الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد : فيتردد على الأسماع بين حينٍ وآخر مصطلح ( الضربات الاستباقية ) التي تقوم بها بعض الجهات الأمنية ، والتي تكون – في الغالب – موجهةً ضد أصحاب الفكر المنحرفلغرض التصدي لهم وإفشال مخططاتهم العدوانية والتخريبية التي يوجهونها ضد المجتمع بمن فيه وما فيه ، ولحماية الوطن وسلامة المواطنين من شرور الإرهابيين والمُخربين والجهلاء الذين يُغرر بهم أصحاب النوايا السيئة سواءً أكانوا من داخل البلاد أو من خارجها .
ولا شك أن تلك الضربات الاستباقية قد أثبتت – بفضل الله تعالى – نجاحها وعظيم فائدتها في الجانب الوقائي المتمثل في حماية المجتمع من جرائم الإرهابيين ومُخططاتهم التدميرية التي يسعون إلى تنفيذها للإضرار بالوطن وأبناء الوطن .كما أن تلك الضربات قد أسهمت بشكلٍ كبيرٍ في حفظ الدماءالمعصومة ، وصيانةالمنشآت والمرافق المجتمعية من كل أشكال التخريبو الدمار.
وحيث إن تلك ( الضربات الاستباقية ) قد أثبتت بفضل الله تعالى نجاحها في الجوانب الأمنية ؛ فإنني أتساءل عن إمكانية القيام بـ ( حملات توعوية استباقية ) يكون هدفها الرئيس التوعية بخطورة بعض المظاهر السلبية التي جرت بها العادة في مجتمعنا ، والتي يأتي من أبرزها تلك المُمارساتالشبابيةالرعناء التي يكتوي بنارها الجميع في مناسبة اليوم الوطني من كل عام ، والتي يزعم أصحابها أنهم يُمارسونها للتعبير من خلالها عن سرورهم وسعادتهم واحتفائهم بهذه المناسبة الغالية .
ويأتي من أبرز الدواعي لما يُمكن تسميته بــ ( الحملات التوعوية الاستباقية ) ما حدثعلى مرأى ومسمع من الجميع في الأعوام السابقة من مظاهر سلبية ، ومشاهد مؤلمة ، وأساليب غير حضارية شوهت المعنى المراد من هذا اليوم، وجعلت كل ذي عقلٍ وبصيرةٍ يتضايق ويبدي انزعاجه وعدم رضاه عن تلك التصرفات الشبابية الرعناء التي تشتمل على الكثير من السلبيات كإزعاج المواطنين ، وإتلاف الممتلكات والمنشآت والمرافق العامة ، ومضايقة العائلات ، وتعطيل حركة السير في الطُرقات ، والتجمهر العشوائي في الشوارع ، والاستعراض ببعض الحركات الراقصةالممجوجةوالمصحوبة بالغناءالهابط والموسيقى الصاخبة، إلى غير ذلك من المناظر والمظاهر والمشاهد التي لا شك أنها مزعجة جداً ، ولا تعبر بأي حالٍ من الأحوال عن مظاهر الفرح بهذه المناسبة أبداً ، بل إنها تعكس بكل صراحةٍ ووضوح غوغائية وسطحية الجوانب الفكرية والسلوكية لأصحاب تلك المُمارسات المشينة التي لا يُستبعد أن تكون نتيجةً طبيعيةً لاستغلال بعض الفئات الحاقدة لمثل هذه المناسبة في نشر ثقافة العبث والفوضى والتخريب ، وإتلاف الممتلكات والمنشآت والمرافق العامة .
فهل يُمكن أن تغتنم الجهات المعنية في مختلف الوزارات والمؤسسات الاجتماعية الحكومية والأهلية هذه الفرصة بالتوجيه العاجل لكل جهةٍ من الجهات ، وكل مرفقٍ من المرافق أن يتولى دوره التوعوي المُبكر المتمثل في التنبيه إلى مساوئ ومخاطر وسلبيات تلك التصرفات الرعناء ، والتحذير منها ومن نتائجها المؤسفة ، والحث على تجنبها وعدم الانجراف في تيارها ، ونحو ذلك مما لا شك أنه سيُسهم بفعاليةٍ وإيجابيةٍ في نشر ثقافة الاحتفاء الصحيحة ، وتوضيح الكيفية المناسبة للتعبير عن فرح أبناء الوطن باليوم الوطني للبلاد .
وهل يُمكن أن تنطلق ( الحملاتالتوعويةالاستباقية ) قبل تاريخ اليوم الوطني من كل عام بشكلٍ جماعيٍ بحيث يشترك فيها الخُطباء والأئمة في الجوامع ، والأساتذة والمعلمين في الفصول وقاعات المحاضرات ، والآباء في منازلهم ، والإعلاميون في مختلف قنواتهم الإعلامية ، والأُدباء والمثقفين في نواديهم ومنتدياتهم ؟
إنها دعوةٌ صادقةٌ لاغتنام الوقت وحسن التصرف وبذل الأسباب ؛ فلعل الله تعالى أن ينفع بكلمةٍ صادقةٍ ، أو موعظةٍ ناصحة ، أو نصيحةٍ مُخلصة ، أو موعظةٍ مُعبرِّة ، أو صورةٍ ناطقةٍ ، أو مقطعٍ مؤثر.
أسأل الله تعالى لبلادنا دوام الأمن والأمان ، ولشبابنا الهداية والاستقامة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
التعليقات