صحيفة النماص اليوم – فوزية الشهري :
“ياليت عندي عصيدة وأربع صواني مرق” إنها تلك الاهزوجة الجنوبية التي كان يرددها آباءنا وأجدادنا إلى جانب بعض الطرائف التي نسمعها عندما تعد العصيدة، حيث كانت العصيدة مصدر للرزق وباب للتجارة والتجار حيث يتم نقل الحبوب والدقيق وبيعه في المدن والقرى المجاورة، وعندما ينال من السائق العناء ويجوع يوقف سيارته ويعد وجبته، ويقوم بجمع الحطب وإشعاله، ووضع الماء والدقيق بالقدر وتحريكه بعصاء سميكة لإعدادها وإطفاء نهمه .
هذه أقصوصة تحدث بها الحاج صالح البكري خلال لقائه بـ “عكاظ اليوم ” يقول إن الحبوب هو المحصول الرئيسي القابل للنقل وهى أهم شيء كنا نعتمد عليه في منطقة الجنوب لوعورة المنطقة، ومن الصعب التنقل بين القرى التي تتوفر بها مراكز البيع، لأننا نعيش في منطقه جبلية وباردة في فصل الشتاء يشتد البرد القارص والضباب فتصعب الرؤية والتحرك لذلك نقوم بزرع الحبوب وتخزينها وطحنها لتصبح دقيق، ويصنع منه الخبر والعصيدة والعيش والمرقوق .
ويضيف أن هذه الأكلات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها بالأوقات العادية والمناسبات لأنها تمد الجسم بالطاقة والقوة، وكان يطلق عليها أجدادنا أيضا “بمسامير الركب”، والحبوب منها ) الشعير والبر والذرة ) ويمكن أن يظل فترة طويله في التخزين، وعندما يقوم الرعاة بنقلها إلى المدن لكسب الرزق فيكون الدقيق هو قوته الأساسي لسهولة تخزينه وإعداده.
من جهتها أضافت أم رياض أن العصيدة تظل من الأكلات التي يصعب إعدادها وهي من الأكلات الشعبية التي تتنافس عليها فتاة الجنوب لإرضاء أهل الزوج، وأيضا لمن تريد الزواج، لان أهل الشاب عندما يبحثون له عن عروس لا ينظرون إلى جمالها بل في طريقه إعدادها للوجبات الشعبية، ( هذا طبعا في السابق ) حيث تحتاج إلى دقة في الإعداد وطريقة وضع الدقيق وتحريكه حتى لا تتكون “القرد” وهي دقيق يتكتل ويتحول إلى كرات صغيرة بالعصيدة.
وتتابع أم رياض، لقد قمت بإعداد العصيدة عندما زرنا أهل زوجي لكسب الرضاء ، وأيضا هي من الأكلات المرغوبة لكبار السن، وللمرأة النفساء لأنها سهلة الأكل والهضم ، وصعبة في الإعداد حيث يكون أعدادها بوضع ماء في وعاء وتركه حتى يغلي ثم نقوم بوضع دقيق مخلوط من البر والشعير ودقيق الذرة وملح ونضعه عل الماء بالتدريج وتحريكه بسرعة بعصاء له راسين يسمي “مصواط ” وهو يشبه الشوكة ، وان تكون على نار متوسطة.
ونوهت أم رياض علينا أن نحرص على أن لا يكون بها “قرد “وهي دقيق يتكتل ويصبح على شكل كرات في حالات عدم التحريك او صب الماء مع الدقيق بدون تحريك وتترك إلى أن تنضج على نار خفيفة لان النار العالية تحرق العصيدة ولن تستوي ،وأيضا مع التحريك المستمر وإضافة الماء والدقيق اذا لزم الأمر لان عدم نضجها يسبب آلام في البطن وتكون غير طيبة الطعم .
وبعد النضج لابد من غسل غطاء القدر وتركه مبلل بالماء ثم تغطية القدر ورفعه إلى الأعلى فوق مستوى الرأس بعد وضع منشفة على أطرافه حتى لا تحترقين ثم تقلبين العصيدة من خمس إلى ست مرات أو أكثر ،حتى تصبح العصيدة كالكرة داخل القدر ،ثم تقلبين القدر في صحن التقديم فورا، وتقدم مع المرق المصنوع من مرق اللحم أو اللبن.
من جهته يقول ظافر الطويري أن العصيدة من الأكلات الشعبية التي لازلنا نحرص على تقديمها للضيف وأيضا في المناسبات وهي أساسية على السفرة وأيضا بدأت بعض المطاعم في المنافسة على إعدادها لجلب الزبائن وأن بعض النساء يجهلن إعدادها بالرغم من توفر القدور المخصصة للعصيدة ، وأيضا تتنوع صناعتها والمسميات مثل ( العصيدة بالتمروالسويق ) وبعض الأشخاص عندما يأتون لزيارة القرية يفضل أن يأكل الآكلات الشعبية ويعيد ذكريات الطفولة.
التعليقات