الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

حلقاتُ القرأن .. تُرْهِبنَ أل زلفة ! – للكاتب أ. رافع بن علي الشهري

حلقاتُ القرأن .. تُرْهِبنَ أل زلفة ! – للكاتب أ. رافع بن علي الشهري

 

 

لا أكاد أصدق أنْ يَصِل الآمر بالدكتور محمد أل زلفة أن يدعو عبر قناة العربية إلى إغلاق حلقات القرأن الكريم المنتشرة في المملكة,بحجة أنها تُخرِّج الإرهاب ولاتبرأ بالقائمين عليها الذمة!

أنا أعلم أن أل زلفة قد سخَّر نفسه وجهده وماله للدعوة للبرالية والحرية,فجعل من نفسه محاميا للنساء اللبراليات النشاز اللاتي لايمثلن السعوديات الأصيلات الحرائر,وأعلم أنه هو الذي شبه أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشبيحة النظام السوري..وهو الذي ناظر كبار الفقهاء ليقول لهم دون حياء أو خجل أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف عن ساقيها مستدلا أن ملكة سبأ كشفت عن ساقيها أمام سليمان عليه السلام,وهو الذي قال الكثير الكثير ضد الثوابت والمسلمات والتي لايتسع المكان لذكرها غير أنه يتسع عليه غُرْمها إن لم يتب الى الله السميع البصير.

ماكنت لأصدق لو لم أره بعينّي وأسمعه بأذني وهو يتجاوز الحدود ويقفز من على الخطوط الحمراء.. لينبري ضد تعليم القرأن في حلقات المساجد, وهو أحد أبناء هذا الوطن الكريم مهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم ومنطلق الرسالة وحاضن الحرمين والمشاعر المقدسة..الوطن الذي أُسس دستوره على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

لم تكن تجاوزات أل زلفة مستغربة..لكنها حين تمس كلام ربنا ودستور أمتنا وحبل الله المتين تكون غريبة مستهجنة وعجيبة مقززة..وتكون أشد غرابة حين يجعلها أل زلفة تفسيرا للقرارات الملكية الكريمة التي تنص على طمس معالم الارهاب في هذا الوطن الآمِن العظيم الذي لايقبل التطرف والغلو ولايقبل السعي الى زعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية..ولايقبل التشكيك في ثوابت الدين.

ومن البديهي جدا أن دعوة أل زلفة هذه تفتح أبوابا واسعة لاتُغلق أبدا, سواء علم بها أو جهلها..وأخطرها التشكيك في أن هذا القرأن الذي يهدي للتي هي أقوم يُخرِّج إرهابيين ولا يخرِّج مهتدين وهذا مايقوله ويدندن عليه أعداء الملة والدين ..ومنها الباب الذي يدلف منه مفككوا اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي والثوابت التي قامت عليها هذه البلاد!

لست أدري لماذا لايرعوي الدكتور أل زلفة عن التعرض للثوابت الدينية والقيم الحميدة بالطعن والتشكيك والتحريض, سيما وهو في هذا السن المتقدم..وهو كما أعلم ابن عائلة كريمة معروفة؟!

أليس حري به أن يكون أكثر قربا من الله عزوجل بالطاعات والتسبيح والتمجيد وشكر الله على ما انعم به عليه من نعم المنصب والمال والصحة؟ أليس الأولى به أن يُسخر إمكاناته التاريخية والمعنوية والاعلامية لخدمة دينه وأمته ووطنه؟!

لو أن أستاذ التاريخ أل زلفة تأمل التاريخ الذي تَعلَّمه ويُعلمه حقا لآلفى أن أمتنا أعظم أمة سارت على وجه الآرض وأن نبيها أعظم شخصية عرفها التاريخ ولن يأتي أعظم منه أبدا..ولَعلِمَ أن رجالات هذه الآمة وسلفها المتقين الصادقين من أتقى وأنقى رجالات العالم في الفضل والعدل والنخوة والشرف,وكل من سواهم عالة عليهم وبلا خلاف..ولَعلِم أن الهدي والرشاد في كتاب الله وسنة رسوله!

لو أنه قرأ التاريخ الاسلامي المجيد بكل صدق وشفافية,لَعلِمَ من هم الذين حاكوا المؤمرات والدسائس على أمتنا ومن هم الذين أسقطوا العروش الإسلامية وأتوا بالمستعمرين؟ولعلم من هم الذين حرروا بلاد الاسلام من المستعمرين…سيعلمُ أن أهل الاهواء والروافض وأهل البدع والزنادقة والمندسين في الصفوف هم المتأمرون وسيعلم أن أهل القرأن والسنة والإباء والشمم هم الذين حرروها. كان صلاح الدين يفتتح يومه بصلاة الفجر ثم يثني ركبيته هو وقادة الجهاد في حلقة القرأن الكريم حتى تطلع الشمس ثم يستمع لشرح في الحديث من موطأ مالك او البخاري أو مسلم أو غيرهما!

إن حلقات القرأن الكريم التي يدعو أل زلفة لإغلاقها..هي التي علَّمتْ عُلمائَنا على مر العصور والأعوام,رمزَنا ومجدنا ومصدر عزتنا..علّمتهم هويتنا التي ليس منها بد ولاعنها فكاك هويتنا التي إن تمسكنا بها حقا فزنا وأفلحنا ورقينا,وإن فرطنا أو تهاونا فيها تقهقرنا وعدنا الى الوراء..علمتنا كتاب الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه!

إن جهابذة علمائنا الآعلام البارزين وأئمة الحرمين السابقين واللاحقين,كانوا تلاميذا في حلقات القرأن الكريم يثنون ركبهم كل يوم حتى قدموا لدينهم وأمتهم ووطنهم الخير والفضل والرفعة!

كأن أل زلفة أستاذ التاريخ الحديث لايدري أن حكومتنا الرشيدة وفقها الله تولي رعاية خاصة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرأن الكريم والمنتشرة في جميع أنحاء المملكة ممثلة في وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد,وتحرص على تعليم كتاب الله لجميع أبناء الامة على اختلاف أعمارهم نساء ورجالا,وتقدم الدعم السخي والاشراف التربوي والعلمي على أحدث الوسائل من دورات تطويرية وتقنية لعموم منسوبي هذه الجمعيات المباركة!

إن حلقات تحفيظ القرأن الكريم يا أل زلفة..جزء من هويتنا ومن دستورنا الذي قامت عليه بلادنا,ألاتحب أن يكون ابنك حافظا لكتاب الله؟ألاتحب أن تكون ممن ينطبق عليهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(خيركم من تعلم القرأن وعلمه)؟ فتدعو إلى تعليم كتاب الله لتدخل في هذه الخيرية العظيمة, بدلا من أن تسعى في إيقاف هذا الخير العظيم, أو بدلا عن أن تطلق لسانك فلاتريح الآمة والوطن من بذر الفرقة والتشكيك وخرق اللحمة الاجتماعية بالطعن في ثوابتها ومسلماتها..يقول تعالى:

                                             

) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *