الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

ورقة عمل تقدم لمؤتمر اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة – لسعادة البروفسور غيثان جريس الشهري

ورقة عمل تقدم لمؤتمر اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة – لسعادة البروفسور غيثان جريس الشهري

صحيفة النماص اليوم :

 

يقدم سعادة البروفسور غيثان جريس الشهري ورقة عمل في مؤتمر اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة وهو المرشح الوحيد من المملكة العربية السعودية لهذا المؤتمر –  لعام ( 2013 م ) خلال يومي الأربعاء والخميس ( 2 – 3 ) من شهر محرم القام  1435 هـ ، الموافق 6 – 7 نوفمبر 2013 م ) . وفي هذا المؤتمر سيتم تكريم صاحب هذه الورقة ضمن كوكبة من شوامخ المؤرخين العرب لعام ( 1435 هـ  / 2013 م ) . وفي هذه الورقة التي لخص سعادته المحاور الرئيسة التي ناقشها في البحث الرئيس , وكانت على النحو التالي :     

 

أولا : الملايويون هم سكان أرخبيل الملايو ( إندونيسيا , وماليزيا , والفلبين, وما جاورها ) في جنوب شرق آسيا .  أصول الجنس الملايو , ووجدنا أن هناك أراء عديدة تذكر موطنهم الأول , ففريق من الباحثين ذكر أنهم من جزيرة سومطرة الإندونيسية ، ورأي آخر يذكر قدومهم إلى جنوب شرق آسيا من مرتفعات شبه القارة الهندية ، وفريق ثالث يذكر أن أصولهم تعود إلى الجنس المنغولي ، وأصحاب هذا القول الأخير يذكرون أنهم وصلوا إلى بلاد الأرخبيل من شمال الهند المحاذية لجنوب الصين ، وعلى وجه الخصوص من مرتفعات يونان ، أي شمال الهند الصينية  .

ثانياً : نتحدث بإيجاز عن انتشار الإسلام في بلاد الملايو قبل القرن ( 7 هـ/ 13 م ) ، وفي هذا العنصر ذكرنا العديد من العوامل السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية التي ساعدت على وصول الاسلام إلى الديارالملاوية ، ثم أوردنا بعض التفصيل عن حملة الإسلام الأوائل إلى الملايويين ، وكيف كان العرب أقدم وأول من نقل الإسلام إلى الجنس الملايوي .

ثالثاً : ركزنا في هذا المحور على نشأة وتطور القوى السياسية التي ظهرت في اندونيسيا وماليزيا وما جاورها خلال العصر الإسلامي الوسيط ( ق 7 – ق 10 هـ / ق 13 – ق 16 م )   . ومن أهم الحكومات السياسية التي لها أصول عليا عربية في تلك الفترة : امارة بيرلاك ، وممالك باساي، وملقا ، وآتشية  ، ودول أخرى ظهرت في جوهور بشبه الجزيرة الملايوية ( ماليزيا الغربية ) ، وممالك إمارات دماك ، وباجانج ، وما ترام، وتشربون ، ومالوكو ، وسولاويسيونوستنجارا في اندونيسيا ، وأثناء دراسة التاريخ السياسي والحضاري لتلك الحكومات الاسلامية اتضح لنا أن اللغة العربية والنظم الإسلامية العربية التي كانت معروفة في الشرق الادنى هي نفسها التي كانت سائدة ومعمول بها في بلاد الملايو خلال العصر الإسلامي الوسيط .كما عكست بعض المصادر العربية والملايوية الصلات الحضارية والسياسية التي كانت سائدة بين سلاطين وأمراء تلك الحكومات الملايوية وبين حكومات وسلاطين الدول الإسلامية في الشرق الادنى كما أشرنا الى دور العرب العلويين الصوفيين في توطين قدم الإسلام في إندونيسيا وماليزيا ، وما بذلوه من جهود كبيرة في نشر الإسلام بين جميع طبقات المجتمع الملايوي ، وما حققوه من نجاحات لا زالت تذكرفتشكر

 

رابعاً : ناقشنا صلات العرب المسلمين في إندونيسيا في ما بينهم ، وكذلك صلاتهم بالقوى البوذية والهندوكية التي كانت تعيش في أرض الملابو ، وكيف قضى العرب والملايويون المسلمون على نفوذهم وسطوتهم السياسية ، وما بذلوه من جهود في التصدي للغزو الاستعماري البرتغالي الذي مد نفوذه إلى أرخبيل الملايو خلال القرن العاشر الهجري ( السادس عشر الميلادي )  ، وفي نهاية الدراسة خرجنا بالعديد من النتائج والتوصيات التي نذكر أهمها في البنود التالية :

1 – العرب هم أصحاب الريادة في حمل الإسلام الى شعوب الأرض ، وهم مع الأجناس الفارسية والهندية والصينية المسلمة ، وصلوا إلى أرخبيل الملايو ونشروا الإسلام بين الملايويين ، بل استطاعوا في نهاية الامر بناء وتأسيس حكومات عربية إسلامية في أنحاء بلاد الملايو .

2 – كانت قلب بلاد الملايو مثل إندونيسيا وماليزيا ترزح تحت سيطرة القوى والعقائد والثقافة الهندوكية والبوذية ، ولم يأت القرن السابع الهجري ( الثالث عشر الميلادي ) إلا وبعض نواحي هذا الأرخبيلالملايوي صارت بلاداً مسلمةً ، ديناً ودولة ، وصارت اللغة العربية والنظم الاسلامية هي الدستور والأسسالرئيسة التي تتبعها وتحتكم اليها تلك الحكومات المسلمة ، ومن ثم كانت القرون الاسلامية الوسيطة ( ق 7 – ق 10 هـ / ق13 –ق 16 م ) هي العصر الذهبي للعرب والمسلمين في تلك الجزائر الملايوية .

3 – لم تقف العداوة بين الشرق والغرب ، بل بين العرب المسلمين وغيرهم من القوى الغربية الصليبية عند حد الصراعات الدامية التي وقعت بين البلدان العربية والإسلامية والغرب الصليبي في الشرق الأوسط ، وإنما امتد هذا الصراع العقدي إلى أقصى الشرق الاقصى ، ونقلت بعض الدول الاوربية الصليبية حروبها الى الهند وجزائر إندونيسيا وماليزيا ، وذلك من أجل القضاء على الحكومات العربية والإسلامية التي ظهرت هناك ، وكان البرتغاليون أول من اصطدم بالمسلمين في ماليزيا واندونيسيا ، ثم جاءت دول أخرى استعمرت البلاد والعباد وسفكت الدماء وأهلكت الحرث والنسل في كل مكان .

4 –ان بلاد الملايو ( إندونيسيا وماليزيا والفلبين وغيرها من دول جنوب اسيا ) تعد من وجهة نظرنا منطقة ثغور إسلامية ، فهي تقع في أقصى الشرق الأقصى وتحيط بها الدول الكافرة من كل مكان والمسئولية ملقاة على عاتق الدول العربية والإسلامية فتكون على اتصال مستمر مع حكومات وشعوب تلك الجزائر بالمساندة والدعم وما يستطيعون حتى يبقى الإسلام عالياً قوياً في ذلك الأرخبيل الإسلامي . والذي يجعلني انادي بهذا ما لمسته أثناء جمع مادتنا العلمية لأحد مؤلفاتنا المطبوعة والمنشورة عن ذلك الأرخبيل ، وأثناء زيارتنا لتلك الجزر اتضح لنا الفقر المعرفي الذي نعيشه – معاشر العرب – بشأن تاريخ وحضارة تلك البلاد ، والأمجاد التاريخية الشامخة التي عاشتها الحضارة العربية والإسلامية في تلك الجزر خلال العصور الإسلامية الوسيطة . وللأسف فإن معظم جامعاتنا ومؤسساتنا الثقافية والفكرية في البلاد العربية تكاد تكون شبه خالية من الدراسات الحضارية والثقافية والتاريخية الخاصة بتلك الجزر الإسلامية الملايوية العريقة، فحبذا لو ارتفعت همة بعض الجامعات والمؤسسات الثقافية في بلادنا الى حيث تقوم بتأسيس بعض المراكز البحثية والعلمية الخاصة بالشرق الاقصى وبخاصة الدولة الإسلامية منها ، وهذا بدون شك سوف يردم الهوة الثقافية التي نعيشها نحن العرب ، ومن ثم يجعلنا على اتصال ثقافي وفكري وحضاري حقيقي بإخواننا في تلك الجزر الملايوية .

5 – ان الباحث والمتجول في بلاد الملايو يجد النشاط المنقطع النظير الذي تبذله القوى الهندوكية والصينية والغربية الصليبية من أجل مسخ هوية تلك الأوطان العربية والإسلامية ، والقضاء على دعوة الإسلام هناك . وإذا كان ثمة بعض الجامعات والمؤسسات أو الدعاة المجاهدين الذين يبذلون جهوداً كبيرة في التصدي لتلك الهجمات الشرسة ، لكنهم في مجملهم ذوو جهود محدودة وضعيفة أمام ما يدفع ويخطط له من تلك القوى المعادية .

6 – نحن معاشر المؤرخين والباحثين في المراكز والأقسام العلمية والثقافية في أوطاننا العربية يجب أن نكون على صلات جيدة بإخوانناالملايويين ، وينبغي أن نوجه طالباتنا وطلابنا للدراسات العليا وكذلك الباحثين والمهتمين في مؤسساتنا الأكاديمية بأن يولوا تلك البلاد بعض الاهتمام والتركيز في بحوثهم ودراساتهم وندواتهم ومؤتمراتهم . كما يجب أن نكون على اتصال بالمراكز العلمية والباحثين في تلك الجزر الاسلامية ، فنجالسهم ونتصل بهم ونتبادل معهم الوان المعرفة الأكاديمية والثقافية ، ونحن على يقين أن سلوك مثل هذا الطريق سيصب في النهاية في خدمة الإسلام والمسلمين ودعم الأخوة العربية والإسلامية .

7 – اتضح لنا في اثناء تجوالنا وزيارتنا لبلاد إندونيسيا وماليزيا تأثر أهلها بالحياة الغربية البحته ، وللأسف فإن القائمين على شؤون التعليم وبخاصة في الجامعات والمؤسسات التعليمية العامة والعالية مغرمون ومعجبون بكل ما هو وافد من بلاد الغرب . وهذه كارثة يعيشها معظم المسلمين في البلاد العربية والإسلامية والتأثر بالغرب في الجوانب الايجابية أمر محمود ولكن ما يقتبس من السلبيات يفوق الايجابيات .

8 – لا زالت المكتبات العريقة في جنوب شرق اسيا وفي الجامعات الغربية تزخر بآلاف المخطوطات والكتب النادرة التي تعكس تاريخ وحضارة العرب والمسلمين في بلاد الملايو خلال العصر الاسلامي الوسيط من القرن السابع إلى العاشر الهجري (ق 13 – ق 16 م ) ، والواجب على جامعاتنا العربية ومؤسساتنا الأكاديمية ان تدعم وتشجع دراسةوجلب مثل هذا التراث العربي العريق ، بحيث يتولاه الباحثون والمتخصصون بالبحث والدراسة والتحقيق . ومن يفعل ذلك فسوف يسديللأمة العربية الاسلامية فضلا عظيما وكبيرا في أبواب العلم والمعرفة .وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على رسوله الامين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . (حرر في 1/1/1435 هـ الموافق 5/نوفمبر/ 2013م) .  

 أ.د. غيثان بن علي بن جريس

أستاذ التاريخ الإسلامي – جامعة الملك خالد ( 1435هـ / 2013 م )

العرب والملا يويون في القرون الإسلامية الوسيطة  ( ق 7 – ق10 هـ / ق 13- ق 16 م )

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *