الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

معركة بدر… وحرب غزة – للدكتور أحمد آل زيدان

معركة بدر… وحرب غزة – للدكتور أحمد آل زيدان

 

 

لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية !!

 

في مثل هذا الوقت من العام، وقبل نحو خمسة عشر قرناً، وتحديداً في السابع عشر من رمضان للسنة الثانية للهجرة، اصطف حشد المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام جحافل الكفر بقيادة صناديد قريش حول بئر بدر، فيما عرف بعد ذلك بمعركة بدر الكبرى. تلك المعركة التي لم يخطط لها رسول الله ابتداءاً، وهو الذي أوصى أمته ( لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية …).

 

ولكن قدر الله شاء غير ذلك، وسرعان ما تقاربت الأحداث بنجاة عير قريش، ووصول النجدة من مكة. لم يكتف صناديد الكفر بنجاة عيرهم وتجارتهم وهم الذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس، بل أرادوها الضربة القاضية، والحرب الحاسمة على الإسلام وأهله، فقال عرابهم أبو جهل: (والله لا نرجع حتى نرد بدراً، فنقيم ثلاثاً، ونذبح الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب فتهابنا أبد الدهر).

 

كان من بين المشركين أبو الوليد عتبة بن ربيعة، وكان رسول الله قد أثنى عليه، وذكره برجاحة عقله 🙁 إن يكن في القوم خيرٌ فعلى صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا). وظل عتبة يحاول ثني قومه عن الاقتتال، لولا أن أبا جهلٍ أخذ يعيرهم بالجبن والخوف، فضاع رأي عتبة أمام صوت أبي جهل وإثارته للثارات القديمة، فالتقى الجمعان، فثبت المسلمون، وأنزل الله سكينته على المؤمنين، وأيدهم بنصره (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين).

 

ما تشهده غزة اليوم ليس ببعيد عن ما حدث قبل بضعة عشر قرناً من الزمان. طائفة مؤمنة قليلة العدد والعدة، في مواجهة آلة عسكرية هي الأقوى في المنطقة. لسنا اليوم بصدد كيف بدأت الحرب، وهل هناك من استدرج العدو وخالف وصية النبي بعدم تمني لقاء العدو فكيف باستدراجه.

 

انقسمت الأصوات هنا ما بين هتافات محب، أو لوم مشفق، أو نعيق متشف حاقد. وتباينت الآمال من متفائل يرقب النصر، لفقيه يخشى النكسة، أو متشائم يتوعد بالخزي والخسران المبين.

 

وفي كل الأحوال، فنحن اليوم تجاوزنا مرحلة المداهنة والتهدئة، وتخطينا مرحلة حفظ العهود والمواثيق. نحن الآن في حرب، وفي مواجهة للعدو، نحن الآن في الشق الآخر من وصية الرسول 🙁 فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف !).

 

إن لم يكن بيدنا نصرتهم بالمال والسلاح، فلا نحرمهم الدعاء بالنصر والثبات. وإن لم يكن ذلك، فلا أقل من أن نكف ألسنتنا عنهم، ونرجيء صخب اللوم الى ما بعد المعركة.

 

اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً –

اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم…

وصلي اللهم على سيدنا محمد… 

 

د. أحمد آل زيدان – ٢٠ رمضان ١٤٣٥

في ذكرى الاجتياح البري لغزة

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *