الأحد ٢٠ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٢ شوال ١٤٤٦ هـ

توحدت الشعوب وتَفرّق القادة !. – للكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

توحدت الشعوب وتَفرّق القادة !. – للكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

 

 

زُرْت مكتبة عَمّان الكُبرى وهي مِن المعالم الأثرية بالأردن, وتاريخها ثلاثة وخمسون عام وتحتضنُ رفوفها ما تشتهيه الألسن وتستلذه العقول من نتاج العُلماء والأدباء والمثقفين والشعراء وغيرهم, إنها كنزُ ثقافي وقصرٌ للمعرفة, الشاهد أنني لقيت فيها ديواناً عمره ثلاثة وعشرون عام لشاعر المنفى الشجاع العربي أحمد مطر عنوانه “العشاء الأخير لصاحب الجلالة إبليس الأول” قرأت فيه أن الحيوان في بلاد العرب أبى ان يكون بشراً تصويراً مجازياً للواقع البئيس الذي كان يعيشه المواطن العربي حينئذ , حيث قال بالنص:

 

لو قيلَ للحيوانْ: كُن بشراً هُنا

لـَ بكى وأعلنَ رفضهُ الحيوانُ!.

 

هذا هو واقع الأمة الإسلامية والعربية كما صوّره الأديب أحمد مطر قبل ثلاثة وعشرين عام, لكنني اليوم أوجه لذات الأمة التي بكى من عيشها الحيوان وأبى أن يكون من البشر على أرضها أسئلةً لا أجهل إجاباتُها.. ما هو واقع أمتنا الإسلامية اليوم؟ وماذا أصاب قوميّتها؟ وما هو الحال على شعوبها؟ كُل سؤالٍ يرتبط بالآخر, فبقدر اتفاقنا على الإجابات يجد بعضنا تناقضاً على أرض الواقع.

 

دعوني أقول لكم مستعيناً بالله أن الشعوب الإسلامية قد اتفقت على أنه لا ناصر لهم إلا الله بعد عقودٍ مِن كََذِب السياسة علينا وقولها زوراً أنه ليس بمقدور المسلمين والعرب ان يتفقوا, لقد اجتمعوا على راية التوحيد “لا إله إلا الله محمداً رسول الله” بعيداً عن الحدود والأقاليم والدول, إنه أعظم اتفاق أجمعت عليه الشعوب الإسلامية من العرب والعجم إجماعاً بِلا شذوذ, ومِن هذا المُنطلق الإسلامي توحّدت الأهداف وتضامنت الوفود وارتبطت الشعوب وصاحت الحناجر كلها تقول “ما لنا غيرك يا الله”.

 

” مالنا غيرك يا الله” سمعناها من أرض الشام وذكرها المسلمين في مشارق الأرض وصدحت بها المنابر في خليج العرب ورددها الموحدين في شرقيّ آسيا وأعلنها المسلمين في أفريقيا وهي شعارٌ صالح لكافة الثقلين من عباد رب العالمين.

 

 ثم دعوني أبشركم أن القضية الآن ليست قضية شعوب ضعيفة كما يدّعي قادتها, القضية قضية قادة آثروا حُب الدُنيا على الآخرة, ولم يعد للدماء الإسلامية كرامتها عندهم, القضية يا ساده هي قضية جبابرة وطُغاة يحكمون شعوباً كانت مريضه, أما اليوم فهي تتعافى من مرضها الذي عُرِف بِـ داء الخنوع للظلم والاستعباد, لقد انتفضت الشعوب وتعافت العقول واهتدت الجماعات وتوحدت الفِرق لتقول جميعها “ما لنا غيرك يا الله” نِعم المولى ونِعم النصير.

 

 لقد عرفت الشعوب الدواء وتم تسجيله في كتاب التاريخ الحاضر تحت مسمى “التضحيات” وليس هناك دواءٌ أنعج منه للخروج مِن مأزق الطُغاة والجبابرة المفسدين, ولقد عرفت الشعوب المسلمة أن السياسة العربية إنما هي تلك العصا التي تهش بها السياسة الغربية على الشعوب العربية والإسلامية, وهذا أصبح معلومٌ لدى الجميع.

 

والمختصر من كل هذه الرسائل المتناثرة في مقالي هذا هي أن الأمر أصبح بيد الشعوب, والكلمة لها الآن إذا ما أرادت الكرامةً والهيبة أو المكانةً والوجود, ولن تتحقق هذه المطالب والحقوق إلا بالتضحيات والجهاد والبذل والإنفاق في سبيل الله, أما سوريا بلاد الشام فالأمر لا زال بيد العُلماء الربانيين ليقولوا كلمتهم قبل أن تقول الشعوب كلمتها… والله ولي التوفيق.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *