صحيفة النماص اليوم :
وثق الكاتب عبدالهادي الشهري في كتابه ( الحروب التركية في المنطقة الجنوبية ) عن الفريق سليمان شفيق باشا معركة بني عمرو شمال محافظة النماص ضد دولة الأتراك العثمانيين المشهورة فيقول :
كان الفريق سليمان شفيق باشا قائدا لحامية الدولة العثمانيه ومتصرفا لعسير لمدة أربع سنوات من 1326 ـ 1331 هـ وكان ذا رأي وحكمه ويعامل الناس معاملة عقلانية وفي 2 رجب 1330 هـ أرسل برقية إلى قائد القوه العمومية في صنعاء باليمن يخبره اعتزامه إرسال قوة لفتح الطريق من أبها إلى النماص فإلى القنفذة فإلى بيشة فإلى الطائف وذلك لتسهيل مهمة تنقل الجند التركي وجبي الزكاة والضرائب وإخضاع السكان لأمر الدولة وتامين تحركات قواتها من الحجاز إلى القنفذة والى اليمن وإلى عسير وبيشة.
ولما كان الفريق سليمان باشا ذا رأي معتدل فقد كتب لكافة قبائل السراة يطلب دفع الزكاة إليه على اعتبار انه متصرف وقائد عسير وتجديد البيعة للدولة العثمانية فأجاب مشايخ بني عمرو بأنه قد طلبها الإدريسي لكنهم أعطوها للشريف حسين بن علي أمير مكة أثناء مروره بهم في تنومه لفك حصار أبها أما الزكاة فقد أرسلت لمندوب الشريف في بيشة ليرسلها إليه بالحجاز فسارع سليمان باشا إلى إرسال جباة لأخذ الزكاة لكن بني عمرو الشام رفضوا إعطائهم ولما رجعوا إلى قائد قضاة النماص أخبر متصرف عسير بذلك .
= خروج الفريق سليمان باشا الى النماص :
وفي 3/7/1330 هـ خرج سليمان باشا متصرف وقائد عسير بقوة من أبها إلى النماص لتأكيد قوة الدولة العثمانية وتحقيق أهدافها وحين وصل النماص أرسل إلى كافة قبائل بني شهر وبني عمرو ليحضروا إليه لأخذ البيعة والالتزام بدفع الزكاة فرفض بنوعمرو الشام هذين المطلبين وفي تلك الأثناء صدرت أوامر الدولة العثمانية بنقل الفريق سليمان باشا من متصرفية عسير بعد مرور أربع سنوات ونصف .
وعين مكانه اللواء محي الدين باشا وعين على قضاء النماص العقيد محمد أمين باشا وعين العقيد رديف باشا مساعداً لقائد النماص، وفي رجب سنة 1331هـ أمر قائد قضاء النماص بإرسال قوة مكونه من سريتين بقيادة ملازم ونقيب إلى قرى بني عمرو الشام فتم نشر أفراد تلك القوه فيها لجمع الزكاة وإخضاع السكان لطاعة الأتراك لكن رجال بني عمرو رفضوا ذلك فحدثت اشتباكات بينهم وبين عسكر الأتراك , ولما أعلن بنوعمرو الحرب عليهم انسحبوا إلى النماص .
وبعد ذلك بعث قائد قضاء النماص بتلغراف إلى قائد ومتصرف عسير شرح فيه ما قوبلت به تلك القوة من بني عمرو . وما بين عام 1331ـ 1332 هـ أرسل بنو عمرو وفداً منهم إلى الإدريسي بطلب المساعدة منه ضد الأتراك فوجدوه في موقف لا يحسد فقد خرج أمير الحجاز لفك حصار الإدريسي عن أبها واكتسحت قوة الأول قوة الثاني في أنحاء تهامة وقتلت أفرادها . وفي شهر صفر سنة 1332هـ /1913م
هاجمت مجموعة من بني عمرو قوامها من (70 ـ 80)رجل بقيادة الشيخ محمد ابن محسن مركز الأتراك بالنماص وقتلت خمسة من الحراس وجرحت سبعه ونهبت أسلحة خفيفة من بندق الميزر الماني الصنع في حين قتل من المجموعة شخص واحد وعلى اثر ذلك بعث قائد قوة النماص بتلغراف إلى قائد القوات العمومية في اليمن وآخر إلى قائد ومتصرف عسير محي الدين باشا يخبرهما بما حدث من بني عمرو وبعد شهر ونصف ورد إلى قائد النماص الجواب التالي :
إن عليكم استدعاء شيوخ القبائل والتفاهم معهم وبذل المال لهم وحاولوا عبور الطريق إلى الظفير لان الوضع في تهامة سيئ للغاية فان لم تتمكنوا من السيطرة بسلام فاستخدموا القوة بعد التأكد من أن عسكر الدوله ستكون لهم الغلبة وكامل السيطرة ) وبناء على هذا الأمر جمع قائد قضاء النماص ووجهاء بني شهر وبني عمرو اليمن واستشارهم في مشكلة بني عمرو فأيده البعض وعارضه الآخرون ولما علم بنوعمرو الشام بذلك أرسلوا وفداً مع الشيخ ابن محسن لإبلاغ بني عمرو اليمن إلتزام الحياد في تلك المواقف وأن تكن المقاومة ضد الأتراك في الجهات الشمالية التي أعلن أهلها استعادهم لصد هجمات قوة الأتراك .
وفي نفس الوقت بدأ محمد أمين باشا قائد قوة النماص حالة الطوارئ تحسبا للحرب وطلب بنو عمرو من قبيلة بني ثابت المجاورين لهم أن تدار الحرب في بلادهم بعيداً عن قرى بني عمرو حتى يتمكنوا من الهجوم والانسحاب وقيل أن بني ثابت ساهموا في الحرب سراً برمي خيالة الترك.
= مؤتمر يانف :
بعث قائد النماص بتلغراف إلى قائد ومتصرف عسير يخبره بعزمه على خوض الحرب ضد بني عمرو فأجابه بوجوب عقد اتفاق صلح مع بني عمرو لإمكان تجنب الحرب وأن قادة الأتراك هناك لا يرغبون ذلك وأن الهدف هو عبور قوة منهم من النماص إلى بلاد غامد وزهران شمالاَ .. اتفق الطرفان على عقد مؤتمر صلح في قرية يانف من قرى بني ثابت الواقعة شمال شرق السرو وذلك بتاريخ جماي الثاني 1332 هـ
فحضر مائتان رجل مسلح من بني عمرو برفقة الشيخ سعيد بن عثمان ومثلهم من الأتراك برفقة قائد قضاء النماص الذين كانوا يبيتون نصب كمين لوفد بني عمرو الذي رفض شيخهم عقد المحادثات الا في أحد الأراضي الفسيحة تحسبا لوقوع اشتباك مع الأتراك كما أنهم عرضوا عليه مبلغ من المال للسماح لهم بالعبور من أرضهم إلى الجهات الشمالية لكنه أصر على الرفض هو وقبائله ولم يتوصل الطرفان إلى نتيجة فرجع الترك إلى النماص ..
اخبر قائد النماص متصرف عسير فأجابه بالتريث في الأمر وبث جواسيس في قرى بني عمرو لمعرفة قوتهم ولما أفادت التقارير أنهم عبارة عن مزارعين لا يتجاوز عددهم الألفين رجل وأنهم لا يحسنون الحرب فرد اللواء محي الدين متصرف عسير بالموافقة على ما يراه قائد النماص مناسبا لهم.
= الإذن بالحرب :
بعد أن صل التقرير الإخباري عن أحوال بني عمرو إلى قائد ومتصرف عسير اللواء محي الدين باشا فرد بالموافقة لقائد النماص بالتصرف بما يراه مناسبا , وفي صبح يوم الاحد 19/8/1332هـ خرجت القوه المجهزة من النماص إلى جهة بني عمرو الشام وأدركهم الظهر في قرى بني كريم وآل زيدان فتغدوا فيها وأقام الأتراك في تلك القرى إلى اليوم الثاني يوم الاثنين وجمع قائدهم وجهاء بني عمرو الجنوبية وعددهم خمسة عشر رجلاً واستبقاهم معه كدروع بشريه للحرب ..
ثم زحفت القوة شمالاً إلى قرى وادي زيد وانتشروا في القرى للراحة واعلاف خيولهم وقد باغتهم مقاتلو بني عمرو في قرى خشرم ووادي زيد وأبي قبيس وقتلوا منهم تسعة جنود ونهبوا أسلحتهم وفروا إلى تهامة غربا والى النواحي الشرقية وفي مساء يوم الأربعاء 22/8/1332هـ تحركت القوة التركية في وادي زيد حتى وصلت قرى حلباء شمالا حيث يقطن تلك القرى الخليط من قبائل بني شهر وبني عمرو في حين حشد مقاتلو بني عمرو على حدود السرو الشمالية وقرية العدوة واخذ الفريقين يتحفز لمهاجمة خصمه وتتالى تجمع الأتراك حتى بعد مغرب يوم الخميس 23/8/1332هـ وظلوا حتى صلاة ظهر يوم الجمعة 24/8/1332هـ
طلب القائد الميداني على رضاء من محمد رديف / مساعد قائد النماص المدد العسكري والسلاح والمؤن فسار بقوة قوامها (1200) عسكري وبعد عصر الجمعة زحف على رضاء بقوته إلى قرية ربوع السرو وانتشروا وفق خططهم في التلال المحيطة به مثل وادي السناة وقرية السحل ووادي الحمام والجبال المجاوره.
= بداية المعركة :
ومع انبلاج فجر يوم السبت الموافق 25/8/1332هـ 18/يوليه1914م هجم مقاتلو بني عمرو على قوة الأتراك المتمركزة في ربوع السرو وقتلوا ثلاثة جنود ونهبوا أسلحتهم , فدق برزان الأتراك إيذانا ببدء الحرب واشتبك الطرفان فكانت الغلبة في البداية للترك حيث قتلوا من بني عمرو (300) ثلاثمائة مقاتل , وقتل من الترك حوالي مائة عسكري ولما كان الأتراك يمتلكون أسلحة المدافع المتوسطة والرشاشة والبنادق والرماح والجند المدرب على الحرب فقد أخذت مدفعيتهم تدك صفوف ومعاقل مقاتلي بني عمرو ..
وأمام لهيب قذائف المدفعية التركية وحشد جندهم اضطر مقاتلو بني عمرو البواسل للتراجع شمالاً واستدراج عدوهم في قرى العدوة والسهوة حتى استنفذوا ذخيرتهم بعيداً عن مركز تموينهم ثم انهال مقاتلو بني عمرو البواسل على جنود الأتراك كالأسود الضارية بالسلاح الأبيض ــ الجنابي ــ (جمع جنبيه ) قتلاً وطعنا وما أن أدرك الترك ذلك حتى انهزموا فارين نحو قيادتهم وأشلاء لحومهم برؤوس جنابي بني عمرو , تاركين أسلحتهم مذعورين خوفا وهلعا معاً.
وبهذا فقد أخذت قبائل بني عمرو الشام ينهالون على جند الأتراك في كل موقع من قرى وجبال وأودية حلباء من الغرة جنوبا إلى سفوح جبل المطلى شمالاً ، وانهال مجموعة منهم على فرقة الإمداد والتموين التي قدم بها رديف باشا من النماص فقتلوا فيه وسلبوا فهرب الأتراك جميعا متفرقين إلى سفوح تهامة غربا والى النماص جنوبا وانهزموا في غير رجعه ..
بعد أن تركوا على أرضي المعركة( 907 ) تسعمائة وسبعة قتيلا منهم خمسة عشرة ضابطا والباقين من الجند وصف الضباط وجرح (170) مائة وسبعون توفي منهم( 34) أربعة وثلاثين بينهم ملازم ورئيس رقباء وأصيب قائدهم على رضا بشظية في رجله اليمني وكان مجموع أفراد القوه التي حاربت بني عمرو(3340) ثلاثة ألاف وثلاثمائة وأربعين فردا منهم عقيد ومقدم وثلاثة رواد وتسعة نقبا وثلاثة وسبعين ملازم وثلاثة رؤساء رقباء
= الطبيب الشهري يعالج جرحى بني عمرو :
وبعد نهاية المعركة استدعى بنو عمرو الطبيب ( المداوي ) العربي مشبب بن هزاع البكري الشهري لمعالجة مجاريح بني عمرو وتجبير كسورهم.
= من مذكرات الفريق سليمان شفيق باشا :
المصــدر كتاب ( الحروب التركية في المنطقة الجنوبية ) من عام 1228هـ إلى عام 1337هـ تأليف : عبدالهادي بن عبدالله بن مشبب الشهري.
= نبذة عن الكتاب :
(الحروب التركية في المنطقة الجنوبية ) كتاب قام بتأليفه وتحقيقه المؤلف الأستاذ عبد الهادي بن عبد الله الشهري من بلدة خميس العرق ببني شهر ، يحتوي الكتاب على (7) فصول كل فصل احتوى على عدة مراحل من مراحل الحروب التركية أو الحملات التي نفذتها الجيوش التركية في مناطق متعددة من الجزيرة العربية ومن ضمنها منطقة عسير , حيث أشار إليها المؤلف في الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب قبل أن يركز على الحروب التي وقعت في منطقة عسير في معظم الفصول الأربعة الأخرى التي ركز فيها على مقاومة الحملات التركية في منطقة عسير من قبل أهلها ببسالة.
الكتاب يقع في (347) صفحة خلاف الفهرسة والحواشي التي استند عليها المؤلف , كما حفل الكتاب ببعض الصور والخرائط وبعض القصائد الشعرية التي واكبت حدث الحملات التركية في المنطقة ويعتبر الكتاب إضافة قيمة لحفظ تاريخ منطقة عسير وبطولات أهلها المشهودة .
التعليقات
3 تعليقات على "كتاب عبدالهادي الشهري .. يوثق مذكرات الفريق سليمان باشا في معركة بني عمرو ضد الأتراك المشهورة"
لابتي عـــمــر يــــن تمن كل خايف لا غدى هم الدخيل الى كتوفه وبيض الله وجهك يالشهري طلاق انك مطنوخ
هذا الكاتب ليس لديه من الفهم التاريخي شي
لاقصد في هذا الكتاب بل اقصد مؤلفاته الاخرى مجرد نسر مادة
بدون محتوى
وفزعة بلقرن وينهي ؟؟؟