الجمعة ١٨ أبريل ٢٠٢٥ الموافق ٢٠ شوال ١٤٤٦ هـ

الكثافة السكانية في المدن الكبرى…الواقع والمأمول! – بقلم الكاتب أ. محمد أل مخزوم

الكثافة السكانية في المدن الكبرى…الواقع والمأمول! – بقلم الكاتب أ. محمد أل مخزوم

تشهد العاصمة الرياض ازدحاماً غير مسبوق، هذا الازدحام طبيعي في ظل عوامل جذب محلية وعالمية، فالاستقرار الاقتصادي، والبنية التحتية، وتوفر الخدمات، كلها عوامل استقطبت رجال المال والأعمال والسياح من كل أقطار العالم للإقامة بالرياض، في ظل محدودية المباني السكنية التي لم تعد تكفي للسكان، ارتفعت على أثرها الايجارات السكنية بما يفوق قدرة محدودي الدخل على الوفاء بالتزاماتها.

التكدس السكاني في كل دول العالم ظاهرة غير صحية، ينتج عن هذا التكدس والازدحام انتقال الأمراض والأوبئة عن طريق الهواء الملوث، تواجه المدينة نتيجة التكدس السكاني ضغطاَ على الموارد، واستهلاك أكثر للماء والكهرباء، وارتفاع السلع، وزيادة التلوث، وتحديات أمنية، وضجيج وصخب وسائل النقل….الخ.

من الطرق الوقائية للحد من هذا التكدس دراسة إمكانية توفير الخدمات الحكومية بشكل واسع في المدن والقرى والأرياف، فالمدارس والمعاهد والجامعات على سبيل المثال لا الحصر مؤسسات جاذبة للهجرة العكسية من المدن باتجاه الأرياف والقرى والمدن الصغيرة، في ظل وجود تلك المؤسسات تنشط الحركة التجارية والعمرانية لتسهم في جودة الحياة لساكنيها.

مدينة كالرياض مثلاً من غير المنطق زيادة وتوسيع الرقعة الجغرافية أفقياً بكل الجهات، يترتب على هذا التوجه زيادة الكثافة السكانية والازدحام المروري، ولعل أحد الأسباب التي تدفع بالسكان للهجرة للمدن الكبرى هو البحث عن جودة الحياة، وتوفر الفرص الوظيفية، على الأثر تواجه المدن الكبرى في الوقت الحاضر كالرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة تكدساً سكانياً لكل طبقات المجتمع بكافة مستوياتهم.

لمعالجة واقع التكدس السكاني بالمدن الكبرى يتطلب تنمية المدن الطرفية، فالعاصمة الرياض مثلاً لن تتوقف بها عجلة التنمية وزيادة الكثافة السكانية إذا لم يتم النظر للتنمية في المدن الصغيرة (المحافظات والمراكز التي تتبع مدينة الرياض إدارياً)، فعندما يتوفر بالمراكز والمحافظات المخططات السكنية بأسعار منخفضة، أو تتوفر المنح لذوي الدخل المحدود سيتوافد السكان لهذه المحافظات بكثافة بعيداً عن الضجيج بالعاصمة الرياض.

في ذات السياق تشهد مدينة جدة كثافة سكانية لعدم اكتمال البنية التحتية بعد عمليات الإزالة التي شملت معظم الأحياء الشعبية، فمدينة جدة بوابة الحرمين الشريفين تربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ناهيك عن كونها مدينة سياحية في فصل الشتاء، واقتصادية عبر موانئها التجارية، في حين نجد مدينة الليث الواقعة جنوب جدة بمسافة 200 كيلو متر تُعاني من حالة ركود تجاري وعمراني، هذا الركود يُعزى للهجرة السكانية باتجاه مدينتي مكة المكرمة وجدة والذي أسهم في زيادة نسبة السكان بالمدينتين بكثافة عالية.

مدينة كالليث يمكن أن تخفف الضغط السكاني على المدينتين مكة المكرمة وجدة عندما تحظى كغيرها من المدن بالمزيد من التنمية عبر إنشاء ميناء رديف على غرار ميناء جدة الإسلامي لخدمة سكان الساحل والسراة، ومطار دولي لنقل الحجاج والمعتمرين القادمين من أفريقيا واليمن وشرق آسيا مع توفير شبكة للقطار السريع لنقل قاصدين بيت الله الحرام مروراً بميقات يلملم(السعدية)، لا سيما للراغبين منهم بالوقوف بالميقات قبل الوصول إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج أو العمرة.

خاتمة المقال: التفكير في إنشاء مدينة للمتقاعدين خارج المدن الكبرى من شأنه استقطاب السكان بعيداً عن ضوضاء المدينة، من وجهة نظر الكاتب فإن المنطقة الواقعة بين الطائف والباحة رُبَّما تكون الأنسب لقربها من مكة المكرمة لإقامة الشعائر الدينية و منطقة الباحة للسياحة والاستجمام، واعتدال مناخها صيفاً وشتاءً، سوف تكون المدينة جاذبة للسكن والاقامة عندما تتوفر بها المخططات السكنية بأسعار رمزية أو عبر منح لذوي الدخل المحدود، يُقام بالمدينة مستشفى تخصصي لتوفير الرعاية الصحية لكبار السن والمرضى، وأندية رياضية، فالمتقاعد له حق على المجتمع كنوع من التكريم والتبجيل لهذه الفئة التي قامت بواجباتها الوظيفية على الوجه الأكمل حتى نهاية الخدمة.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *