الإثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ شوال ١٤٤٦ هـ

صهاينة العرب – للكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

صهاينة العرب – للكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

 

 

 

لطالما عانت بلاد المسلمين والعرب من التطرف الفكري قبل غيرها من البلدان والدول، واليوم يطل علينا ما يُسمى بـ” التصهيُن العربي” الذي ينادي بمظلومية إسرائيل كـ نموذج من نماذج التطرف في بلاد العرب خاصة.

 

الصهيوعربية لها أيديولوجيه مبنية على العِداء للتيار الإسلامي المتشدد وحتى المعتدل ! حيث ظهرت بولائها للعدو الأزلي للعرب والمسلمين إسرائيل, وبدأت تنحاز إليه تدريجياً ضاربةً عرض الحائط بكل تلك التضحيات التي قدمها رموز الأمة الإسلامية والعربية في حروبٍ سابقه مع الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين، والآن أظهرت لنا أحداث غزة الفكر الصهيوعربي على ساحتنا بشكلٍ فاضح، مع أنه كان يظهر فيما مضى ما بين وقتٍ وآخر ويختفي بحسب المصالح الصهيوعربية، وعلينا ألا نستبعد أو نستغرب حدوث حالة نزوحٍ لصهاينة العرب إلى تل أبيب في قادم الأيام؛ لأننا نسمع الآن من هنا وهناك من يدغدغ إسرائيل ويريد زيارتها وزيارة تل أبيب في ظل حكومة نيتنياهو “الرشيده”! هؤلاء لديهم نزعة تصهين بلا شك، ولكنهم مُحرجين من هذا المصطلح الحديث على ساحتنا الإسلامية والعربية.


 
التصهين العربي ظهر في عدة أشكال، سياسي واجتماعي وثقافي وديني.. نعم ديني وهو من أغرب أشكال التصهين العربي, لكنه واقعي وله جهود لا تنكرها إسرائيل عرفاناً بالجميل!.

 

ضمن المشهد السياسي العربي صهيوني نرى في سياسة بعض الحكومات العربية أنه لا يجوز التحاور مع جماعة الإخوان المسلمين أو التبعية لهم أو المتتات لهم بأي صله؛ لأن أيديهم “الإخوان” ملطخه بالدماء على حد تعبير الأول، بيننا يجوز التحاور مع إسرائيل والتعاون معها وكأن أيديها مخضبه بالسلام ومليئة بالوئام! وهذه صوره من منهج التصهين العربي في قالبه سياسي.

 

أما على مستوى التصهين الاجتماعي فإن بعض صهاينة العرب مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يعجبهم النيل من العدو الصهيوني لكنهم يكرهون المقاومة الإخوانية “حماس”! هم في حيره!! وذلك يعود إلى تأثير القالب الثالث من أشكال التصهين العربي وهو الخطاب الثقافي للصهيونية العربية, والذي يرى التعاون مع منظمة حماس الإخوانية “تخابُراً” ويعتبره خيانة، بينما يرى التحاور مع إسرائيل “تعاون” ويجب أن يكون هكذا لإحلال السلام الذي يحاربه المقاومون من “حماس” وغيرها.

 

هذا الخطاب جعل أتباعه في حيره من أمرهم!. لكن بعضهم قرر أن ينفرد برأيه فيُعبِّر عن إعجابه بقصف إسرائيل لغزة وتدميرها للإخوانية المزعجين... علانيةً دون “تُقيه”.

هذه صوره مختصره ومبسطه لعقلية المتصهين العربي العامِّي، مع أن الخطاب الصهيوعربي يدعوا أتباعه إلى منهج الانغماس والتبعية بشكلٍ أكبر تحت عنوان “أن تتصهين أكثر
“.

 

أما في مشهده الديني فتجد أن أتباعه في حرجٍ شديد من صبغتهم الدينية ذات الغطاء الإسلامي، حيث أن المجتمعات الإسلامية تطالبهم بالحد الأدنى من النُصرة لإخوانهم في غزة بالدعاء أو القنوت أو غير ذلك مما لا يكون بعده ذرة خردلٍ من إيمان ، إلا أن التصهين الديني يُجرم الدعم المعنوي أو المادي للمقاومين “الإخوانيين” ولو كان ذلك على حساب العدو الصهيوني، وهذا للأسف بات واقعاً ولكنه متذبذب.

 

الجدير بالذكر أن إسرائيل مبتهجة من هذه الحراك الصهيوعربي، ومرحبٌ به في أوساط الصحافة الإسرائيلية، بينما بات مصدر إزعاجٍ للحراك الإسلامي الحقيقي، وهو كالسرطان في جسد الأمه المُنهكة من أيديولوجيات الاستخبارات الدولية.

 

نحن بحاجه ماسة إلى إعادة النظر في نسيجنا الاجتماعي والسياسي والديني والثقافي، وأكاد أقول أننا مخترقين وليس لدينا قوة تدفع هذا الحراك الغريب عن عقول جيلنا الحاضر وكذلك القادم لكننا مُطالبين بمكافحته وتجريمه كأي فِكِّرٍ متطرفٍ آخر.
 

أختم فأقول.. أن التصهين العربي له أهداف، وله مُنظرين، وله أيادي خفيه وظاهره، ولهذا يجب أن نتصدى له أولاً إذا ما أردنا أن نجعل من إسرائيل عدوَّةً للمسلمين والعرب بلا استثناء كما كانت في عصور أمتنا الماضية وعند رموزها المخلصين.

 

 


 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *