.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد: فقد تسلمتُ بـيد الشكر والتقدير من أخي الكريم الأستاذ الدكتور/ غيثان بن علي بن جريس، أستاذ التاريـخ بجامعتي الـملك سعود والـملك خالد سابقاً، مؤلفه الجديد الذي يحمل عنوان:[غيثان بن جريس في رسائل مُعاصـريه (1379 -1444هـ / 1977 – 2023م)]. في طبعته الأولى الصادرة عام 1445هـ/ 2024م عن دار (ديوان العرب للنشـر والتوزيع)، وهو كتابٌ ضخـمٌ يقع في (خـمسة) أجزاء كبيـرةمـجلدة، تشتمل على (3396) صفحة.
والكتاب يتحدث – على وجه العموم – عمّا وصفه الـمؤلف بالتواصل العلمي والثقافي مع الآخرين. وقد اشتملت مُعظم مادته على ما سـمّاه الـمؤلف بالوثائق والرسائل والـمذكرات أو الـمدونات التي أُرسِلت لهُ من أهل عصـره داخل الـمملكة العربية السعودية أو خارجها خلال العُقود الخمسة الـماضية.
ومع أن الـمؤلِف قد أشار في مقدمته التي صدَّر بها مؤلفه الضخـم إلى عددٍ من النقاط المُتعلقة بالأسباب التي دفعته لجمع وإعداد وإصدار هذا الـمؤلف – وقد يكونُ مُـحِقاً في بعض ما أورده فيتلك النقاط -؛ إلاّ أن هناك من قد يُـخالفه في بعض وجهات النظر، ولذلك أكتب هذه الـمشاركة بطلبٍ منه (رعاه الله)، مُبيناً وجهة نظري التي آمل منه أن يتكرم (كالعادة) بقبولها من أخيه الذي يُشاركه هم مسيـرة البحث العلمي والـمعرفي منذ سنوات ليست بالقليلة.
وفيما يلـي سأُشيـرُ إلى عدد من الإيجابياتالتي ينطوي عليها هذا العمل بعامة؛ ومنها:
(1) الكتاب في جـملته يعتمد على الرصد والتوثيقلـمسيـرةٍ علميةٍ وبحثيةٍ طويلـةٍ، وهو ما أشار إليه الـمؤلف في مقدمته تحت عنوان: الأسباب الرئيسة التي دعته لإعداده ونشـره، وقد أوردها في (أربعة)أسبابٍ لا تخلوا من بعض الجوانب الـمنهجية التوثيقية الـمعروفة عند أهل الفن والاختصاص.
(2) تقسيـم مادة الكتاب إلى خـمسة أجزاء موزعة على خـمسة مـجلدات تبعاً لتواريخ زمنية مُـحدّدة، وهذا جُهدٌ علميٌ وتنظيميٌ يستحق الإشادة، ولا يُستغرب من الـمؤلف فهو صاحب نتاجٍ علميٍ غزيرٍ ومعروف، وله قيمته العلمية عند الباحثيـن وأهل الاختصاص.
(3) تأكيد ما تـميـز وعُرف به أخي الكريم الأستاذ الدكتور/ غيثان من الحرص الشديد والعناية التامةبكل ما يصل إليه من الـمكاتـبات والـمراسلات والـمدونات وما في حُكمها، فهو يعتني بكل ما يصل إليه أو يصدُر عنه من تلك الـمكـاتـبـات ويحتفظ بهفي مكتبته، وأذكر أنه كان يُصنِّف ذلك تحت اسم (الوثائق الخاصة)، وأنه يُشكِّل قسماً كبيـراً في مكتبته.
(4) الدلالة الأكيدة على ما تـميّـز به أو انفرد به الأخ الأستاذ الدكتور/ غيثان من دأبٍ وحِرصٍ ومتابعةٍ قَـلَّأن توجد عند غيـره، وهو يستكتب ويُراسِل ويُلِحُ على الآخرين حتى يحظى بمُشاركاتهم وكتاباتهم؛ الأمر الذي أوجد عنده مادةً علميةً غزيرةً مكّنتهُ من إصدار الكثيـر من المؤلفات وتناول الكثير من القضايا التاريخية التي أجزم أنها لم تكُن ستـرى النور لولا الله سبحانه ثم جَلدُه، ودَأبُه، وحِرصهُ، ومتابعته، وطولُ نَـفَسِه في هذا الشأن.
(5) اشتمل الكتاب كما سبق وأن أشـرتُ على الكثيـر من الـمكاتـبات والـمراسلات والـمدونات وما في حُكمها، وهي – بلا شك – رصيدٌ علميٌ ومعرفيٌ وتاريخيٌ وتُـمثِلُ في مجموعها تراثاً معرفياً ثرياً،ولكنه – رغم ذلك – لن يخدم سوى فئة الباحثين والدارسيـن (وهم فئةٌ قليلةٌ) في مـجال التخصص من الأجيال القادمة (بإذن الله تعالى)، الذين إن احتاجوا إليها فسيجدون في هذا الكتاب وما شابهه مادةً علميةً مـجـموعةً، ومُصنفةً، ومُرتبةً، فتكون هذه (الـمراسلات الغيثانية) لهم بـمثابة الزاد العلمي الذي يـختصِـر عليهم الكثيـر من الوقت والجُهد.
أما أبرز الـملحوظات التي يُـمكن لفت النظر إليها؛ فيأتي من أبـرزها الآتي:
أ) أن كثيـراً جداً مما جاء في هذا الـمؤلف يندرج تحت ما يُـمكن أن يُسمى بالـموضوعات أو الأوراق الشخصية التي لا تهم في حقيقة الأمر سوى الباحث نفسه، ولا تهم الكثيـر من القراء الذين أجزِم أنها ربـما لا تعني لهم شيئاً، وإن جُـمعت ورُصِدتفهم لا يجدون فيها نفعاً ولا فائدة.
ب) أن هذا الإصدار يؤكدُ مقولة: (غيثان يـُكرر نفسهفيما يُصدرُه من مؤلـفات)، وبخاصةٍ أن كثيـراً من مؤلفات الأخ الأستاذ الدكتور/ غيثان تـتناول الـموضوعات نفسها فـتكون نُسخاً مكررة، وفي بعض الأحيان تكون هناك بعض التغييـرات أوالتعديلات اليسيـرة، أو الإضافات التي أجزم أنها وإن كانت مهمةً من وجهة نظره؛ إلاّ أنها في حقيقتها ليست بمُبـررٍ مقبولٍ لتكرار نشـرها، أوإعادة إصدارها في مؤلفٍ جديد أو مُستقلٍ، بل إنه ربـما كان إصداراً مـختلفاً في عنوانه.
ج) رغم أننا نعيشُ في زمنٍ قل أو ندُر فيه من يقرأ أو يقتني الكُتب الـمطبوعة أو يهتـم بها؛ إلاّ أننا نرى الأستاذ الدكتور غيثان، لا يتوانى ولا يحيد عن أصدار الكثيـر من الـمجلدات الضخـمة الـمشحونة بالكثيـر من البيانات والـمعلومات التي تبدو له مهمةً وذات قيمةٍ علمية، في حين أن غيـره من الناس وحتى الـمختصين لا ينظُر إليها بالنظرة نفسها، وقد يـراها من باب التـرف العلمي إن صحت التسمية.
د) إفراد الكثيـر من الصفحات في الـمؤلف لبعض الصور التي ليس لها قيمة علمية تهم القارئ لا في الحاضـر ولا في الـمُستقبل؛ كأن ينشـر صوراً لصفحات حفيظة النفوس الخاصة به، أو صور لصفحات جواز السفر، أو الصور الفوتوغرافيةللظروف أو الـمظاريف التي وصلت فيه بعض الـمراسلات والخطابات، بل إن من الغريب أن يعدكل صورةٍ منها وثيقةً تحظى بـرقمٍ مستقلٍ وتوقيعٍمنه، وفي هذا ما لا يُقبل علمياً ولا بحثياً فالعِبـرةُكما يعلم الجميع بالـمضمون العلمي أو الدلالة العلمية أو الـمعرفية من مـحتوى الوثيقة، وليس بالأوراق الشخصية أو بالشكل الخارجـي أو الديباجة الخارجية.
وبعد فإن ما تم إيراده وتسطيـره ليس إلاّ وجهة نظر أعلم أن أخي الأستاذ الدكتور/ غيثان سيتقبلها بصدرٍ رحبٍ كما تعودتُ ذلك منه، ويعلمُ الله سبحانه أني ما كتبتها إلاّ تلبيةً لطلبه، واجتهاداً مني في أن أُبدي وجهة نظري الخاصة التي أرجو أن يجد فيها ما يُفيد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالـميـن.
.
التعليقات