صحيفة النماص اليوم :
رحل عن الدنيا رجل من رجالات المنطقة , رجل عرفة القريب والبعيد , رجل تميز بفصاحة اللسان وقوة البيان , يجد الجالس في مجلسه أمام كتاب من الحكمة , ويستفيد من فيض علمه . رحل رحمه الله صباح يوم الخميس 6/6/1431هـ بعد مسيرة حافلة بالكفاح والجد والاجتهاد .
أكثر من مائة عام مضت وذاكرته لا تزال تختزل شيء من الماضي العريق ليوثق للأجيال إن التمسك بالدين والتسلح بالعلم والولاء لله ثم للدين والمليك والوطن هي المعيار الحقيقي للنجاح والتفوق والازدهار .
ويروي قبل وفاته .. أنه من أوائل الضباط من المنطقة الجنوبية بل وفي المملكة , فقد رافق المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه في جولاته وعمل على حراسته في عام 1357 هـ .. وقد آثر الشيخ عبدالرحمن بن فهد بن متعب الكلثمي رحمه الله والذي تجاوز عمره 100 منذ سنين على نفسه أن يروي جزء يسيراً من حياته التي بدأها في خدمة الوطن .
قال أنه ولد في عام 1324هـ في محافظة النماص , وتعلم الكتابة والقراءة على أيدي المشايخ قبل أن يسافر بحثا عن لقمة العيش إلى مكة المكرمة عام 1350هـ حيث ألتحق بالخدمة العسكرية برتبة جندي في نفس العام , واستمر في مكة حتى أنتقل إلى مدينة جدة .
ومن ذكريات الشيخ ابن فهد أنه سافر وقتها إلى مدينة جيزان عن طريق البحر واستغرقت الرحلة قرابة (17) يوماً , كما أنه قد كان ضمن (50) جنديا شاركوا مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز وقتها في حرب اليمن مع الإمام يحيى , وبعد استقرار الأوضاع وإبرام اتفاقية الطائف عاد إلى مكة المكرمة في 1357هـ حيث تمت ترقيته إلى ضابط وعين في حراسة الملك عبدالعزيز, ويالها من شرف كبير وأمنية لم تحقق إلا لعدد محدود .
واسترجع رحمه الله ذكرياته قائلاً بعد توحيد المملكة على يد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه حيث ساد الأمن في أنحاء البلاد وكان الملك عبدالعزيز يرحمه الله يحثنا على فعل الخير ويوصينا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما كان الملك عبدالعزيز رحمه الله يردد عبارات لا تزال عالقة في ذهني وهي ” لا يستقر حكمنا إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ” .
ومن ذكرياته خلال معايشته أبناء الملك عبدالعزيز ( فهد رحمه الله ، والملك عبدالله حفظه الله ، والأمير سلطان رحمه الله ) أثناء دراستهما في الرياض أن والدهما المؤسس كان حريصاً على أن يذهب أبناءه وجميع العاملين معه للصلاة في المسجد ويعاقب من يتخلف عنها.
وكان يسأل عن المحتاجين والمعوزين , ويقدم لنا الهدايا خلال الأعياد, ويضيف الشيخ ابن فهد بنبرات حزن عن الماضي الأصيل وتمني عودته قبل موسم الحج كنا نرافق الملك عبدالعزيز في جولته في السيارات البدائية ومن خلال الطرق الوعرة من الرياض إلى مكة المكرمة وكانت مشاعره دائماً هي الاطمئنان على الحجاج وتوفير سبل الراحة لهم ,
ويختتم الشيخ ابن فهد حديثه أن الملك عبدالعزيز القائد المحنك لم يشهد التاريخ مثله وقد تعلمنا منه الأدب والمعرفة والحكمة والكرم والبلاغة والصبر والرحمة بالضعفاء والمساكين, وكان شغله الشاغل راحة شعبه .
الشيخ عبدالرحمن ابن فهد عاهد الملك عبدالعزيز عندما كان يعمل في حراسته بأن يكون مخلصاً لدينه ثم لمليكه ووطنه وهو أول من تسلم رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النماص وعمل فيها حتى تقاعد .
للشيخ عبدالرحمن بن فهد من الأبناء تسعة منهم ثلاثة طيارين في الخطوط الجوية العربية السعودية في حين توفى أبنه الأكبر أثناء التدريبات العسكرية الخاصة بالطيران في الولايات المتحدة الأمريكية .
كان الشيخ عبدالرحمن بن فهد نموذجا للوطنية يحتذى به في الجد والعمل والمثابرة والإخلاص والأخلاق وسيبقى التاريخ منصفاً له ولأمثاله من الرجال الأشاوس والمخلصين لدينهم ووطنهم .
التعليقات