ربما يثير هذا العنوان فيك كثير من الأسئلة ويشعرك بالغرابة، لكن حينما تنظر لواقعنا بتمعن ستجد أننا لا نفكر ابتداءً ، فكل الأفكار التي تدور في رؤوسنا ليست من نتاجها المحض ، وإنما نقوم بإختيار الأفكار والرؤى المطروحة في وسطنا الثقافي والتي ننجذب إليها ونقبل بها .
ويمكن القول بأننا لسنا منتجين للأفكار بل مستهلكين شرهين . نقوم بإختيار فكرة معينة من هنا أو هناك ثم نتبناها لمجرد أنها تلائمنا وتتوافق مع مقاييسنا الشخصية . لذا تجد أن غالبية الأفكار التي تدور حولك مكررة ومهترئة من كثرة الإستخدام . ولهذا يجب علينا أن نتقصى مصدر تلك الأفكار التي نستهلكها ونتبناها ونسهم في الترويج لها بعد أن تتشربها عقولنا الإسفنجية، هذا سيقودنا في النهاية إلى نتائج وحقائق مؤلمة أحياناً وغريبة في أحيان أخرى
وسندرك حينها أننا ضحية تفكير ممنهج يتم طرحه في وسائل الإعلام ، وليس لنا من الأمر سوى أن نكون إما مع أو ضد ما تحمله لنا من أفكار .
وفي الغالب تبدء تلك الأفكار بالتغلغل وإن رفضناها في البداية لكن حدة ذلك الرفض تقل وتخبو شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح مهملة فمقبولة ومن ثم قد تتعدى ذلك بأن تصبح إعتقاد ندافع عنه بشراسة .
ولتتصور الحالة يمكن أن أمثل لك بفكرة إقتناء جوال بكاميرا ، ففي الماضي القريب كانت فكرة غير محبذة وغير مقبولة من الكثيرين
أما بعد ثورة الأجهزة الذكية والحملات الإعلانية السحرية التي أُنفقت عليها المليارات فقد باتت فكرة إقتناء جوال بكميرا محببة وبعيدة كل البعد عن الموقف المعارض سابقاًلهذه الفكرة والذي كنت أنت من ضمن مناصريه آن ذاك ، مع مالها من فوائد وماعليها من مأخذ ،
ولا يمكنك القول أن التغيير في وجهة نظرك أتى بين عشية و ضحها أو أنه أتى بلا تأثير خارج عن حدود تفكيرك .
من هذا نستنتج أن أفكارنا التي ستؤثر في قراراتنا المستقبيلة مدسوسة بالقوة الغير مدركة في عقولنا جميعاً مع استثنائات قليلة ونادرة جداً للأقلية ذات السيادة على تفكيرها والتي تنتج أفكارها وتصدرها وتدافع عنها
ومن الأفكار التي نعارضها اليوم والتي بإستطاعتك مشاهدة جهد الإعلام في ترقيقها وتحسينها لتصبح مقبولة أو تصبح محبوبة فكرة حرية المرأة الشخصية سواء كانت الجنسية وهي مرادهم أو في باقي ممارسات حياتها الأخرى ، فقط عرج على صحفهم ومحطاتهم وستسمع عبارة حرية المرأة أكثر من غيرها من الكلمات .
ولو قسنا حجم حرية المرأة المسلمة بغيرها لتفوقت على نظيرتها من الأمم الأخرى بشرط أن يكون ذلك القياس وفق القيم الإنسانية النبيلة التي لا تتعارض مع الفطرة السوية
فهل من يتمتع بالحرية بحاجة إليهم ليمنحوه حريته ؟
التعليقات