الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

الحنين الى الماضي – للكاتب أ. علي بن محمد آل خماش الشهري

الحنين الى الماضي – للكاتب أ. علي بن محمد آل خماش الشهري

 

 

 

من منا لايحن للماضي ، ولا يعيش خلوات بين طيات صفحاته ،ويتنفس عبقه ويعيش بين خمائله وذكرياته ! ويسافر بفكره بين جوانبه وجميل نسماته !!


= لماذا لاتغيب صورته بل وأدق تفاصيله ؟ وكيف أن الدموع تنسكب في ذكراه وبين جنباته ؟
= ما الذي تغير ؟ 
= ولماذا كل هذا الحنين ؟
= وهل انسرقت منا تلك اللحظات الجميلة ؟
= وغابت تلك الروح بزهوها وزهورها !


أسئله نقف معها في ذهول ، بل وفي حزن يعلق في العقول . خذ نفسًا عميقًا وأنت تقرأ تلك الأسئلة الحائرة ، وكل أمنياتي أن تجد آذان صاغية وقلوب حانية لعلنا نخرج من بين علامات غرائبها بإجابات شافية . فالزمان غير الزمان ، والقلوب قد صابها تعب وفتور .


ها نحن الآن في هذا الزمان ننعم برغد من العيش ليس له مثيل ولله الحمد فكل ما نحتاجه متوفر ، وكل طلباتنا تنفذ ، وكل العالم قريبه وبعيده قد انساق إلينا ونحن في منازلنا وبين أسرنا ، نبحر في عالمه ونتعرف على ثقافاته ونصور مجتمعه .


ومع كل ذلك خذلتنا تلك الثقافات فأصبحنا نصارع معها أفكارنا ، وتبلدت معها أحاسيسنا . أمرٌ غريب أن تتولد مع كل هذه العولمة هالة من الحزن والبعد والشتات وربما الفراق ، وقد يكون لأقرب الناس لك ، ذابت أواصر المحبة بين حروف الكلم ، وأصبح ما يقربنا كلمات نتبادلها عبر وسائل التواصل وكأنها هي المحك في رسم صورة الأخاء والود وحتى الصداقة .


في الماضي كان للقاء بعد انقطاع طعم آخر ورونق آخر ، ولذة لايوازيها أي لذة ، تستمع لأدق تفاصيل ما يقوله المتكلم بعد ذلك الفراق والانقطاع فتجد في سماع مايتكلم عنه ماتتعايش معه بواقعية وبراحة ، وكأنك جزءًا من قصته ،أو جملة بين سطور حديثه ، يستأنس كل من يسمعه ، تتوحد في لحظات مايقوله كل القلوب ، نظرات تعقبها نظرات لملامح وتعابير وجه ، ولإشارات وحركات يده ، لايخالطه في طرحه ما يشغله أو يشتت أفكاره وجميل كلماته ، فكلهم يستمعون ويتعايشون معه تلك اللحظات التي يعبر فيها عن أيامه التي غاب فيها ، فتدرك مايسكن شعوره .


إنها روح لن تجدها اليوم في مجالسنا الخاوية رغم كثرة جالسيها ، وجمال تصميمها وسعة أركانها لأن جاذبيتها في رونق من بها ، وهذا الذي غاب وعاب علينا مع وسائل التواصل وما أعقبته من شرخ وجرح في روح الوصال والتواصل السليم المبني على أسسه السليمة التي تعلق وتبقى في الأذهان حتى وإن تغير الزمان .


إننا أمام مفترق خطير قد يتسبب في ردم هوية أجيال قادمة مع اعتمادهم الكلي على هذه التقنية والتي معها فقد الأبناء معنى التواصل وصلة الرحم حتى مع أقرب الناس وهم والديه والشواهد كثيرة وواقعية نعيشها ونسمع بها . 


إن الواجب علينا أن نعمل سويًا لتعريف هذا الجيل بتلك المحاور الرئيسة في فن التعامل ولغة التواصل والتخاطب وفي ردم فوه الشتات والفراق التي ثارت كالبراكين فكانت بشرارها ورمادها تدمي القلوب وتدمع العيون ، وزادت مع لهيب نيرانها مساحة الشتات بين الأسرة والمجتمع ، كما يجب علينا أن نعي ونوعي غيرنا بمعنى تلك الكلمات وأثرها ، وأن نبذل ما نستطيع في سبيل زرع القيم التي عاشها من قبلنا ونسمو بتلك الأسس التي خلدت جمال الماضي رغم صعوبته وقسوة عيشته ولكنها لم تكن عائقًا في تكوين بيئة الصفاء والود والتعاون والتي كانت هي الدواء الشافي في علاج مرارة الحياة وصعوبتها .

 

فقد سطروا من صفحاتهم الخالدة والتي لاتزال ذكرياتها فينا عالقة تتغدغ الآذان وتطرب في إعادة ملامح ذكرياتها الأذهان كيف تكون السعادة والمحبة رغم كل الظروف ، وكيف أننا الآن في أمسّ الحاجة لنأخذ منها العبرة ، ومن ثناياها خبرة لعلنا نجيب ونتعلم مايعين على تربية هذا الجيل ونزرع فيهم ما نريد من المُثل والقيم أو نزيد فنسعدهم برسم صفات الترابط في دواخلهم معتمدين على الله قبل كل شيء ثم على تلك الصفحات التي بذرها الآباء والأجداد وخلدوها في ذاكرة التاريخ لتبقى ، وهي بحق مفاتيح الإجابة لكل تلك الأسئلة التي دونتها في البداية ، والتي ظلت ترتسم أمامي في كل كلمة حتى النهاية .

 

مقالك-في-النماص-اليوم70

 

 

التعليقات

تعليق واحد على "الحنين الى الماضي – للكاتب أ. علي بن محمد آل خماش الشهري"

  1. يبقى الحب مابقيت الحياة فهو قوت القلوب وطعام الفؤاد تتوارثه الاجيال من بعضها البعض بل انها تشرف على نقله واطعامة للاجيال .
    للحب طعم ولذه وللذكريات قيمة بقيمتها الزمنية تلك هي الحياة ترقص بطرق مختلفة حسب نوعيه المتغير الثقافى الذي تتعرض له الثقافات والعادات ….. فالحب موجودة غير انه مقدم بنكهات مختلفة فلا تبتئس ايه الاخ الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *