوله واهتماماته .. ومع ذلك بكل أسف تعود لماضي الأب في كثير من الحالات فإذا به رمزاً للشقاوة والإزعاج في طفولته  ..  ناهيك عن درجاته الدراسيه التي بالكاد أوصلته للحد الأدنى من النجاح ..

 

ولست هنا ضد أن نربى الأبناء أو أن نترك لهم الحبل على الغارب ،، ولكن لا ضرر ولا ضرار .. فكم طفل شاهدته وعرفته اختلف سلوكه وأصيب باهتزاز الثقة لديه من كثر اهتمام والده ورغبته في أن يصبح من المتفوقين .. فقد أقحمه بما هو أكبر من قدراته العقليه وإمكاناته الفكريه ..  وما هذا السلوك الذي ينتهجه البعض الا انعكاس نفسي لفشل الأب في السلك التعليمي مثلاً فيرغب في تعويضه من خلال ابنه.. والأدهى والأمر إذا تفاجأ الوالد بإخفاق ابنه من تحقيق وتحصيل ذلك المستوى التعليمي الذي يتمناه..

 

الهوين الهوين بأبنائكم  ,, وافسحوا لهم المجال للتعبير عن سلوكهم وأفكارهم والتعامل مع الآخرين بما تمليه عليه ضمائرهم بما لا يتجاوز حدود الأدب  .. ولا نحاول استنساخ سلوك الأب وأفكاره ومنهجه وطريقة حياته للطفل  .. فلندعهم يعيشوا بسلوكهم .. وولي الأمر عليه مسؤوليه التوجيه والمتابعة والمناصحة وتوضيح مكامن الصح والخطأ ..

 

وفق الله براعم هذا الوطن لكل خير .. وجعلهم لبنات صالحة في بناء هذا الوطن المعطاء .. ليساهموا في تشييد التنمية بشتى مجالاتها كل على حسب قدرته .. والله الموفق ،،

.

سلطان-غرمان-العمري36

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *