صحيفة النماص اليوم :
يحلق طائر العقعق العسيري، وهو طائر نادر مهدد بالانقراض، بين جبال سروات عسير (جنوب السعودية)، حيث يواجه تهديداً لموائله بسبب التوسع العمراني والزراعي، وفقاً لمصور سعودي قضى سبع سنوات في توثيق حياة الطائر وتتبع سلوكه. وأوضح المصور عوض الشهري، عضو مؤسس في جمعية حماية الطيور في السعودية، لـ”العربية.نت” أن ما دفعه لهذه الرحلة الطويلة هو مشاهدته المستمرة منذ سنوات طويلة لهذا الطائر في بيئته الطبيعية بجنوب السعودية، ورغبته في تقديم ملاحظات علمية قد تساعد على إنقاذه من خطر الزوال. ورصدت دراسات ميدانية أن أعداد طائر العقعق العسيري لا تتجاوز الـ100 زوج، متنقلة بين غابات العرعر في المنطقة الواقعة بين مركز السودة ومحافظة تنومة، ما يعكس ندرة هذا الطائر وأهمية الحفاظ عليه. وأشار الشهري، الذي قام بنشر عدة كتيبات في مجال الطيور، إلى أن العقعق العسيري كان يعتمد في تعشيشه على أشجار العرعر بنسبة 60% وأشجار الطلح بنسبة 40% تقريباً، لكنه اضطر مؤخراً إلى الاعتماد بشكل أكبر على أشجار الطلح، حيث ارتفعت نسبة اعتماده عليها إلى ما يقارب 80% نتيجة ظاهرة موت أشجار العرعر التي كانت جزءاً أساسياً في بيئته. ويتميز الطائر، بحسب كتاب “الطيور في السعودية” الصادر عن شركة “أرامكو” السعودية عام 2021، بكثافة اللون الأسود في الريش وتدرجات اللونين الأخضر والأرجواني في الذيل، بالإضافة إلى جناحين وذيل قصيرين وأقدام ومنقار أكبر بكثير. ويختلف عن نظيره العقعق الأوراسي الشائع في أوروبا وآسيا، إذ اعتُبر في عام 1936 امتدادًا لسلالة العقعق الأوراسي، لكن الدراسات العلمية التي تواصلت لعدة عقود أكدت استقلاله كنوع خاص. وفي عام 2016، أعلنت جمعية الطيور العالمية على أنه نوع مستقل بحد ذاته وأعطي الاسم العلمي حاليًا “Pica Asirensis”. كما أنه منعزل في منطقة عسير على بعد أكثر من 1200 كيلومتر عن أقرب وجود للأوراسي. وتعمل الجهات المعنية في السعودية على حماية الحيوانات المهددة بالانقراض، بما في ذلك العقعق العسيري، من خلال برامج إكثار وإعادة توطين الكائنات الفطرية في 10 إلى 15 موقعًا سنويًا، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية “واس”. كما أجرت شركة “أرامكو” في 2018 دراسة بحثية لحصر أعداده وتوزيعه في بيئته الطبيعية، واستخدمت أجهزة تتبُع متطورة لمراقبة سلوكه وأماكن تواجده. وأضاف الشهري أن التوسع العمراني والزراعي في المنطقة يشكل تهديداً كبيراً على موائل الطائر الطبيعية، حيث أدى إلى تدمير جزء كبير من بيئاته، ما يعتبر من أكبر التهديدات التي تواجه العقعق العسيري حالياً. ويوضح الشهري أن الطائر، في سعيه للبحث عن الغذاء، أصبح يقترب من المناطق السكنية، حيث يعتمد بشكل متزايد على بقايا الطعام التي يتركها الإنسان، مما يعرضه لمخاطر اقترابه من الحيوانات الأليفة مثل القطط، والحيوانات المفترسة كالكلاب والثعالب وقرود البابون. وذكر كتاب “الطيور في السعودية” أن هذا الطائر يتغذى على الحشرات والنمل والنحل والجراد وبذور النباتات والفاكهة، إلى جانب توت الحبوب المتساقطة والأرز المسلوق في مواقع التنزه. ويضع العقعق من 5 إلى 7 بيضات تقوم الأنثى بحضانتها لمدة تتراوح بين 16 إلى 22 يومًا، إلا أن بقاء الفراخ يعتمد على توفر الغذاء وأمان العش من المفترسات. ويؤكد الشهري أن تغذية العقعق العسيري على بقايا الأطعمة البشرية غير مناسبة له، حيث تفتقر هذه الأطعمة إلى العناصر الغذائية اللازمة للطائر. ويقترح عدة حلول لدعمه، منها إعادة تأهيل الموائل المتدهورة وحماية الموائل الحالية، إضافةً إلى توعية المجتمع المحلي حول مخاطر تغذيته ببقايا الطعام، مشيرًا إلى أن هذه الجهود مجتمعة تشكل “طوق النجاة” الذي يحتاجه هذا الطائر للبقاء.
التعليقات